العقل البارد طريق لحل أزمة المعلمين / جهاد المنسي
يدخل إضراب المعلمين يومه التاسع دون حلول تلوح في الافق تعيد الطلبة لمقاعد دراستهم، وينهي حالة الكباش الحاصل بين نقابة المعلمين والحكومة، ويريح أهالي الطلبة ويبدد حالة القلق المجتمعي التي بدأت ترتفع يوما بعد يوم جراء استمرار الاضراب دون حل.
الزمن يمر، والوقت امر وأمر على المعلمين والحكومة والطلبة على حد سواء، وفي الافق غيوم متلبدة لا تشي بانقشاع قريب للأزمة، وجمود يبدده بين فينة وأخرى تراشق بالتصريحات والتصريحات المضادة بين الطرفين.
ولذا فإنه ليس من مصلحة أحد (الحكومة، النقابة، الطلبة، المجتمع) بقاء الامور كما هي عليه اليوم، وايضا ليس من الصالح العام شيطنة المعلم ونقابته، او مهاجمة الحكومة ومواصلة استفزازها، واستحضار عبارات لا يجوز استحضارها، ولذا فإن كلا الطرفين عليهما التعامل مع الحدث من منطلق الخلاف في وجهات النظر وليس على قاعدة التعنت.
وبعيدا عن جدلية أيهما على حق الحكومة التي تطالب بالمسار المهني لاعتماد العلاوة التي تطالب بها النقابة والبالغة 50 %، او اشتراط النقابة إقرار العلاوة قبل اي كلام عن المسار المهني باعتبار أن العلاوة حق للمعلم، والمسار المهني حوافز ليس لها علاقة بالعلاوة، بعيدا عن هذا الجدل، فإن بقاء الامور كما هي عليها اليوم، ووصول حالة الجفاء بين الحكومة والنقابة لما وصلت اليه حاليا تجعلنا نؤكد ان الحل والوصول اليه يتطلب عقلا باردا في ادارة الازمة من طرفي المعادلة، مع امكانية تدخل طرف آخر لتقريب وجهات النظر، وانهاء حالة الجمود التي نراها تطغى على السطح بين الطرفين.
إزاحة كل طرف وجهه عن الآخر، وتمسكهما بمواقفهما لن ينتج حلولا توافقية، وهذا يعني بالضرورة إعادة النظر في طريقة إدارة الازمة، والتعامل معها ليس من منطلق التفكير بمن يكسر إرادة الطرف الآخر بقدر التفكير بمصلحة الطلبة في المقام الاول، والحالة المجتمعية التي نتجت عن الاضراب، وهنا لا بد من التأكيد على أن مصلحة الطلبة يتوجب أن تفكر بها الحكومة بذات القدر الذي نطالب النقابة في التعامل معها.
البداية لفكفكة الأزمة هي عقل بارد دون تشنج، او ترصد، وآلية تفكير ينتج عنها مد يد الحوار جديا من كلا الطرفين والوصول لنقاط التقاء محورية، تضعها على سكة حوار حقيقي يصل بحالة السكون الراهنة لطاولة حوار غير مشروطة، وعقل منفتح على كل الحلول المطروحة.
النواب بدورهم تعاملوا مع الأزمة من منطلق تقريب وجهات النظر، واقناع طرفي الازمة الجلوس إلى طاولة حوار دون شروط مسبقة، وهو ما اشار اليه رئيس المجلس عاطف الطراونة في مناسبات عدة وأكده ايضا رئيس لجنة التربية والتعليم النيابية ابراهيم البدور، وتلك الجهود يتوجب ان تستمر وتتعمق للوصول إلى حل يضمن اعادة المعلمين إلى صفوفهم والطلبة لمدارسهم، مع الأخذ بعين الاعتبار أن المعلم الذي يعاني من ضنك العيش واحوال مادية صعبة من حقه التفكير بلقمة اطفاله والمطالبة بمستوى معيشي يؤمن له حياة كريمة، كما أن الحكومة التي تعاني ماليتها العامة من عجز متفاقم عليها أن تؤكد لبعثة صندوق النقد الدولي التي تزور البلاد في إطار مراجعة دورية، أن المواطن الأردني بكل شرائحه ومنها المعلم بات غير قادر على تحمل اي رفع للمواد الاساسية او الكهرباء او الماء، وان حجم الضرائب التي فرضت اصبحت تنهك الناس وجيوبهم وتدفعهم للاضراب والاحتجاج حينا وتنظيم الاعتصامات حينا آخر، وما إضراب المعلمين الا مثال واضح امام بعثة الصندوق التي تزور البلاد.
الازمة يجب ان تنتهي بالسرعة الممكنة، والتفكير بعقل بارد من الجميع ،الطريقة الوحيدة التي تضمن الوصول لطاولة حوار بلا شروط مسبقة اساسها تفهم كل طرف لظروف الطرف الآخر والمبررات التي يسوقها، وبأمل تبريد العقل يبقى الأمل في الوصول لنقاط لقاء ترضي الجميع.