(النقابات المنسية)
يدور حاليا جدل في الأوساط النقابية والحزبية وفي أوساط العاملين في الحقل العام، حول تحديد موعد الانتخابات للنقابات المهنية، دون أن يلتفت احد إلى أن هناك إستحقاق لانتخابات النقابات العمالية، البالغ عددها (17نقابة)عدد قليل من المهتمين بالشأن العام وبالكاد يعرف البعض أسمائها، بما فيهم القطاعات التي تمثلها هذه النقابات المغيب دورها بقرار سياسي.
النقابات العمالية، قامت بالدعوة لانتخابات في شهر آذار القادم، والملفت بأن هذه النقابات، تدعو عضويتها للمشاركة عبر أحد الصحف الغير مقروءة ولمرة واحدة، وربما الهدف من ذلك حتى لايقرأها احد.
هذا الفعل يتم بشكل ممنهج، حتى يعاد إنتاج القيادات المتكلسة على رأس هذه النقابات والتي يعاد إنتاجها، تحت مسمى (انتخاب) رؤساء النقابات والاتحاد العام، من أجل يقوموا بالدور المناط بهم، وهو خدمة أصحاب العمل على حساب العمال،الذين يتم التعامل معهم بصفتهم في آخر سلم أولويات هذه الفئة المتكسبة على حسابهم، والتي من أهم إنجازاتها تدمير العمل النقابي وقطع الطريق امام العمال الحقيقين أصحاب المصلحة بالتغيير، من الوصول لصياغة برامج تساعدهم على تحسين واقعهم الذي تم تدميره وبتواطئ من نقاباتهم المزعومة.
النقابات 17 وخلفهم الاتحاد العام، عدا انهم يقدمون نموذجا رديئا، للعمل النقابي العمالي، فهم يحتكرون تمثيل العمال، الذين النسبة الأكبر منهم لا يعرفون مقر نقاباتهم اومقر الاتحاد العام، الذي بات همه الوحيد العمل مع المؤسسات الدولية،وبالتاكيد ليس لأغراض خدمة العمال، وإنماخدمة لمصالح ذاتية بالمطلق.
النقابات العمالية في بلادنا،تقدم نموذجا استثنائيا، عن الفعل المعهود للدور المناط بها، ليس على مستوى المنطقة وإنما عالميا. نقابات باتت أشبه بإقطاعيات،فهي ثبتت مبدأ التوريث، وعملت مع الحكومات على فرض النظام الأساسي الموحد للنقابات العمالية.
نظام اساسي غير ديمقراطي، يسمح لهؤلاء الجاثمين على صدور العمال منذ أكثر من ثلاثة عقود، بالاستمرار في مواقعهم، وبمساعدة السلطة، التي حصرت عدد النقابات ب17نقابة وكأنه لم يخلق لهم بديلا.
ان النقابات العمالية في الأردن تتمع بحالة من “الفرادة والتميز”، عن اي بلد في هذا العالم، فهي مؤسسات شبه حكومية، ويتم تمويل الاتحاد العام بالكامل من وزارة المالية، نقابات لا يوجد عليها رقابة، وهيئتاتها العامة (أن وجدت) فهي مغيبة ولا تلتئم.
رؤساء هذه النقابات لهم رواتب ومكافآت، وبدل سفر، وتنفيعات متعددة لهم وللمحطين بهم، تدفع من قبل مشغيلهم. وهنا يوجه السؤال التالي للبرلمان والحكومة معا وتحديدا لوزير العمل الذي أشبعنا بطولات قبل توليه للنمصب.
هل يحق لهذه الفئة التي لا تمثل سوى أقل من 4٪من عمال الأردن والتي لادور لها سوى خدمة مصالح شريحة طبقية ضيقة وفاقدة للشرعية أن تحتكر تمثيل العمال؟ مع العلم ان الحكومة، تعلم جيدا بأن بعضهم لايوجد اصلا له نقابة؟والمضحك المبكي أن شعار الاتحاد العام (حماية-عدالة-عمل لائق) .
ونحن لانرى بوجود هذه الفئة، التي عدلت القوانين من اجل ان تبقى متسيدة للمشهد العمالي، بأنها وفرت الحد الأدنى من الحماية للعمال، بل على العكس فهي تركتهم فريسة لأصحاب العمل، وقد رأينا ذلك من خلال الفصل التعسفي وإنهاء العقود دون مصوغات واضحة وتخفيض الرواتب مستندة للقرارات الحكومية.
والعدالة التي يرفعها الاتحاد كشعار، ليس للعمال فيه نصيب منها سوى أنها وللأسف شعار زائف، لا قيمة له، أما شعار العمل اللائق، فلا نسمع أن هذه النقابات، قد قامت بجولات ميدانية، أو نشرت موقفا يقول لنا فيه بأن هناك تجاوزات تتم بشكل غير لائق وغير قانوني بحق قطاعات عماليه.
كما أنها لم تقدم لنا يوما قراءة عن واقع العمال، وظروفهم عملهم، والممارسات التي تتم بحقهم، وتحديدا في ظل جائحة كورونا.
إننا الآن بأمس الحاجة إن أردنا الخروج من المأزق التي تعيشه الحالة النقابية العمالية، إلى قانون عمل ديمقراطي، يؤكد على حرية التنظيم النقابي، ويلتزم بما جاء في الدستور، حول الحق بتأسيس الجمعيات والأحزاب والنقابات.
ومن الواضح أن الحكومة ومعها البرلمان غير معنية بهذه المسألة، وهي مؤسسات بطابعها محافظ، وتعمل على تابيد الواقع.
لذا إن أرادت الحركة العمالية الأردنية تغيير واقعها عليها توحيد قواها والتصدي لكل سياسات الإقصاء المنهجي التي تتم بحقها.
عماد ياسين المالحي
منسق حملة صوت العمال
وعضو المكتب السياسي لحزب الوحدة الشعبية