مقالات

لا تفاوض مع القتلة

لم تتضح بعد هوية الجزار القادم الذي سيجلس على كرسي رئاسة الوزراء في الكيان الصهيوني، الجزار الحالي بنيامين نتنياهو، أو القاتل المسؤول عن سلسلة من المجازر الجماعية بيني غانتس، ولكن يبدو أن هذا الأمر يعني الكثير بالنسبة لبعض الفلسطينيين والعرب.

هناك في أوساطنا من اعتاد أن يتابع كل تطور ولو صغير في المشهد السياسي للعدو، لا من باب معرفة العدو ومقارعته، ولكن من باب فقدان الإيمان بالذات الوطنية ومجموعها وفعلها، وتعليق الآمال على العدو، وإمكانية وجود قتلة أقل قسوة في منظومة الإبادة الصهيونية. هذا هو خيار المهزوم وطنيًا وهوياتيًا، الذي لا يقيم أي وزن لنضالات شعبه، ويصر على دفن رأسه في رمل السياسة الصهيونية وتوازناتها متصورًا أن هذا سيعطيه فرصة لاستسلام أفضل.

شعبنا قال لا، قالها ألف مرة، هذا الشعب لا يرغب بالاستسلام، وهو إن تعب من شيء فقد تعب من رهانات هؤلاء، ومغامراتهم، وإصرارهم على العجز، تعب من التفرد الفاسد المفسد، من سرقة حقه، وموارد صموده، والضغط عليه لمنعه من ممارسة تعبيره الأساسي عن الوجود، ممارسة المقاومة فعلًا وقولًا ومنهج حياة، هذا الفعل الذي يتنفسه شعبنا، ويبنى له فلسفة خاصة تمتد جذورها عميقًا في تاريخه، وتتصل بكل نضالات شعوب العالم.

طروحات العودة للتفاوض مع الاحتلال إذا تغير من يترأس حكومته، تأتي على النقيض التام من التوجه الواضح لكل القرارات السابقة عن المؤسسات الفلسطينية، وعن موقف الإجماع الوطني الفلسطيني، وتعبر عن إصرار على الرهانات العبثية على خيار المفاوضات ومسارها وما أهدرته من تضحيات شعبنا لسنوات طويلة.

هي إعتداء على شعبنا، وحقه في التعبير السياسي عن هويته الحقيقية، فشعب الشهداء والتضحيات لم يراهن يومًا على جزار صهيوني، أو مجرم حرب، ولن يستسلم لأي من هؤلاء، ومن يتحدث سياسيًا باسم هذا الشعب عليه أن يحترم حقيقته، وطبيعة معدنه، وموقفه الثابت من هذا العدو، الذي نظم نضاله دومًا، وقدم في سياقه الكثير من التضحيات وحقق الكثير من الانتصارات كما عرف الانتكاسات والهزائم، لكنه أبدًا لم يعرف الاستسلام، فالاستسلام هو الهزيمة النهائية التي لا قائمة بعدها.

المصدر
بوابة الهدف
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى