هل نحن جديرين فعلا بأعيادنا !؟
ألم نتفق بأن من ليس جديرا بالأعياد، ليس جديرا بالحياة !؟
بالطبع نحن نستحق أن نحتفي بالأعياد.
ولكن هل نحتاج في عيد ميلاد المسيح إلى إستحضار صورة لمئذنة مسجد، وبرج كنيسة متعانقين لنثبت بأنا نعيش حالة من الإنسجام الطائفي!؟
برغم النوايا الطيبة، لكن للأسف فإن هذه الصورة النمطية لا تستطيع أن تحجب حقيقة المنزلق الهوياتي الثقافي الذي إنحدرنا نحوه، ولا ضحالة الأدوات النظرية المعرفية المستعملة في مواجهته، ولا سوءات “فتاوي التحريم الظلامية” التي تتكاثر “بالصدفة” كلما كنا بحاجة إلى لحظات إنسجام شعبية ووطنية!!
وأكثر ما نخشاه، أن يكون افتعال مثل هذه الصور النمطية عن التسامح الديني أو المذهبي أو الطائفي، انما هي محاولة بائسة لستر الشرخ الذي بات يفتك بمجتمعاتنا من المحيط إلى الخليج..
هل نحن بحاجة مثلا، لرسم مئذنتين إحداها بعمامة بيضاء وأخرى بعمامة سوداء كلما أردنا الإحتفال بأعياد المسلمين؟ أو شماغ أسود وآخر بلون أحمر كلما أردنا إفتعال حديث عن الوحدة الوطنية.. وقس على ذلك في كل مناسبة وفي كل قطر..
لأن اكثر الصور ابهارا وإخراجا، لن تستطيع ان تمحو من اذهاننا ولو صورة واحدة لابرياء قتلوا وشردوا وانتهكت حرماتهم -وما زالوا- بكل قسوة، وبإسم الدين/ أو الطائفة/ أو المذهب/ أو التعصب الاقليمي.. وعلى طول الوطن العربي وعرضه.
لا يجوز التعامل مع الهويات كشكل من الوجبات السريعة، ولم تكن الهوية يوما، ولا الأعياد حالة معلبة مفتعلة.. الإحتفاء بالعيد هو تعبير شخصي وجماعي وجداني تلقائي، نعيشه بفرح بدواخلنا دون إفتعال، ويعكس وعيا مجتمعيا وثقافيا راقيا.
وليس التطرف والإقصاء عند البعض، والذي نكتوي بناره حاليا إلا نتيجة لوباء الفقر والجهل، وهجمة العولمة الليبرالية المتوحشة، ودور أتباعها من بني جلدتنا، في محاولاتهم لبيع الأوطان وتفتيتها، وتفكيك المجتمعات..
وليس التطرف إلا تعميما لإقتصاد السوق، وترجمة لنزعة الرأسماليين الإستغلالية الأنانية.
إرفعوا صورا كما تحبون للتدليل على التسامح ونبذ التفرقة، ووزعوا بطاقات معايدة من كل الألوان، ولكن المعالجة الحقيقية لهذه النعرات الفئوية والعشائرية والإقليمية والمذهبية، لن تكون دعوية أو لاهوتية أو مناشدات وجدانية فحسب، بقدر ما هي إشتراطات لبناء مجتمع المساواة والكرامة والعدل لجميع مواطنيه، وجزء من معركة التحرر الوطني، والمشروع التحرري النهضوي العربي.
من أجل أعياد سعيدة ومجيدة ومباركة مشتركة في مجتمع واع وسيد وحر، لنعمل معا على مقاومة المشروع الإمبريالي الصهيوني، ولتكن أعيادنا مشتركة وفرحنا جماعيا.
………………….
وليس هناك أحوج منا لروح الأعياد،
تغمرنا حبا وفرحا!!
وتنشر السلام على ربوعنا، عدلا ونورا وكرامة!؟
عيد ميلاد مجيد لأهلنا ولأوطاننا..
مولدك رحمة وسلام يا سيدي المسيح عيسى.