مقالات

“إسرائيل” والتفوق النوعي/هيثم صادق

رغم ما ابدته دولة الامارات العربية المتحدة من حسن نوايا تجاه دولة الاحتلال الصهيوني “اسرائيل”، وما أكدته دبي من استعداد لتوقيع اتفاقية تطبيع مع حكومة تل ابيب، فان ذلك لم يشفع لدولة عربية (الامارات) تجاوز الفيتو الاسرائيلي لتوقيع صفقة لشراء طائرات (ف 35) الحديثة الصنع، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول الرؤية الصهيونية العنصرية التي ترى في العرب حتى من يخرجون عن مبادرة الجامعة العربية للسلام ويقبلون باتفاقيات سلام وتطبيع منفردة مع “اسرائيل”، ويسقطون جدار المقاطعة الاقتصادية لدولة الاحتلال في ظل اصرار تلك الدولة على ممارساتها العنصرية في إبادة الشعب الفلسطيني ونهب الارض وهدم منازل الفلسطينيين وتقييد حقهم في البناء وانتهاك مقدساتهم وزج الآلاف من شبابهم في السجون، وتجاوز كل مبادئ العدالة الانسانية وتشريعات القانون الدولي في احترام وصون حقوق الشعوب تحت نير الاحتلال.

ان اصرار “اسرائيل” على ابقاء الحظر والعقوبات حتى ضد دول التطبيع، ومنها حظر بيع الاسلحة لهم، كما حدث في صفقة الطائرات التي ارادت دولة الامارت شراءها يؤكد ان “اسرائيل” تعمل بدأب لابقاء تفوقها النوعي في المنطقة، وان تبقي الدول التي تطبع معها مجردة من وسائل القوة العسكرية والاقتصادية والامنية بل وحرمانها من بناء قاعدة مادية اقتصادية رفيعة المستوى، وذلك لابقائها في حالة عوز دائم للحماية الاميركية- الصهيونية في مواجهة التهديدات الخارجية، وربط اقتصادها بالتبعية الدائمة للاقتصاد الاميركي الاسرائيلي. ان تلك النظرة الاستعلائية العنصرية تفرض على العرب اعادة تقييم المكاسب والخسائر للتطبيع مع الكيان المحتل واحياء العمل الجماعي العربي بعيدا عن الاتفاقيات الثنائية التطبيعية التي تمنح “اسرائيل” المزيد من الوقت لتغيير الواقع الديمغرافي والجغرافي في الارض الفلسطينية المحتلة وكسب الوقت لفرض أمر واقع جديد لصالح الكيان الصهيوني، خاصة في ظل اصرار ادارة ترامب واليمين الصهيوني العنصري المتنفذ في “اسرائيل” على اعتبار الخطة الاميركية للسلام (صفقة القرن) بما فيها الاستمرار في تهويد القدس وانتهاك مقدساتها واعتبارها العاصمة الموحدة لاسرائيل، وتواصل النوايا لسياسة الضم للاراضي الفلسطينية في غور الاردن واراض اخرى. اذ يجب ان يسبق اي اتفاق سلام عربي- صهيوني اعلان اسرائيلي واضح عن التخلي التام عن سياسة الضم والاعتراف بحل الدولتين واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، والا فان تلك الاتفاقيات ستبقى تبديدا للوقت لا يستفاد منه سوى الكيان العنصري الصهيوني والانجيليين المتصهينين في ادارة ترامب. ورغم ان امتلاك طائرات من فئة فانتوم وبمختلف تصنيفاتها لا يعني القدرة على استخدامها في اغراض عسكرية اذ ان شيفرة استخدامها لتلك الاغراض حكر للولايات المتحدة لم تعطها الا ل “اسرائيل” (كما اكد الرئيس مهاتير محمد في برنامج (شاهد على العصر) في قناة الجزيرة في معرض حديثه عن اسباب استنكاف ماليزيا عن صفقة شراء طائرات من نفس النوع وبفئة اقل تطورا)، الامر الذي يعني ان ابو ظبي لا يمكن لها استخدام تلك الطائرات الا في اطار استعراضات بروتوكولية ومهرجانات احتفالية لمجرد التفاخر والتباهي ، الا ان الفيتو الاسرائيلي اوقف ذلك، وان استبدل ذلك بوعود عرقوبية بامكانية تنفيذ صفقة جانبية بهذا الخصوص بعد توقيع اتفاقية التطبيع بين الامارات واسرائيل، وهي ذات الوعود الوهمية التي اعطيت للفلسطينيين منذ اتفاق اوسلو باقامة دولة فلسطينية مستقلة ولعقتها اسرائيل بل انتهكتها بفجور. وعربدة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى