نشرة توعوية (13) صادرة عن اللجنة الصحية للحزب
ضمن سلسلة نشراتها للتوعية الصحية حول جائحة فيروس كورونا المستجد، تقدم لكم اللجنة الصحية لحزب الوحدة الشعبية الديمقراطي الأردني نشرتها الثالثة عشر، التي تسلط الضوء على ملف “الصحة العامة” وضرورة تطوير التخصصات المعنية بها وبشكل رئيسي “علم الأوبئة” الذي هو أحد أركانها الثلاثة.
تُعرف الصحة العامة (Public Health) على أنها نشاط حكومي واجتماعي مهم للغاية، متعدد التخصصات والأقسام ومرتبط (يؤثر ويتأثر) بكافة العوامل المؤثرة في الصحة البشرية، وتتسع فروعه لتشمل كافة جوانب الحياة الجسدية والنفسية للإنسان. يضيف عالم الأوبئة الأمريكي الكبير البروفيسور ميلتون تيريس: “هي علم أو فن الوقاية من الأمراض والإعاقات، وإطالة العمر وتعزيز الصحة والكفاءة البدنية والعقلية من خلال جهود تُنظم من قِبل المجتمع لحماية البيئة ومعالجتها ومكافحة الأمراض المعدية وغير المعدية، وكذلك الحد من إصابات الحوادث، وتثقيف الفرد بمبادئ النظافة الشخصية وتنظيم الخدمات لتشخيص وعلاج الأمراض وإعادة التأهيل، وكذلك تطوير الآلية المجتمعية ليضمن كل فرد من أفراد المجتمع مستوى معيشي لائق يصون به صحته“.
إذاً هي علم معقد ومتعدد النواحي، ويستند هذا العلم ألى ثلاثة مصادر أساسية وهي:
- علم الأوبئة (Epidemiology) وهي النواة أو الركن الأساسي لتشخيص الصحة العامة.
- الإحصاء الحيوي (Biostatistics) وهو المسؤول عن جمع وتحليل البينات والأرقام وتفسيرها باستخدام أساليب البحث العلمي.
- طب المجتمع (Social Medicine) وهو الذي يهتم بدور العوامل الاجتماعية في أصل المرض والاعتلال الصحي، والدور الحكومي والمؤسسات التابعة لها في مجالات الوقاية من الأمراض والرعاية الطبية.
سنخصص هذه النشرة للحديث عن علم الأوبئة والذي يعرف بأنه العلم الذي يدرس من خلال عملية ممنهجة، لمحددات الأمراض وتوزيعها والظروف المرضية لكل السكان، حيث يقوم باستخدام المؤشرات والاحصائيات لتشكيل صورة عن النظام الصحي (من حيث الموارد البشرية أو العلمية ومعدلات الوفيات والمرأة والمواليد…الخ) كما يقوم على إدارة ومتابعة وظائف العاملين بالصحة واقتراح الحلول المناسبة.
تكمن أهمية هذا التخصص بانه يقوم من خلال الأبحاث العلمية والعملية الميدانية بدراسة شاملة لواقع المجتمع وطبيعة تشكل المرض / الأمراض، ويحدد العوامل التي ساعدت على تشكيل الحالات المرضية والعلاقات معها ويعمل على الوقاية منها.
العلم الوبائي هو علم عملي يستخدم طرق التحليل النوعية والكميّة حتى يمكن وضع تصور عن العوامل المرضية، وجزء من الطريقة الكمية هو الاستقصاء الوبائي حتى يمكّن الاخصائيين من عمل محاكاة للمرض وطرق انتشاره.
وهنا القاعدة الأساسية لعملية الاستقصاء وهو عدم افتراض أن المرض ينتشر بشكل عشوائي بل بشكل ممنهج، ووضع الخطوات المسببة للمرض وعمل مخطط زمني ومكاني وربطهما مع العامل البيئي للمكان واستخلاص الظروف المسببة للمرض حتى يتسنى لنا وضع الحلول المناسبة لمعالجة المرض، وهذه احدى النظريات التي تستخدم في الطب الوبائي؛ معرفة السبب/شبكة الأسباب وتأثيراته/ها الذي يؤدي كمنتج أو مخرج نهائي الى ما يسمى بالمناورة العلاجية (Therapeutic manoeuvre) واستخلاص الثالوث الوبائي الذي يتكون من العامل المسبب، العامل المضيف (Host)، والوسط الخارجي.
يعمل علم الوبائيات بشكل أساسي على ما يمكن من تطوير علم الأوبئة والخطوات والظروف المناسبة للانتقال من التصرف بشكل مفاجئ في التصدي للأزمات الصحية الى إعطاء الصحة العامة دورها في توقع حدوث المشاكل الصحية والمرونة في التكيف والتعامل معها، ورسم خريطة طريق لمعالجتها. ولذلك ينبغي زيادة مشاركة علم الأوبئة في البحوث السريرية والوقائية وإعطاء رؤى أكثر عالمية للمشاكل الصحية، وتقييم واقتراحات تكنولوجية فعالة في البيئات المختلفة، ويدخل ضمن أدواتها استخدام اللقاحات وتوسيع دائرة استخدامها، وإجراءات التشخيص سهلة التطبيق، وغيرها. كما أن علم الأوبئة يدعم المشاريع التي تسترشد بأولويات الصحة العامة ليس فقط من المنظور الوطني – المحلي بل من المنظور التكامل العالمي.