مقالات

من يريد تغيير خريطة سورية؟ / جهاد المنسي

ما يجري في الشمال الشرقي من حدود الجمهورية العربية السورية من ناحية التدخل غير الشرعي التركي، والوجود غير الشرعي الاميركي ايضا، يدفعنا لنعيد التأكيد والتذكير بالأطماع الاقليمية والدولية الرامية منذ سنين لتقسيم القطر السوري من جهة، وتفتيت الارض السورية وخلق كيانات وليدة، وهو ما كانت تخطط له ادوات الولايات المتحدة في المنطقة، او اعادة تموضع عصابات ارهابية اندحرت بفعل ضربات الجيش السوري، وتعمل بعض الانطمة لإعادة إحيائها من جديد.

ولأن تواجد اي قوات اجنبية دون طلب رسمي من قبل الدولة السورية يعتبر احتلالا واجب مقاومته فإننا وكما حال اي تدخل آخر في اي دولة عربية نرفضه ونعتبره احتلالا مهما اختلفت دوافعه ومبرراته، ومهما استحضر الغازي من مصوغات لتزيينه، كمحاربة الإرهاب وغيرها من تفسيرات لا تستقيم مع اجتياح دولة لدولة أخرى، دون أن ننسى أو نتناسى أن حدود تلك الدول كانت مفتوحة على مصراعيها لكل اشكال الارهابيين لدخول الارض الشامية، ومحاربة الجيش العربي السوري.

إدانة الجامعة العربية التي غابت وأخذت إجازة طويلة لا تكفي، والاكتفاء كالعادة ببيانات استنكار ايضا لا يكفي، وانما يتوجب ان يكون لتلك المواقف والإدانات مفاعيل على الارض، مع عدم تغييب او نسيان ان بعض المواقف التي خرجت من جامعة العرب لم يكن هدفها وحدة الارض السورية بقدر ما ان هدفها مناكفة الطرف الآخر، ولعل مبررنا لكي نخرج بمثل هكذا استنتاج ان تلك المواقف غابت عندما احتلت القوات الأميركية جزءا من الشمال السوري، ونشرت بعضا من قواتها، وأمنت وقتها حماية لخروج بعض العناصر الارهابية وانسحابها، ولذا فإن إدانة التواجد الأجنبي يتوجب ان يكون شاملا، ويشمل تواجد القوات الاميركية ايضا، والمطلب يجب ان يكون واحدا، فأي قوة اجنبية موجودة على الأرض الشامية حضرت دون موافقة دمشق ودون بروتوكول عسكري معها، فإن وجودها يعتبر غير شرعي ولا يوجد له مسوغ قانوني، وبالتالي فإن الواجب مقاومته وانسحاب تلك القوات، والتعامل معها كقوات غازية.

الدولة السورية على الارض ومنذ شهور استلمت زمام المبادرة واعادت سواد ما سيطرت عليه التنظيمات الارهابية من ارض ولم يتبق الا ادلب وبعض القرى القريبة منها، اضافة الى ما كان تحت سيطرة ما يعرف بقوات سورية الديمقراطية، والتي دخلت القوات التركية اليها مؤخرا بحجة محاربتها وتشكيل شريط حدودي بين البلدين يبعد تلك اكراد سورية عن الحدود التركية، خوفا من ارتفاع منسوب القومية لدى اكراد تركيا واعلان دولة لهم لاحقا.

الحلقة المفقودة التي يتعين على الجميع مشاهدتها والتفكير فيها مليا هي السبب الخفي وراء استفزاز اولئك الذين كان لهم اياد في اللعب بالمصير السوري سابقا، من اي تقدم للجيش السوري على الارض، فالكيان الصهوني عند كل تقدم للجيش السوري واستعادة بعض القرى من ايادي الارهابيين كان يتدخل إما من خلال طائراته المسيرة او من خلال غاراته الجوية، وهو نفس الحال بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية التي كانت تقوم بالامر عينه، وهو تحرك يضع الكثير من علامات السؤال عن السر الكبير الذي يدفع الكيان الصهيوني مثلا ليعمل جاهدا لإبطاء استعادة الجيش السوري لأراضيه من الارهابيين وسر التحالف الخفي بين اولئك الارهابيين والكيان.

أما في الجانب الآخر فإن سورية تذهب الى مسار سياسي متفق عليه، وهو مسار بدأ يأخذ مفاعيله على الارض، وهذا المسار هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية، وما تشكيل لجنة دستورية الا خطوة في طريق حل الأزمة السورية، واستعادة سورية لوحدتها ولجميع اراضيها، وعلى كل الاطراف المساهمة في تمكين هذا الحل حتى تعود سورية كما كانت دوما حاضنة من حواضن العرب، وتستعيد دورها العربي الذي كانت تقوم فيه بكل قوة.

بواسطة
جهاد المنسي
المصدر
الغد
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى