بيان صادر عن منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (WFDY) في ذكرى النكبة
ليست النكبة الفعلية وليدة ٧٢ سنة من ذكرى النكبة الفلسطينية، بل تاريخها فعليًّا يعود إلى ما يزيد عن قرن إثر قيام الحركة الصهيونية، وتبعها نكبات متلاحقة تمثّل أبرزها بطرد الشعب الفلسطيني من بيته وأرضه ووطنه لصالح إقامة الكيان الصهيوني، وبالمجازر والفظائع المتكرّرة التي يجريها الاحتلال الصهيوني بحقّ الشعب الفلسطيني وتمثلت بمواصلته لسياسة الضم والاستيلاء على الأراضي وخاصة في الأغوار والبحر الميت وسن قوانين قديمة-جديدة بوضع اليد على أملاك الغائبين وأملاك الوقف، واستمرار اعتماد نظام الفصل العنصري والهدم والتهجير والتنكيل والقتل والأسر والاستيطان وصفقة القرن… وذلك ضمن خطة ممنهجة تهدف إلى تعميق سياسات دمج الاحتلال في المنطقة العربية بأسرها، سياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا.
ولم تكن لتتمكّن الحركة الصهيونية أساسًا من إقامة “الدولة” المزعومة بـ “إسرائيل” لولا دعم القوى الاستعمارية، وبشكل خاص بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وذلك بعد أن جاءت النكبة كنتيجة لمساعي القوى الاستعمارية للتخلّص من عبء هذه الحركة بالذات، ليصبح تكوين هذا الكيان خدمةً ورأس حربة للمشروع الامبريالي الغربي، بالاعتماد على القوة العسكرية، والاعتماد على تكيّف معظم السلطات الرجعية العربية التابعة مع السيطرة الامبريالية التي ضمنت لها البقاء في موقع القيادة الطبقية، إضافة إلى عملية “أوسلو” التي جسّدت التخلّي عن المشروع الوطني الفلسطيني خدمةً للمصالح الصهيونية والأميركية، إذ لم تأتِ مصالح النخبة الفلسطينية السياسية، كطبقات منتفعة، من خلفية حركة تحرر وطني جذرية، بل كانت مهيّأة وجاهزة للتبعية تحقيقًا لمصالحها من خلال المحافظة على مصالح الاستعمار المتمثل بالنظام الرأسمالي العالمي، وصولًا إلى الاقتصاص من المكافحين في سبيل حركة التحرر الوطني واعتبار قرارات الغرب الرأسمالي المستعمر ومؤسساته الدولية (الرأسمالية) تمثّل الشرعيّة، وأنّها سبيلٌ للتحرّر.
أنتج كل ذلك معاناةً قاسية تكبّدتها الفئات الكادحة من الشعوب العربية، وتمثّلت بالخطر المحدق بها على الصعد المختلفة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والانسانية، والتي أتت بفعل النظام الرأسمالي العالمي، ومحاولات تصريف نتائج أزمته على كاهل الشعوب، بشنّه والكيان الصهيوني الحروب وهيمنتهما على مقدرات وثروات الشعوب العربية، وخنوع الأنظمة الرأسمالية التابعة لهما،.. وصولًا إلى الخطر الذي تواجهه الشعوب الكادحة حاليًّا جرّاء خطر جائحة كورونا، والذي استفحل خطره بسبب النظام الرأسمالي العالمي الاستغلالي نفسه، ويواجهه الشعب الفلسطيني بأقسى مخاطره في ظلّ الاحتلال الصهيوني أيضًا.
كلّ ذلك لم ينهِ الشعب الفلسطيني عن الكفاح إذ أثبت مرارًا قدرته الكفاحية التي لا تفنى ولا تنضب، فابتدع أساليب كفاحية جديدة وبالأخص بعد معركة غزة وانتفاضة القدس، وفي رفضه لما يُسمّى بصفقة القرن التي أعلن عنها الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأميركية مرارًا، في ظل التراجع الأمريكي وأزمة الكيان الصهيوني نفسه، والظروف السياسية الراهنة التي تفرضها المعادلات الدولية الناشئة.
وعليه، يهم المنظمات في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا في اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي (WFDY) أن تعلن الآتي:
- تجدّد موقفها الثابت تجاه حق الشعب الفلسطيني في الكفاح ضد العدو الصهيوني، الذي هو جزءٌ من الكفاح العالمي ضدّ الإمبريالية، إذ أنّ آلية التحرّر من هذا الكيان الصهيوني الغاصب هي آلية للتحرر أيضًا من الإمبريالية، ولا سبيل للفصل بين الاثنين. وتؤكد مجدّدًا على حق العودة للشعب الفلسطيني.
- تعلن تضامنها مع الشعوب الكادحة عمومًا والشعب الفلسطيني بشكل خاص في وجه النظام الرأسمالي العالمي والكيان الصهيوني.
- تحيي كفاح الحركة الأسيرة في معتقلات العدو الصهيوني.
- تدعو إلى بلورة سياسات وطنية بديلة تفرض العدالة الاجتماعية واقعاً، آخذةً بعين الاعتبار المعادلات الدولية الناشئة وتراجع النظام الرأسمالي وفشله الذي تجلّى بالأخص في ما بعد تفشّي جائحة كورونا.
- تجدّد إدانة كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني بما فيها تطبيع الدول العربية الخانعة الذي تسارع في الآونة الأخيرة. وتثمن جهود كل حركات المقاطعة.
- تدين كل الجرائم والحروب التي يشنّها الاحتلال الصهيوني والإمبريالية العالمية بالوكالة مع الرجعيات العربية والتي تفرض ظلمًا لا حصر له بحقّ الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة بأسرها، بما فيها العدوان المتكرر على سوريا ولبنان واحتلال الجولان ومزارع شبعا.
وأخيرًا تؤكّد المنظمات على أهمية تعميق الثقافة المقاوِمة والمناهضة للاحتلال، وعلى مواصلة النضال إلى جانب الطبقة العاملة الكادحة في البلدان العربية والعالم الذي يشكّل مدخلاً لمواجهة الأنظمة الرأسمالية التابعة للامبريالية، عبر بلورة دور وطني مستقل حمايةً لحقوق الشعوب المكتسبة وتحقيقاً للعدالة الاجتماعية.