في ندوة “بين وعد بلفور وصفقة القرن”
د. سعيد ذياب:المطلوب إشعال فتيل المقاومة وتوفير كل عناصر الدعم والإسناد لها.
د. موفق محادين:المطلوب إعادة الإعتبار لمشروع حركة التحرر وليس الكفاح المدني المزعوم.
أقامت دائرة الثقافة والتثقيف الحزبي في حزب الوحدة الشعبية ندوة تحت عنوان : “بين وعد بلفور وصفقة القرن” وذلك يوم الأربعاء 19/2/2020 ،في مقر الحزب الرئيسي في عمان، تحدث فيها كل من :د. سعيد ذياب الامين العام للحزب ود.موفق محادين الباحث والكاتب الاردني ،وقد ادار الندوة د. عارف حمو عضو دائرة التثقيف.
القى الامين العام د.سعيد ذياب كلمة قال فيها:
السادة الحضور.. الرفاق والرفيقات..
في الثامن والعشرين من يناير كانون الثاني عام (2020)، تم الاعلان عن صفقة القرن بعد تأجيلات متكررة، هذه مسألة تدفعنا للتساؤل حول دلالة التوقيت، وما هي الظروف التي انتظرتها الإدارة لإشهار الصفقة.
الأسس التي اعتمدت عليها الصفقة:
قبل الحديث عن الصفقة بكل ظروفها من المفيد الحديث عن المنطلقات والأسس التي اعتمدت عليها الصفقة:
_ وضعت هذه الصفقة أسس لها بعيداً عن كل المعايير الدولية.
_ ابتعدت بصورة واضحة عن كل المقاربات التي اعتمدتها الادارات السابقة سواء لجهة الموقف من المستوطنات أو من مسألة الدولة الفلسطينية.
_ تم تنحية كل القرارات الدولية جانباً واعتمدت منطق القوة وما يمكن تسميته (شرعية القوة).
المهم أنها تبنت السردية “الإسرائيلية” (الرواية الإسرائيلية) وأن فلسطين هي أرض أجداد اليهود، ولا يجوز إنكار صلة اليهود بأرضهم.
أي تنازل لصالح الفلسطينين هو تنازل عن أرض يهودية وهو تنازل مؤلم للغاية تستحق “اسرائيل” الشكر والتقدير عليه!!
القدس هي العاصمة لليهود وعلى مدى ثلاثة آلاف سنة.
ترى الصفقة أن فشل المبادرات السابقة والحلول المقترحة لأنها لم تكن واقعية ولم تعترف بما تحقق على الأرض كأمر واقع من قبل “اسرائيل”.
من يدقق في نصوص الصفقة يجد أنها أعطت أهمية كبيرة للبعد الديني، بحيث تم الاشارة للتوراة في أكثر من مكان لتبرر السردية الاسرائيلية.
أهداف الصفقة، حددت الصفقة اهدافها:
_ ضمان أمن “إسرائيل” على المستوى القريب والبعيد.
_ دفع الدول العربية والإسلامية للإعتراف ب “اسرائيل” والتطبيع معها كدولة يهودية.
_ إغلاق ملف الصراع العربي الإسرائيلي وبشكل نهائي وتصفية القضية الفلسطينية نهائياً.
_ إنشاء تحالف جديد عربي إسرائيلي في مواجهة ايران وتنظيمات المقاومة، تحت ذريعة محاربة الارهاب.
الصفقة ووعد بلفور:
أمر لافت للنظر ويدعو للإنتباه حجم التشابه والمقدمات التي قادت إلى إطلاق وعد بلفور وصفقة القرن:
ثلاثة عوامل مهدت لإطلاق وعد بلفور:
- الأطماع الإستعمارية البريطانية والغربية عموما الرامية إلى السيطرة على المنطقة من خلال تعطيل سبل نهوضها.
- إبقاء حالة التجزئة من خلال تقسيم الوطن العربي إلى كيانات منفصلة ثم فصل مشرق الوطن عن مغربه، تمثل ذلك بالوعد نفسه وما سبقه في مؤتمر كامبل بنرمان عام (1907) واتفاقية سايكس _ بيكو (1916).
- الكنيسة الانجيليكانية ودورها في الدفع بوعد بلفور من خلال الإيمان بالعلاقة بين عودة المسيح وقيام الدولة اليهودية وما ترتب على ذلك بدعم إطلاق وعد بلفور وتشجيع الاستعمار البريطاني لسعي قدما في سياسته لدعم اليهود وتأسيس دولة لهم.
- بريطانيا نجحت في تحويل الوعد كجزء من صك الانتداب.
- الخلل في ميزان القوى لصالح القوى الاستعمارية مقابل الضعف والتخلف الذي عانت منه القوى العربية.
الوعد أعتبر بمثابة الأساس لإقامة الكيان الصهيوني والأساس لطمس الهوية للشعب الفلسطيني من خلال إنكار وجوده واعتباره مجرد طائفة من الطوائف.
أما صفقة القرن فسوف تعمل على استكمال الصورة من خلال طمس الرواية التاريخية للشعب الفلسطيني وبالتالي شطب حق الفلسطيني بوطنه.
انطلق ترامب من الدعم من الكنيسة الانجيلية (المسيحية الصهيونية) ذات النفوذ الكبير بذات المنطلقات الدينية التي حصل عليها وعد بلفور أي دعم الدولة اليهودية اعتبار قيامها شرطا لعودة المسيح.
إن الخلل في ميزان القوى لصالح “اسرائيل” وهو الذي يفسر رفضها التوصل إلى تسوية متوازنة، وإصراراها على تسوية وفق رؤيتها ومطالبها وهذا الخلل هو الذي يفسر حجم الاستهتار بالأنظمة العربية والسلطة الفلسطينية.
كان هناك تقدير بأن أي تسوية للمسألة الفلسطينية لن تجد أي فرصة لها للتحقيق، إلا من خلال احتمالين: الأول: هو تحقيق التوازن في القوى بين العرب و”اسرائيل” وهي تسوية لا تريدها امريكا ولا “اسرائيل”. والاحتمال الثاني: هو القبول العربي بالسلام “الاسرائيلي” وهو ما اعتمدت عليه صفقة القرن.
إن الوجود الأمريكي المنتشرة قواعده في منطقتنا العربية: البحرين حيث توجد قاعدة الجفير من أهم القواعد العسكرية الأمريكية.
قاعدة علي السالم في الكويت ومعسكر عريقجان.
في الأردن قاعدة الشهيد موفق الجوية وقطر قاعدة العديد.
هذا التواجد أدى إلى تداعيات شديدة الخطورة ولعل أخطر تلك النتائج في هذا الخلل في ميزان القوى هو أن هذه الدول راحت تتصرف من منطلقات أساسها بقاء النظام واستمراره مهما كانت التكاليف ومن هنا يمكن فهم عداء هذه الأنظمة للفصائل المسلحة المقاومة ل “إسرائيل” واستعداد تلك الدول للاصطفاف مع “اسرائيل” من جهة واحدة لمواجهة ايران.
رؤية صفقة القرن لحل مرتكزات القضية الفلسطينية:
انطلقت الصفقة في رؤيتها من حل قضية الفلسطينين من خلال استيعاب جزئي في الدولة المقترحة والباقي يتم توطينهم حيث الدول المقيمين فيها،أي حلها خارج فلسطين وعلى حساب الدول المضيفة للاجئين.
تعتبر الصفقة قضية القدس قصة محلولة ومنتهية (بحكم الأمر الواقع) وأنها ستظل العاصمة الموحدة ل “إسرائيل” وأكدت الوثيقة أن تاريخ الشعب اليهودي مرتبط بالقدس منذ (3000) عام، أما القدس الفلسطينية كعاصمة فلسطين فهي تقام في قريتي أبوديس وشعغاط.
الأمن هو الاساس في الصفقة تبدأ به تنتهي به (توفير الأمن لإسرائيل).
لذلك فإن الدولة الفلسطينية المقترحة منزوعة السلاح وبما في ذلك تجريد غزة من السلاح.
السيادة للدولة براً وجواً ل”إسرائيل”، تسيطر “إسرائيل” على المعاير الحدودية للدولة الفلسطينية والسيطرة على الأغوار ترتبط أجزاء الدولة بـــ(16) نفق وجسر، وربط الضفة غزة بجسر علوي أو نفق.
الأردن وصفقة القرن:
إن الأردن مستهدف بكيانه السياسي من خلال غياب السيادة الفعلية لأن الأردن هو الأكثر تأهيلاً لاستيعاب المكون السكاني من الأراضي الفلسطينية التي سيتم ضمها.
ضم الغور سيضع الأردن على تماس مباشر مع الاستيطان الصهيوني، هكذا تجعل الخطة الأردن بوصفه معبراً محتملاً للغزاة.
الخطة بمجملها تنظر للأردن بمنظار أمني أي منظار التعاون الأمني و”اسرائيل” والفكر الصهيوني بالمجمل ينظرون للأرن كمجال حيوي واحتياطي للتهجير السكاني.
ما العمل:
هناك رأي يرى في صفقة القرن أنها تعود في جذورها الى هزيمة الخامس من حزيران (67) وما نتج عنها من هزيمة حركة التحرر العربي واستمرار أزمتها على الرغم من محاولتها تجاوز الأزمة.
إلا أن تلك الأزمة كانت فاتحة لبعض الدول العربية للتحرر من أي التزامات قومية بل رأت بعضها في الميراث القومي عبئاً عليها سعت للتخلص منه.
كان ذلك فاتحة للعديد من المبادرات والمعاهدات من مبادرة روجرز وكامب ديفد وأسلو ووادي عربة، والتي تعكس موازين القوى لصالح “إسرائيل”، تهاوي النظام الرسمي العربي.
أمام حركة التحركة العربية فرصة للنهوض من خلال التوحد على هدف التصدي لصفقة القرن وربط المنطقة بقيود يصعب الخلاص منها.
تفعيل أنشطة الأحزاب ولجان مقاومة التطبيع وإعطاء البعد العربي القومي للقضية الفلسطينية.
الدفاع عن ثقافة المقاومة وثقافة التصدي للفكر الاستسلامي الخنوعي.
إشعال فتيل المقاومة وتوفير كل عناصر الدعم والإسناد لها.
صيانة الأمن الفكري والتصدي لما علق في الذهن من إمكانية التعايش مع الكيان الصهيوني، إن تكرار وعد بلفور ونجاح صفقة القرن يتمثل والشرط التاريخي لذلك (غياب الفعل لمواجهة صفقة القرن) هنا يصبح مهمة بناء مشروع نضالي ضرورة ملحة وذات طابع وجودي
ثم القى الباحث د.موفق محادين كلمة قال فيها:
أرض وشعب لا جغرافيا وسكان
ركزت الورقة على الإطار المفاهيمي المشترك بين (وعد بلفور وبين صفقة ترامب) ، ولا سيما فيما يخص مفاهيم الأرض والشعب والدولة ، حيث انطلقت الصيغتان ، الوعد والصفقة من نفي هذه المفاهيم بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني، مقابل تأكيدها في حالة العدو الصهيوني .
وقد انطلقت الورقة من أن الأرض غير الجغرافيا ، والشعب غير السكان وتوقفت عند مرجعية (وستفاليا) كنموذج للدولة القومية الحديثة التي أنتجتها الثورة البرجوازية وأنتجت معها ٲسسها مثل المواطنة والتعددية والهوية والتنوير والعقلانية قبل تحول الرأسمالية الناشئة إلى إمبريالية لا تنويرية ولا عقلانية ، كما توقفت عند مرجعية مركبة من ماركس– هيغل بوصفها التمثيل الأحدث للمجتمع البشري والحضارة الجديدة ، مقابل الحالات الطبيعية،الأولية التي لم تتبلور مدنيا إلا في الإطار البرجوازي – الطبقي .
والمهم ، حسب هذا التشخيص أن تحول الجغرافيا إلى أرض والسكان إلى مواطنين تحول جرى في إطار الدولة الحديثة الناجمة عن الثورة الصناعية البرجوازية.
انطلاقا مما سبق ناقشت الورقة الأرض والشعب والدولة في الخطابين الكولونيالي الاستعماري والكولونيالي الصهيوني وكيف وضعا شعوب العالم الثالث ومنها الشعب الفلسطيني في مستوى ما قبل الحضارة والشعب والأرض والدولة الحديثة مقابل تصنيف مزعوم للشمال الرأسمالي وللحالة الصهيونية.
هكذا تم اختراع الشعار العنصري وغير العلمي، بدءا من بلفور وانتهاء بـ ترامب “أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، بمعنى أن الفلسطينيين مجاميع سكانية (أقل من شعب) لا تستحق أرضا ولا دولة (سلطة منزوعة السيادة، بلا سيادة ولا حدود) وهو ما تتفق حوله كل الأحزاب الصهيونية ما بين البحر وصحراء الأنبار، أرض إسرائيلية يعيش عليها سكان عرب يحتاجون إلى شكل من الإدارة البلدية، ولكن بوصفهم شأنا داخليا (إسرائيليا).
وانتهت الورقة إلى أن الكيان الصهيوني الذي يدرك أن لا مكان في التحولات الدولية الأخيرة إلا للقوى الإقليمية، راح يعيد تشكيل نفسه كمركز لإقليم تحت سيطرته (الشرق الأوسط الجديد) ، وهو ما يتطلب بالمقابل عند العرب عموما بمن فيهم الحالة الفلسطينية إعادة الإعتبار لمشروع حركة التحرر وليس الكفاح المدني المزعوم على غرار جنوب افريقيا أو كفاح غاندي، وربط هذا المشروع بالكفاح على مستوى الإقليم (سوريا الطبيعية والعراق) كمركز حيوي من مراكز الأمة وقانون التناقضات الأساسي (ضد الإمبريالية السائدة ، الأمريكية في هذه الحقبة) وقانون التناقض الرئيس على مستوى الأمة وليس الفلسطيني فقط، وهو التناقض مع العدو الصهيوني.
في نهاية الكلمة
وقد جرى جرى نقاش اثرى فيه الحضور العنوان المطروح للندوة.