اتفاقية الغاز مع العدو.. تُركت لوحدها، فأضحت عاريّة !!
بعد مرور ما يقارب الخمس سنوات على الكارثة المُسماة باتفاقية استيراد الغاز من العدو الصهيوني، هذه الاتفاقية التي ثبت عدم جدواها بفعل دحض جميع الحجج الواهية التي استخدمتها الحكومتين السابقتين والحكومة الحالية لإقناع الناس بها وبالتالي تمريرها.
إذا أردنا الحديث عن إخفاق الحكومات وأصحاب القرار من خلفهم، فإنه وبالضرورة أن نشير إلى الضغط الشعبي الرافض للتطبيع مع العدو وللاتفاقية التي تشكل في هدفها الأبرز (التطبيع القسري)، وهذا بحد ذاته يشكل إخفاقا ثانياً بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة منذ توقيع اتفاقية معاهدة وادي عربة قبل 25 عاماً في ترويج الكيان الصهيوني وتسويق التطبيع معه لينتقل من الواقع الرسمي الى الواقع الشعبي.
لقد استطاع المزاج العام والضغط الشعبي وفي مقدمته الحملة الوطنية الأردنية لإسقاط اتفاقية الغاز أن تكسب تلك المعركة السياسية وتحاصر كل المسؤولين عن توقيع هذه الاتفاقية أو المدافعين عنها أو المتواطئين معها، فقد سعت تلك الحكومات وعبر أدواتها لمحاصرة الحملة والحد من نشاطها إلا أن الدافع الذي انطلقت منه الحملة التي تشكلت من ائتلاف عريض من أحزاب سياسيّة ونقابات عماليّة ومهنيّة وفعاليات شعبية وثقافية ونسائية وغيرها، كان أقوى بكثير من أن يتراجع أمام تلك الضغوطات.
حملة (غاز العدو احتلال) استطاعت أن تحوّل مقاومة التطبيع من خلال اتفاقية الغاز إلى أرقام وطريقة منهجية بالعمل عبر طرحها للبدائل واستثمار مليارات الدولارات في مشاريع وطنية سيادية تساهم في خلق عشرات الاف فرص العمل للمواطنين، إضافة إلى جعلها رأي عام بحيث تحولت الى مطالب معيشية للمواطنين فجسّدت بذلك شعارات ومبادئ رفض التطبيع مع العدو وعزّزت من هذا الفهم لدى العامة.
وبالعودة إلى الحجج التي استخدمتها الحكومات لتبرير الاتفاقية، فتمثلت الأولى بانقطاع الغاز المصري في العام 2011 وهذه سقطت حينما أصبح الغاز يفيض في ميناء العقبة ويعاد تصديره إلى مصر، وعند عودة الغاز المصري مطلع العام الحالي، وأما الحجة الثانية بأن الاتفاقية ستوفر من 300 _600 مليون دينار سنويا، وهذه أيضا لم تتفق الحكومة نفسها عليها فتصريحات وزير الطاقة الأسبق صالح الخرابشة اعتبرها غير صحيحة، وأما الحجة الثالثة والتي تمسكت بها الحكومات الثلاثة وهي أن الاتفاقية لا يجوز عرضها على مجلس النواب وانها ابرمت ما بين شركتين!! ليتبين بأن المنظم لها هي حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة العدو، بحسب ما جاء بالاتفاقية المسربة.
وعند العودة إلى أصل الكارثة وهي معاهدة وادي عربة، فقد كان بالإمكان وقتها أن تُبرم هذه المعاهدة دون عرضها بالأساس على مجلس النواب، فالدستور يشير في مادته 33 فقرة 1 إلى أن “الملك هو الذي يعلن الحرب ويعقد الصلح ويبرم المعاهدات والاتفاقات”. ولكن أرادت الحكومات وقتها أن تمرر هذه المعاهدة عبر القنوات الدستورية حتى تعطيها شرعية لتبدو وكأن المجتمع وافق عليها عبر مجلس النواب “ممثل الشعب”، ولكن عندما أحسّت بصعوبة تمرير اتفاقية الغاز بعد أن صوّت المجلس السابع عشر برفض رسالة النوايا ذات الصلة وبأغلبية ساحقة في أواخر العام 2014، بعدها خلقت الحكومات ذريعة عدم عرضها على مجلس النواب!!
حتى وإن نُفذت الاتفاقية على أرض الواقع فإنها ستبقى مرفوضة وفاقدة الشرعية ولا يوجد أي جدوى لها سوى خدمة اقتصاد الكيان الصهيوني ومشاريعه وشراء التبعية له على حساب الوطن وسيادته وجيوب الناس المُفقَرين.
ولكن، سنبقى ننتظر قراراً واحداً وهو إلغاء هذه الاتفاقية، ويجب على الحكومة أن تنصاع للإرادة الشعبية وتلغي هذه الاتفاقية وقبلها تعترف للرأي العام بعبثيتها وعدم جدواها.
آجلاً أم عاجلاً ستلغى هذه الاتفاقية وسيحاسب من ورّط البلد فيها ومن وقعّها.