النزاعات العمالية حق لصاحبها
في التعديلات التي جرت على قانون العمل الأردني عام 2018 ، ارتكب مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان خطيئة كبرى بحرمان العاملين في المنشأة أي منشأة، من التفاوض على المطالب التي يعتقدون أنها حق لهم ، وحصر التفاوض في هذه النزاعات على النقابة فقط مع أصحاب العمل ، علماً بأن صاحب هذه المطالب المتنازع عليها هي للعاملين وليس لغيرهم ، هم من حددها بناءً على قرائتهم لواقع المنشأة التي يعملون فيها والظروف التي تحيط عملهم بها .
تم ارتكاب هذه الخطيئة عندما أقر مجلس الأمة شطب عبارة ” مجموعة من العمال ” من تعريف النزاع العمالي الجماعي بأنه ” كل خلاف ينشأ بين مجموعة من العمال أو النقابة من جهة وبين صاحب عمل أو نقابة أصحاب العمل من جهة أخرى حول عقد عمل جماعي أو تفسيره أو يتعلق بظروف العمل وشروطه ” وتم الإبقاء على النقابة وحدها المخولة بالقانون التفاوض نيابة عن مجموعة العمال صاحبة المطالب ،وشطبت هذه العبارة أيضاً من المادة (44) التي تفصل آلية التفاوض.
هذا التعديل خالف الدستور في المادة (128) بند(1) التي تنص ” لا يجوز أن تؤثرالقوانين التي تصدر بموجب هذا الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس أساسياتها”. إنها مخالفة صريحة للدستور خاصة إذا علمنا بأن الغالبية العظمى من عمال الأردن ونسبتهم تتجاوز 94%من مجموع الأيدي العاملة غير منتسبين إلى أية نقابة ، والأدهى أن هذه النقابات القائمة الحصرية هي طاردة للعضوية لأسباب أصبحت معروفة للجميع .
إن هذا التعديل المخالف للدستور قد حرم العمال في المنشأة حماية مصالحهم ، وتركهم عراة لا حول لهم ولا قوة أمام استغلال صاحب العمل وتعسفه بهم في غطاء قانوني ، إنها هدية مجانية قدمت لأصحاب العمل .
هذا عوضاً على أن التشريع الأردني لا يجيز تشكيل نقابات جديدة حرة وديمقراطية ، حتى يبقى عاملها دون مظلة تحميه ، وليس أمامه سوى التمرد مجبراً على هذا الواقع المتخلف والدفع باتجاه مراجعة شاملة لقانون العمل لإزالة كل الشوائب التي تعيق عمالنا من ممارسة حقوقهم التي كفلها دستور البلاد، والإتفاقيات والمعاهدات الدولية .