بين انفجار البالون الإماراتي وانفجار بيروت الكبير
خطة ترامب من السلام الى الازدهار (صفقة القرن) هي خطة للتنفيذ وليس للحفظ بغض النظر عن من يتواجد في البيت الابيض وهنالك امكانيات وادوات تنفيذية ووسائل مادية لتنفيذها على كافة الصعد. منذ ان طرحت الخطة كان يعلم كوشنير وفريقه ان تنفيذ الصفقة من البوابة الفلسطينية لن يتم وان رفضا فلسطينيا جمعيا سيواجهها وهو يعلم ان الموافقة الفلسطينية مطلوبة من اجل تنفيذ الخطة ويدرك ان السلطة الفلسطينية في مازق سياسي لا يمكن ان تذهب اكثر من الحدود التي لزمت نفسها بها امام الشعب الفلسطيني والعربي بإنجاز الدولة الفلسطينية على حدود ال1967 وان سقف هامشها هو تبادل اراضي محدود . كوشنير وفريقه لم يهمهم الرفض الفلسطيني وهو داخل في حساباتهم اصلا ولديهم القدرة على تجاوزه من البوابة الاوسع .
في احد بنود الخطة وتحت عنوان الحاجيات الامنية الاسرائيلية ورد ضرورة تشكيل لجان ثلاثية ورياعية وخماسية وسداسية مختلفة المهام ولكن جوهرها هو محاصرة الفلسطيني في حلقات متعددة. اتفاق السلام الاماراتي الاسرائيلي هو في الجوهر تنفيذ لخطة كوشنير- ترامب من البوابة العربية وتحديدا الامارات لما سيكون لها دور مستقبلي في معركة خلافة الرئيس عباس الذي ادخل في مرحلة العزل العرفاتي وسيخرج من المشهد بذات الطريقة التي اخرج منها الرئيس الراحل ياسر عرفات. الاتفاق الاماراتي – الاسرائيلي وبغض النظر عن تسمياته لكنه اتفاق انجز بموافقة الرباعية واذا ما اضفنا له العلاقة العمانية – القطرية -الاسرائيلية فان الاتفاق ليس بعيدا عن الموقف الجمعي لمجلس التعاون الخليجي باستثناء الكويت التي سيتم الضغط عليها من اجل الموافقة او على الاقل الحياد الايجابي.
الموقف الاردني عبر عنه الملك عبدالله الثاني في اخر زيارة لدولة الامارات في 23 من تموز هذه الزيارة التي على ما يبدو ابلغ فيها العاهل الاردني بالاتفاق الاماراتي – الاسرائيلي وورد في الحديث الصحفي الذي نشر في وسائل الاعلام عن ان الملك عبدالله الثاني اكد على حل الدولتين ورفض قرار الضم الاسرائيلي. الواضح ان الاتفاق وضع الاردن في موقف محرج وشكل عامل ضاغط اضافي لا يملك خيار رفض الاتفاق او الموافقة العلنية عليه وسينتظر الموقف السعودي المعلن لاعلان موقفه من الخطة او في اقصى الاحوال سيتم الاعلان بناء على نتائج الانتخابات الامريكية في نوفمبر القادم.
انفجار البالون الاماراتي ترافق مع انفجار مفرقعات عنبر 12 الذي ادى الى انفجار بيروت الكبير الذي شابه انفجار موكب الحريري من حيث الشكل والاستخدام السياسي وخلق حالة استثمرت من اجل احداث تغييرات في النظام السياسي اللبناني وفتح الطريق لمرحلة جديدة من الصراع. انفجار بيروت فجر حكومة دياب التي كانت ذاهبة ولو ببطء لإعادة بناء النظام اللبناني وعلاقاته تحت ضغوط الحصار الامريكي الغربي الذي ادرك ان الاستمرار في سياسته العقابية ستشرع الباب لفتح البوابة السورية الايرانية الصينية – اللبنانية مما ينقل لبنان من موقع الى موقع اخر. انفجار بيروت بغض النظر عن من وراءه لكنه في الجوهر خدم المصالح الغربية واغلق الباب على اعادة بناء النظام السياسي وفتح الباب لإعادة انتاج النظام القديم الذي هو مصلحة امريكية غربية اسرائيلية . العودة القوية للخيار الخارجي في المشهد اللبناني يؤكد فشل الادوات المحلية التي استهلكت وكشفت وكان موقفها باهتا في طريقة استثمار الانفجار الكبير. ان عودة الثنائي الفرنسي الامريكي وشنطات اموالهم للضغط يهدف بالجوهر لفك التحالف العوني مع حزب الله في شقه السياسي واعطاء دور اوسع لقيادة الجيش اللبناني والاخطر في الشق الامني الذي سيركز على تحقيق اختراقات امنية من خلال ما قيل عنها مساعدات تقنية لكشف اسباب انفجار بيروت . الفرق الامنية الخارجية (فرنسية- امريكية مطعمة اسرائيليا) سيكون لها مهمة مزدوجة الظاهرية اسباب الانفجار لكن الجوهرية التجسس على المقاومة وسيدها الذي اصبح هدفا مباشرا للأجهزة الامنية المتعددة ان كانت اقليمية او اسرائيلية او امريكية والتي تعتبره صيدا ثمينا ذهبيا سيدفع حملة ترمب ويخرج نتنياهو من مازقه الداخلي وينصبه مخلصا معاصرا لإسرائيل. ان الحفاظ على سلامة سيد المقاومة هي مهمة يجب ان تحظى بأولوية قصوى في هذا المرحلة بالذات. ان اعادة قراءة الواقع السياسي والامني يتطلب وحدة الموقف الفلسطيني وحماية المقاومة اللبنانية – الفلسطينية وتفعيل العمل الشعبي الميداني المقاوم ووقف الندب السياسي وتحويله الى فعل شعبي مقاوم وتشجيع الرئيس ابو مازن على التمسك بمواقفه الرافضة لصفقة القرن وملحقاتها وفك عزلته الداخلية.