القاعدة الاجتماعية للعشائر !
في كل انتخابات تستحضر القاعدة الاجتماعية للعشائر.
الحــديــث عــن الـقـبيلة
والعشيرة ليس المقصود ذمهم او التقليل من شانهم، وانما الحديث يدور عن الاستثمار الذي يتم في فقرهم وحاجتهم.
الاسئلة التي تطرح نفسها :لماذا ما زال واقع القاعدة الاجتماعية للعشائر والقبائل يعاني من الفقر والبطالة، وغياب البنية التحتية من تعليم وصحة ومنظومة امان اجتماعي؟ من المسؤول عن هذا الواقع؟ لماذا تستحضر كل دورة انتخابية مما يشعر المرء، بان النيابة قطعة جبن كل يسعى للحصول على حصته؟
المسؤول عنها منظومة الحكم وقانونها الانتخابي، الذي يكرس هذا الدور الذي يتحكم فيه قادتهم العشائريون والقبليون، الذين يروا ان استمرار هذه الحالة مصلحة لاستمرار بقائهم واعتمادهم على القاعدة الاجتماعية للقبيلة او العشيرة او العائلة، في استمرار مصالحهم الفردية والفئوية، ولكنها بذات الوقت تمنع عنهم لأن يأخذوا دورهم في المنظومة الوطنية الجمعية، وتعيد انتاج شروط استمرار معاناتهم .
ان حالة انخفاض الوعي الثقافي الجمعي لأغلبية القاعدة الاجتماعية، لتمكين فئات محددة من السيطرة على هذه المنظومة الهامة في البناء الاجتماعي، التي تلعب دورا هاما في الاستقرار الاجتماعي، افراد القبيلة والعشيرة والعائلة هم مواطنون في اطار الدولة ولهم ولأفراد اسرهم حق عام يتعلق في ضرورة تنمية مناطقهم، عبر اعتبار مناطقهم واراضيهم مكانا للتنمية الزراعية والحيوانية، واعطائها كل الامكانيات في خطط التنمية الحكومية، وايلاء التعليم وانشاء المكتبات العامة والجامعات الزراعية ومختبراتها اولوية لإنشائها في مناطقهم، وانشاء مشاريع الطاقة النظيفة من خلال استغلال الطاقة الشمسية والرياح لتطوير البنية التحتية للمجتمعات القبلية والعشائرية، وايلاء اهمية قصوى لتطوير دور المرأة واعتبارها مهمة وطنية ملحة.
لا يمكن دمج القاعدة الاجتماعية للعشائر والقبائل في اطار المنظومة الوطنية الجمعية، الا من خلال دمجها بعملية الانتاج الاجتماعي وفك ارتباط الفرد او المجموعة العشائرية بالمصلحة الوظيفية النفعية الريعية، لتحويلها لمصلحة مرتبطة في المشاريع الانتاجية، التي من خلالها يتم تطوير ادوات ووسائل المفاهيم المعرفية لتحويل الولاء للعشيرة او القبيلة للولاء للوطن الجامع.
ان رفع مستوى الثقافة المعرفية العامة يتم من خلال تحويل مصلحة قادة العشيرة الى مصلحة عامة لأفرادها، وذلك يتحقق من خلالها تفعيل طاقة ابنائها، من طاقة تستخدم لمصلحة الفرد او مجموعة افراد، الى قوة من اجل اندماجهم المتساوي في الحقوق والواجبات كأفراد منتجين في المجتمع، وتفعيل منظومة الحقوق الوطنية التي يقرها القانون، من خلال برامج اقتصادية واجتماعية وسياسية، التي تسقط وتحول التنافس العشائري بين القبائل، الى تنافس في عملية برنامجية وطنية جمعية، لبناء المجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ويتحول التنافس بين العشائر والقبائل الى تنافس وطني، توظف فيه قوى الدفع العشائري الى حالة منظمة سياسيا تعتمد الخطط والبرامج الوطنية معيارا لتنافسها، ويصبح ناظمها قائم على اساس المواطنة التي يحفظ حقوقها القانون، وليس زعماء العشائر الذين يوظفون قوة الدفع لمصلحة اهداف مصلحية فئوية.
ان الدعوة لإطلاق المشاريع الزراعية والحيوانية في المناطق الريفية، وبناء جامعات متخصصة من اجل تطوير هذه المناطق واستثمار امكانياتها الاقتصادية والبشرية، هي المدخل لتطور الوعي ونقله من ثقافة القبيلة الى ثقافة المجتمع الجمعي، الذي تتداخل مصالحه بشكل مشترك مع بقية الفئات الاجتماعية، للتأكيد على ان مصلحة افراد العشيرة او القبيلة هي مصلحة وطنية، وحقوقهم ليس مدخلها فرد او فئة بل القانون الذي يحمي حقوق الفرد في اطار الدولة.
عشرات السنين والقاعدة العشائرية تعاني من الفقر والبطالة، وضعها كحال الفئات الاجتماعية الاخرى، وبالرغم من سيطرتهم على الجهاز البيروقراطي في الدولة، التي تعاني من مديونية وازمات ذاتية بنيوية، لا يمكنها الاستمرار في السياسة الريعية التي تعتمد على المساعدات الخارجية، التي تقدمها المؤسسات الدولية لأسباب سياسية، عندما تنتفي هذه الاسباب، ستتحول هذه المساعدات لنقمة على الفئات الاجتماعية العشائرية وستكون اول المتضررين من وقفها او تقليصها.
الاساس بناء قاعدة انتاجية لتحويل مناطق العشائر لإنتاج الثروة الزراعية والحيوانية وصناعاتها التكميلية. وتعزيز الدور الوطني الجمعي لأفرادها على قاعدة سيادة القانون على الجميع وتساويهم بالحقوق والواجبات مع بقية الفئات الاجتماعية .