الانتخابات النيابية
بعد حسم إجراء الانتخابات النيابية في العاشر من تشرين الثاني القادم للمجلس التاسع عشر، بدأ الحراك الانتخابي سواء من الأحزاب السياسية أو الشخصيات المستقلة، كما بدأت بالظهور المزيد من الأسماء التي تنوي الترشح والسعي لبلورة قوائم في الدوائر الانتخابية.
فالانتخابات هي استحقاق دستوري وقانوني وحق من حقوق المواطنين لاختيار من يمثلهم ويحمل همومهم إلى البرلمان، كما أن الحرص على إجرائها في موعدها الدستوري يعتبر شيئًا إيجابيًا ومطلبًا شعبيًا.
فهذه الانتخابات ستكون مختلفة عما سبقها ارتباطًا بالظروف الراهنة، لأن البلاد ما زالت تعاني من جائحة كورونا وما يرافقها من حظر ومنع التجمعات، وفق قانون الدفاع الذي جرى استغلاله من قبل الحكومة للتضييق على الحريات العامة، وخاصة في قانون الجرائم الإلكترونية الذي أصبح سيفًا مسلطًا على حرية الرأي والتعبير. ولا ننسى قانون الانتخاب الحالي الذي حصلت عليه تعديلات عديدة لكنه بقي قاصرًا عن تحقيق العدالة في التمثيل، ناهيك عما يسببه من هدر الكثير من الأصوات الانتخابية وبالتالي فإن مخرجات القانون لن تختلف كثيرًا في الانتخابات القادمة عما كانت عليه في الانتخابات السابقة.
كل هذه العوامل في حال استمرارها ستشكل بيئة سلبية على الانتخابات.
أما المزاج الجماهيري تجاه الانتخابات فهو في أدنى درجاته للأسباب المذكورة، يضاف إليها تقييم أداء النواب خلال السنوات الماضية، مما شكل حاله من الإحباط وتساؤلات تتعلق بأداء النواب، لأن الشعور العام يتلخص بالسؤال ماذا أنجز النواب وهل قاموا بمهماتهم التشريعية والرقابية على الوجه الأكمل، لأن الناس كانت تسمع خطابات النواب الشعبوية والتي سرعان ما تتحول عند التصويت إلى الموافقة على ما تريده الحكومة، وبالتالي اصطفاف النواب مع الحكومة لكسب رضاها. هذه الأجواء ستلقي بظلالها على مجمل العملية الانتخابية ومخرجاتها، مما يتطلب السعي لتجاوز هذه الأجواء وذلك بوقف التعامل بقانون الدفاع، لإفساح المجال لحرية الرأي والتعبير وإطلاق سراح المعتقلين على خلفية التعبير لتحسين البيئة الانتخابية وتوسيع هامش الدعاية الانتخابية والتواصل مع الناخبين وحشد الناخبين يوم الانتخاب.
ونرى أن المجلس القادم عليه إقرار قانون انتخابي ديمقراطي يوفر العدالة في التمثيل ويحد من هدر الأصوات ويوفر فرصة لوصول الأحزاب السياسية إلى البرلمان، لأن الطريق الأقصر إلى ذلك هو قانون يعتمد المملكة دائرة انتخابية واحدة مع اعتماد صيغه القائمة المغلقة، ليتحول حينها من منافسة بين الأفراد إلى منافسة بين البرامج المعبر عنها بالقوائم البرامجية ليقوم الناخب باختيار القائمة التي يريدها بصرف النظر عن مكان إقامته داخل المملكة، مما يجعلنا أمام مجلس نيابي يمثل كافة شرائح المجتمع ويحظى بثقة جماهيرية أعلى.
مع ضرورة منع استعمال المال السياسي في الانتخابات، لأنه يعتبر أحد أوجه الفساد من خلال شراء الأصوات أحيانًا، والتأثير على الانتخابات ونتائجها في نهاية المطاف.
نقول ذلك ويحدونا الأمل بأن تستجيب الحكومة لما هو مطلوب منها لنكون أمام انتخابات ناجحة ونزيهة تفضي إلى برلمان قوي وفاعل يتصدى للمهمات بمسؤولية عالية منطلقًا من المصلحة الوطنية العليا للشعب والوطن على حد سواء.