عالم ما بعد كورونا كوفيد 19
وقفت « النيوليبرالية المتوحشة» عاجزة مغلوبة على أمرها أمام جائحة»كرونا كوفيد19» الذي اختلقته هي نفسها. ووقفت الدول الأوروبية بالاتحاد ككيانات سياسية منعزلة الواحدة عن الأخرى وغير متضامنة فيما بينها، ينخرها مرض الذاتية الرأسمالية «أنا اولا وبعدي الطوفان» «الدولة اولا،وبعدها الطوفان»، فعولمة» النيوليبرالية المتوحشة» تعني بالأساس عولمة الاستغلال ، والعنصرية، والقهر، والمحسوبية، والفساد على اختلاف انواعه، واللاأخلاقية الرأسمالية النيوليبرالية المتوحشة…
فها هي الولايات المتحدة الاميركية الامبريالية، زعيمة الرأسمالية الصهيونية تتخلى عن حلفائها بالعالم الغربي الاوروبي، ويقول المناضل الفلسطيني “الأب عطاالله حنا” عن نذالة وخساسة «دونالد ترامب « زعيم الامبريالية الصهيونية الليبرالية المتوحشة، وهو يوقف تمويله لمنظمة الصحة العالمية ويصف موقفه بأنه موقف «معاد للقيم الأخلاقية والإنسانية وخاصة في ظل وباء الكرونا»، وفي نفس الوقت تتخلى دول الاتحاد الاوروبي النيوليبرالية نفسها تتخلى عن روح التضامن والتآزر فيما بينها، بعد أن انشقت المملكة المتحدة البريطانية عن الاتحاد الاوروبي بإيعاز من أمريكا الصهيونية، وتقف متفرجة متشفية ب «حلفائها السابقين» تنهشهم فيروسات « كرونا كوفيد19» كل على حدى وتقف بقية الدول الاوروبية فرادى امام هذه الجائحة، تدفع كل دولة منفردة عن شعبها مثلا: ايطاليا، فرنسا، اسبانيا، وكذلك انجلترا المُنْشقّة…ـ تجابه جائحة «كرونا كوفيد 19»منفردة إلا من تضامن ودعم دو ل العالم الاشتراكي تحت وازع الوحدة الانسانية والأخلاق التضامنية الاشتراكية، فتهرع كل من الصين. وكوبا. وروسيا. والفيتنام…. بالأطباء، وبالأدوية، ويالتجهبزات والمعدات الطبية..، لنجدة الشعوب الاوروبية ، وغيرهم من شعوب العالم المُصابة… فالعالم الرأسمالي النيوليبرالي المتوحش أثبت أنه عاجز عن حماية نفسه، ومتجرّد من الأخلاق الإنسانية التضامنية، لمساعدة شعوب العالم ،في الوقت الذي يُسلّع البشر. فهذه الجائحة عرت النظام الدولي «النيوليبرالي المتوحش»، وفضحت الدركي الدولي الأمريكي الفاشل، القطب الدولي الوحيد المهيمن. و يبدو فشله الذريع أمام فيروس «كرونا كوفيد 19»، وتجرده من روح التضامن الانساني، وتجلّى عجزه أمام شعوب العالم وخصوصا أمام حلفائه الأوروبيين الغربيين. وأنه ليس اكثر من «نمر من ورق». أخد عالم جديد متعدد الأقطاب يطل برأسه، عالم ما بعد جائحة «كورونا كوفيد19»، عالم أكثر إنسانية ينذر بنهاية عالم القطب الواحد، ونهاية دور دركي العالم الامبريالي الصهيوني الفاشل.، حيث تعززت مكانة دولة الصين عالميا، وأثبتت تفوّقها سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وعلميا، وتقنيا…وبروز قوى سياسية جديدة أخرى موازية دوليا ومنافسة سياسيا واقتصاديا وعسكريا وعلميا وتقنيا، كالهند وباكستان وسنغافورا وماليزيا وكوريا،وكوبا،و.و,و…
لقد انتهى عهد القطب الواحد، وانكسر ظهر الامبريالية الصهيونية، و»النيوليبرالية المتوحشة». وقد انزاحت الامبريالية الأمريكية عن صدارة الساحة الدولية، وعن نادي العالم الأول، بعجزها عن حماية شعبها، وعن التضامن مع حلفائها الأوروبيين، كما انفضح عجز الدول النيوليبرالية الاوروبية عن حماية شعوبها، والتضامن فيما بينها، وسينعكس هذا العجز و»الانزياح» العلني للإمبريالية الأميركية عن الصدارة الدولية، مما سينعكس هذا على الرجعيات التبعية المتبقية على الصعيد العالمي بكل اطيافها وامتدادتها الجيوـ سياسية. لقد انكسر ظهرها وسندها الرئيس …
أمام هذه الأزمة السياسية ستنقلب الامبريالية الصهيونية العنصرية المأزومة «كثور هائج»، او «كالعقرب المحاط بالنيران» كما يقول المثل الصيني، فتسعى في إشعال الحروب، وتأجيج المؤامرات، والتأمر على الشعوب لتُثْبث لذاتها أنها ليست عاجزة، وتحاول عبثا استعادة مكانتها دوليا، لكن هيهات فقد قُضي الأمر، و»هل يُصْلح العطّار ما أفسده الدهر؟» إنه بداية انهيار أعلى مراحل الرأسمالية، إنه انهيار الامبريالية الصهيونية.
ولا يستثنى «الكيان الصهيوني»»اسرائيل» من الانعكاسات الدولية، من العجز والتراجع والإنفضاح والإنزياح الإمبريالي الأميركي الصهيوني،أمام القطب الصيني: الذي اثبت تفوقه اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وعلميا وتقنيا، الى جانب بروز أقطاب جديدة منافسة، وبالتالي سينقلب الإنعكاس سلبا، على القاعدة الأمامية العدوانية العنصرية «الكيان الصهيوني» «اسرائيل»، حيث انكسر ظهرها وسندها الرئيس. أمام هاته الأوضاع والظروف الدولية المستجدة، والمأزومة للإمبريالية والصهيونية الحاضنة للكيان الصهيوني»اسرائيل». وظروف سلبية ذاتية للشعب الفلسطيني بتمزقه بين سلطة الضفة الغربية، وسلطة قطاع غزة،عدى اختلاف ولائهما، وظروف موضوعية مفروضة على الشعب الفلسطيني من محيط انظمة عربية منبطحة، وشعوب ملتزمة بأغلب تنظيماتها السياسية اليسارية والوطنية الديمقراطية واعتبار قضية فلسطين قضية وطنية …ولقد اصبحت هذه الظروف ممكنة التجاوز أمام الانزياح الامبريالي الصهيوني الدولي، وتصدر النظام الدولي متعدد الأقطاب دول ممكن القول أنها نصيرة لحقوق الشعب الفلسطيني، ولا من دوحة للشعب الفلسطيني من إعادة ترتيب اوضاعه الذاتية وعلى رأسها:
ـ استعادة بناء وحدة الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة، على اُسس ديمقراطية تجمع وتوحّد قواه وفعالياته الوطنية والاسلامية واليسارية الاشتراكية، وانتخاب قيادته السياسية الواحدة التي تمثل كل الشعب الفلسطينيني.
ـ اعادة بناء وتفعيل الإطار الوطني الموحد «منظمة التحرير الفلسطينية» كأعلى سلطة وطنية، في اطار استراتيجيتها التحررية. كحركة تحرر وطني مكافحة، تفرض ذاتها اقليميا وجهويا ودوليا. كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
ـ بناء»جبهة وطنية ديمقراطية تقدمية مقاومة» تتشكل من تحالف القوى والفعاليات الوطنية والديمقراطية واليسارية والاشتراكية والإسلامية… الرافضة للإعتراف بالكيان الصهيوني، ولكل الاتفاقات الإستسلامية، من أجل الوصول لبناء دولة فلسطين الديمقراطية التي تتسع لكل ابنائها.
ـ تعزيز العلاقات التضامنية بكل ابعادها، بالجبهة القومية العربية الديمقراطية التقدمية الوحدوية.
أما بقية أنظمة «الاستعمار الجديد» الكومبرادورية المتسلطة على الأقطار العربية، والتبعية للنيوليبرالية الدولية المتوحشة، فقد تعرى عجزها وعجيزتها أمام «جائحة كرونا كوفي19» بتردي البنية التحتية الصحية،والتعليمة، وتخلي الدولة عن واجباتها الاجتماعية، وتفشي ظاهرة البطالة، بإغلاق وتفويت الموسسات العامة )مصحات، ومستشفيات، ومختبراتـ،ومؤسسات تعليمية، وشركات انتاجية عامة ..الخ(، والإجهاز على الحريات العامة، النقابية والسياسية، زيادة على غلاء المعيشة. و تفشي الفساد بأنواعه.. زيادة على تهميش القانون بما فيه الدستور، واستفحال المديونية الخارجية، لتبقى الشعوب تعيش على ما تتكرم به المؤسسات الدولية من ديون تُستثمر وفق شروطها وتبقى الشعوب تلوك استثماراتها الصناعية التي بها تعرقل الإمبريا لية النطور والاندماج العلمي والتكنولوجي للشعوب لتبقى نتوسل استثماراتها، مع انعدام المحاسبة. أوضاع عامة مؤسفة ومحزنة فضحتها عرّنها جائحة «كرونا كوفيد19».
سياسات عامة مستنسخة تنهجها سُلط «الاستعمار الجديد»، تتلخص ب: تفقير الشعوب وتجهيلها، وإفشاء كل مظاهر الفساد،السياسي والاقتصادي، الفكري، والريع ونهب المال العام وتهريبه خارج الوطن، والبذخ والترف، وإفشاء الفكر الغيبي والخرافي القروـ سطوي، والقمع والاستبداد من طرف سُلط دكتاتورية مُنهزمة لا تتوانى عن التسابق للتطبيع مع «الكيان الصهيوني».
اما «الجامعة العربية» فهي مؤسسة وظيفتها التضليل وذر الرماد في عيون الشعوب العربية، يديرها موظفون يساهمون في نهب الشعوب العربية، وتبرير خنوع وانهزامية الأنظمة العربية.
لقد فضح وباء كرونا كوفيد 19 عجزها وانحطاطها وعجز وانحطاط أنظمة «الاستعمار الجديد» وفشلها، وعرّى الواقع المتردي للشعوب العربية والذي لا يمكن أن يستمر بتاتا، ما دامت الشعوب تنشد البقاء والحياة، وهذا يستدعي التغيير، فالتغيير يفرض نفسه لتتمكن الشعوب من ضمان حياتها واستمرارها وبقائها فالصراع تحول لصراع وجود .
أساس التغيير منوط بالقوى السياسية وقدرتها على فرض استبدال سياسات واسترتيجيات تغير مكانة الشعوب في سياسات انظمتها، واعطاءها المكانة اللائقة واللازمة للتعليم، والصحة، والفكر والثقافة العلميين التحررين، واستغلال اموال الوطن، داخل الوطن وفي خدمة الشعب والوطن. وتعزيز التلاحم والتضامن القوميين، وتعزيز الجبهة القومية الديمقراطية التحررية والوحدوية، المناهضة للفكر الصهيوني، والانهزامي التطبيعي، وفي مجال الصراع الاجتماعي الطبقي الذي تخوضه الأنظمة حاليا ومن خلال ترتيبها لمجابهة وباء كرونا بالقمع وإهانة جماهير الشعب الفقيرة والمهمشة، وتجذير وتعميق سلطة الدولة، وتبعية جماهير الشعب، وخضوع وانصياع القوى السياسية والنقابية والجمعوية، للقرارات الفوقية الانفرادية.إن عالم ما بعد «كرونة كوفيد19»، هو عالم انزياح الامبريالية الصهيونية عن الصدارة الدولية، وهذا يفرض تعزيز القوى والتنظيمات السياسية والنقابية والجمعوية الوطنية واليسارية والديمقراطية، كما تفرض وجود وتعزيز»جبهات وطنية ديمقراطية وحدوية «، ويفرض تعزيز الفكر والثقافة العلمية التحررية التضامنية، إنه عالم متعدد الأقطاب ، عالم مابعد كرونا.