مقالات

التعبئة الشعبية ومفهوم المقاومة في مواجهة صفقة القرن

حقيقة واحدة تفرض نفسها دائماً على الأرض، لا مهادنة ولا تراجع عن كامل التراب الفلسطيني حال كل من حمل فلسطين هوية نضالية كفاحية.

صفقة القرن بكل ما تحمل من سوداوية واغتصاب للأرض والحق، تحمل في طيها موت الكيان الصهيوني، في البعد الجغرافي هذه الصفقة أعادت للاحتلال مفهومه الواضح فلم تعد فلسطين هي المحتلة، بل اليوم نحن نتحدث عن الجولان السوري الذي أعلن ترامب اسرائيليته، مزارع شبعا اللبنانية، أراضي سينا المصرية، غور الأردن شرقي ضفة النهر وغربها، نهر النيل بقلب السودان ومصر، الفرات من أرض العراق المجيد، هذا البعد الجغرافي اليوم يعيد خطورة هذا الكيان في قلب الشرق الأوسط إلى توصيفه الصحيح، كيان استيطاني إحلالي صراعنا معه لا يحتمل إلا أن نبقى وحدنا ويندثر هو.
هذه الخطة التي لم تكن براءة اختراع لترامب، بل هي فعل سياسي ممنهج بدأ من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة، بُنيت هذه الخطة على أساس حرب المفاهيم والثقافة بالجوهر، فهذا الكيان لن يملك أن يكون أمة دون أن يملك قصة، فلغة، حضارة فقضية، ولن تُبنى هذه الأمة إلا إحلالاً لأمتنا العربية، فما كان من هذه الكيان وحلفائه إلا العمل على تشويه المفاهيم، تقسيم الشعوب بل وتجويعها، وفرض تقبله من خلال الأنظمة الرجعية العربية، فأصبح التطبيع اجبارياً .

“سيتفاجأ العرب ذات يوم أننا قد أوصلنا أبناء إسرائيل إلى حكم بلادهم “هذا ما بشرت به جولدا مائير، معركتنا اليوم هي معركة تحمل مفصلين على ذات الأهمية مع كل ما ذكر، معركة التحالفات والمفاهيم. الاصطفاف والدعم المتبادل لمحور المقاومة والتأكيد على خيارات مواجهة العدوالأمريكي الصهيوني وإنهاء القطب الواحد.
معسكر الأعداء والأصدقاء ليس ترفًا نظرياً ًهو عمق توصيف المرحلة وتحديد سبل المواجهة، خاصة في ظل غياب المشروع العربي التحرري الشامل.

ضبط المفاهيم


العودة إلى الميثاق الوطني الفلسطيني 1968– البرنامج الإستراتيجي لنضال الشعب الفلسطيني -، الناظم للمفاهيم ابتداءً من الفلسطيني، الأرض الفلسطينية، توصيف الصهيونية، الكفاح المسلح وأشكال المقاومة، العلاقة العربية مع العدو الصهيوني.. الخ هو دستور النضال الفلسطيني ونقطة الارتكاز الأولى التي تُبنى عليها مفاهيم المقاومة والتطبيع، وكامل التراب الفلسطيني، اللاجئين وحق العودة، وما دون ذلك من تشويه ومحاولة لطرح مفاهيم جديدة وفق الأنسنه ووجهات النظر هو خيانة مرفوضة يجب أن لا ننساق لها بل على العكس علينا استدراك تفعيل أساليب الرفض بالتمسك بمفاهيم المقاومة، ورفض التطبيع وتبني المقاطعة الأمريكية والصهيونية.


التعبئة الشعبية والأسرة


قد يبدو بعيداً الحديث عن دور الأسرة بمكوناتها المرأة والشباب في مواجهة صفقة القرن والعبث بالمفاهيم، ولكن إذا ما اتفقنا أن صفقة القرن هي محصلة فترة انكسار نمر بها، وجب علينا التدقيق بالوضع الفلسطيني الداخلي الشعبي والفصائلي، ففي الوقت الذي نرى تردي بالحالة القيادية للشعب الفلسطيني على مختلف أطيافه، نجد الفعل المقاوم الشعبي غير المنظم هو الأمل، ومن يقوم به هم الشباب والمرأة، ارتفاع نسبة المعتقلين السياسيين في سجون الاحتلال من الأطفال والنساء والشباب هي نتيجة قراءة العدو الصهيوني والتقاطه الدور الفاعل لهذه الفئة وهذا ليس بالجديد، حلم جولدا مائير بصباح لا تجد فيه طفلاً فلسطينياً واحداً على قيد الحياة كابوس الصهيونية اليوم،استمرار الفعل المقاوم لجيل لُقب بجيل أوسلو يؤكد على وعي شعبي حقيقي رافض لكل اتفاقيات الاستسلام يتفوق على قياداته.

ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي بتثوير فصائله وإعادة إحيائها اليوم هو ضرورة، اللهث وراء البديل ليس صواباً، الأصل تفعيل الأدوات الموجودة بما يتناسب مع خطورة المرحلة. “الثورة التنظيمية” لإعادة البناء بشكل هرمي كل فصيل بذاته، لنصل إلى إعادة بناء الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني بكامل طيفه وأماكن تواجده، والسماح لقيادات شابة ونسوية باستلام المبادرة هو السبيل.

بواسطة
رانيا لصوي
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى