مقالات

هل يحمل اليسار وزر متساقطيه؟؟

أو كيف يحول اليساري السابق بندقيته نحو رفاقه السابقين..

اليسار لم يعِد أحدا بالخلاص الفردي، ولا بإمتيازات الرفاهية، ليس لأنه لا يملكها فحسب، وإنما أيضا، لأنه يعمل من أجل الخلاص الجماعي.

بعض من “متعاطي” اليسار، خان فصيله اليساري أيدلوجيا، أو أمنيا، أو الإثنتين معا، أو لنقل ببساطة بأنه قد غادره وإبتعد، وكوّع في دفء بركات السوق ومراكز المال.

اليساري الحقيقي لا يخون ولا يكوِّع لأنه ببساطة غير قادر على خيانة وعية وطبقته، حتى ولو غادر جماعته. بينما اليساري الملتبس يقترف ذلك بكل خسة.

اليسار ليس ماركة مسجلة، أو كليشه منمق، ولا هو إرث جيني مطبوع على كروموزومات المرء طوال حياته.

واليساري لا يدعي الطهارة التامة، وقد يخطئ، وقد يفشل، ولكن اليسار هو هوية وقيم أخلاقية، وموقف فكري طبقي ومشروع وبرنامج ينحاز إلى جانب العمال والفقراء والمحرومين، ضد أصحاب رأس المال والمُستغِلين، ويناضل مع الطبقات المهمشة والمُستغَّلة لتحقيق العدالة والمساواة والتقدم في المجتمع، على طريق بناء الإشتراكية.

أما أشباه اليسار من المٌفتعلين، فهم يسقطون في أفخاخ اليمين ومستنقعاته، ويستبدلون ما تعلموه من ضرورات الفرز الطبقي الإجتماعي، إلى فرز المجتمع رأسيا، على أسس عنصرية وعرقية وطائفية، تحت وطنية.

في رحلة البحث عن خلاصه الفردي، ومصالحه الخاصة، يتسلق اليساري “النجيب” على رقاب الطبقة التي كان يمثلها، ليحظى بجائزة الترضية أو مكافأة نهاية الخدمة.

“نجباء” اليسار هؤلاء، يوظفون يساريتهم المغدورة لخدمة اليمين.. “أول الرقص حنجلة”؛ والحنجلة تبدأ بالدفاع عن السلطة بشكل موارب، ثم يبدأ الرقص؛ بتبرير سياساتها وإستبدادها وقمعها، قبل أن يرتموا بأحضانها بعد أن يتعروا بالكامل.

تُوفر “فطنة” اليمين، وخاصة أجنحته الليبرالية، حواضن دافئة لبيوض اليسار الفاسدة.

وفي دول تكون فيها النخب السلطوية رثة وفاسدة، وعديمة الكفاءة، يتم “إستقطاب” اليساري الواصل الجديد -في الغالب- من البوابة الأمنية، قبل أن يدفع به إلى البترينة السياسية.

ويصبح هذا “اليساري” بدوره، وبما يغدقون عليه من مناصب وألقاب ورفاهية ومستوى معيشي رغد، حبيس وضعه الجديد، ومدافع شرس عن مستوى معيشته التي لم يعد قادرا على التراجع عنها، أو العيش بأدنى منها.. فيحشد كل ما راكمه من سفسطة يسارية فاسدة، وفهلوة تكتيكية، ليحولها إلى خناجر بيد اليمين، ومبرر لسياساته وقمعه. 

وعندما تتخبط الدولة بأزماتها الإقتصادية الإجتماعية، يبرز دور “الرفيق السابق” مجددا، ولكن هذه المرة ك “بوليس” سياسي بنزعة فاشية؛ يوجه أحقادة ضد رفاق الماضي.. يميع إستحقاقات الصراع الطبقي الإجتماعي، ويقحم المجتمع في صراعات مفتعلة بينية عبثية، لفائدة الطبقة التي وظفته، بينما تُدفع الرشاوي من جيوب الطبقات الشعبية المُفقرة والمًهمشة.

لا أعرف إن كان بعض من هؤلاء يدرك سوء حالته أم لا.. ولكنهم جميعا أضاعوا إحترام رفاقهم، وخسروا ثقة الشعب، حتى أنهم أصبحوا مفضوحين أمام مشغليهم.

بواسطة
د. موسى العزب
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى