فلتصمُت كل الأصوات التي تبرر استمرار الاتفاقيات مع الصهاينة
ما أن رشحت أخبار عن نيّة الحكومة “الإسرائيلية” والتي تشكلت مؤخرًا قيامها ضم أراضي جديدة من الضفة الغربية بما فيها غور الأردن، حتى أخذت بعض الأصوات بالتحليل وافتراض سيناريوهات قد تكون صحيحة أو أقرب إلى الواقع نتيجة قناعتنا بأن المواقف السياسية للحكومات لطالما بقيت في إطار الكلام فقط ولم يترجم أي منها إلى فعل حقيقي يرتقي إلى حجم الحدث وتهديد العدو المستمر.
تلك الأصوات والتي خرجت من بعض ممن يطلقون على أنفسهم “بالمختصين في الشؤون الفلسطينية أو ” الاسرائيلية”، يعزو أحدهم أسباب عدم إقدام الحكومتين الأردنية والفلسطينية على إنهاء اتفاقيتي وادي عربة واوسلو، بأن الدعم الأمريكي والأوروبي سيتوقف نتيجة عرقلة عملية “السلام”، ويضيف الكاتب في تصريحه بأن الأردن استفاد من تلك المعاهدة وكذلك السلطة الفلسطينية؟!
وهنا لا بد من الرد على هذه الأقلام التي إما أنها مستفيدة من تلك العلاقات والمعاهدات المرفوضة، أو أنها تنعق بما يُملى عليها؛ ففي كل مرة تشتد فيها النزاعات السياسية، تخرج تلك الأصوات لتلعب دور تلطيف الأجواء وتمييع المواقف عبر القبول بالواقع الذي فرضته تلك المعاهدات.
الغريب بالأمر، لماذا لم يتطرق أحد منهم إلى التبعات الكارثية التي تركتها تلك المعاهدات؟ هم فقط يتحدثون عن إنجازات وهمية، والتي هي بطبيعة الحال والواقع إنجازات استفاد منها العدو ولم يستفد أحد غيره.
اتفاقية أوسلو التي أُبرمت سنة ١٩٩٣، تلك الاتفاقية خدمت العدو وأعفته من مسؤولياته بصفته محتل للأراضي، وبالتالي لعبت السلطة الفلسطينية هذا الدور، فلو أُلغيت اتفاقية أوسلو فسيكون العدو أمام أزمة تحمُّل المسؤولية كاملة ولتترك الأمور بهذا الشكل أفضل من أن تهوّد الأراضي وتُبنى المستعمرات على مناطق من المفترض أنها تخضع لحكم السلطة الفلسطينية، فضلًا عن الدور الأمني والمخابراتي الذي لعبته قيادات السلطة المتعاقبة خدمةً للعدو وأمنه واستقراره.
كذلك، فإن اتفاقية معاهدة وادي عربة، والتي تم التوقيع عليها في العام ١٩٩٤، لم تجلب للأردن سوى الدمار على المستويين السياسي والاقتصادي، غير أن الطرف الأردني كان ولا يزال الأكثر إلتزامًا ببنودها المجحفة أصلًا؛ فالاردن وبحكم الجغرافيا يشكل أكبر حدود مع الأراضي المحتلة، وقبل توقيع الاتفاقية كان مستفيدًا من حماية الوطن العربي من التهديد الصهيوني ومشروعه التوسعي، فهو خط الدفاع الأول في مواجهة هذا المشروع الاستعماري الاستيطاني.
إن القول والتبرير باستمرار تلك الاتفاقيات، لا يعدو اكثر من كونه تبريرًا يصب في خدمة العدو والتي جلبت له تلك المعاهدات الكثير من الفوائد والمنافع في مجالات المياه والغاز والبُنى التحتيّة والسياحة والبيئة الأمن والاستقرار.
وأما خلاصة القول، سيفرح الجميع بإنهاء كل الاتفاقيات مع العدو، ولتبدأ بوادرها بإلغاء اتفاقية الغاز التي يعتبرها العدو أكبر إنجازاته على المستوى الاقتصادي الذي سيجني المليارات لتحقيق الرفاهية للمستوطنين، وستجعل منه قوة إقليمية إستراتيجية كبرى في مجال الطاقة؛ ولتصمُت كل الأصوات التي لا تزال تبرر استمرار العلاقات مع العدو.