حرب الموانىء في حصار سوريا
بالإضافة إلى حرب الموانىء التي يشهدها البحر الأحمر ومحيطه الآسيوي والإفريقي ومنها حرب الموانىء بين شركة دبي وقطر والدخول المُتشابِك للصين وكذلك لباكستان والهند، ثمة حرب أخرى للموانىء والطُرُق التجارية تتجاهل الجغرافيا السورية على نحوٍ خاص، حرب تجعل من هذا التجاهُل عنواناً أميركياً لجولةٍ أخرى مما تعرَّضت له سوريا من تحالفٍ أميركي-أطلسي– صهيوني-عثماني لم يتورَّع عن صناعة الإرهاب الأصولي من أجل هذه الغاية.
هكذا، فجأة، وكما لو أنها بلا مُقدِّمات، دخلت أو أدخلت العراق في علاقةٍ اقتصاديةٍ مع الأردن ومصر وسط تلازُم أميركي عن تكتيك الإحتواء المزدوج وإبعاد بغداد وتركيا تدريجاً عن جارتهما طهران، وربما عن سوريا لاحِقاً..
بعدها بفترةٍ قصيرةٍ، أُعلِنَ عن لقاءٍ رُباعي ضمَّ الأردن وقبرص (اليونانية) واليونان والعراق.
وقد جرى كل ذلك بعد إعلان الناتو العربي الذي ولِدَ ميتاً كما يبدو، وكان يضمّ الأردن ومصر والعراق بالإضافة إلى مجلس التعاون الخليجي، كما بعد طلب الأردن من تركيا تعديل الإتفاقية التجارية السابقة بين البلدين.
وقبل ذلك كله، أنهى الجيش العربي السوري معركة الجنوب وخاصة قوس درعا – القنيطرة، ما أضعفَ كثيراً محاولات العدو الصهيوني تسويق ميناء حيفا عبر الأردن كميناءٍ بديلٍ لتشبيكِ الحركة التجارية بين الشرق الأوسط والخليج وأوروبا.
إلى ذلك فإن أبرز طُرُق التجارة ذات الصِلة بصراعات ونزاعات الشرق الأوسط، والمُحمَّلة بدلالات هذه الصراعات والنزاعات وهي:
طريق التجارة والنفط عبر مضيق هرمز حيث القوَّة الإيرانية.
طريق التجارة والنفط عبر تركيا.
طريق التجارة والنفط عبر ميناء العقبة مروراً بالسويس.
طريق التجارة والنفط عبر الأراضي والموانىء السورية أو عبر الأراضي السورية إلى الموانىء اللبنانية.
وبالتدقيق في مغزى اللقاءات المُفاجِئة والمتواصِلة بين أطرافٍ عديدةٍ (الأردن- العراق- مصر- قبرص-اليونان) ثمة ما يشي بإقصاءاتٍ متنوِّعةِ المشارِب والأسباب للطريق الإيراني (أميركا وحلفاؤها) وللطريق التركي (مجلس التعاون الخليجي) إضافة إلى تراجع ميناء حيفا بعد تحرير درعا والقنيطرة على يد الجيش العربي السوري.
ومن المؤكَّد أن إقصاء الطريق السوري الأسهل والأقل كلفة على التجارة الدولية كان القرار الذي استحوذ على أكثر من تقاطع للتيارات الأميركية في أكثر من بلد.
وبهذا المعنى، فإن هناك مَن لا يُريد للحرب على سوريا أن تتوقَّف ولابدَّ من استمرارها بأشكالٍ أخرى منها الحصار الإقتصادي، وفي الحقيقة فإن هذا الشكل من الحرب ليس جديداً على سوريا، فدونه تاريخ قريب وبعيد، وبمشاركة أطلسية وصهيونية وعربية أيضاً:
بالنظر إلى دور حلب التاريخي جرى سلبها وسلب سوريا معها ميناء الإسكندرون، وإلحاقه بتركيا بقرارٍ من الإستعمار الفرنسي عشيّة الحرب العالمية الثانية.
أيضاً وخلال ما يُعرَف بفترة الإنتداب الفرنسي على سوريا والسيطرة البريطانية على العراق جرى تجاهُل الأراضي السورية عند مدّ خط أنابيب النفط العراقي غرباً وصار معروفاً بخط أنابيب كركوك – حيفا.
بعد معركة الجلاء واستقلال سوريا عن الإستعمار الفرنسي، سعى عملاء فرنسا في بعض الأوساط البرجوازية البيروتية إلى الضغط على البرجوازية الشامية – الحلبية والإقتصاد السوري عموماً عبر إجراءات مُجحِفة في ميناء بيروت، ما حدا بمُمثّلي البرجوازية السورية الوطنية وخاصة الرئيس شكري القوتلي لتطوير ميناء اللاذقية.
ضرب وقَطْع خطوط النفط الدولية المارّة في الأراضي السورية (الجولان) مرتين 1948 و 1967.
من تداعيات الصفقة التي وقَّعها صدَّام حسين (نائب البكر) آنذاك مع شاه إيران وتنازل بموجبها عن شطّ العرب مقابل وقف دعم استخبارات الشاه للبرزاني، استبدال الأراضي السورية لمرور النفط العراقي بالأراضي التركية، حيث نالت تركيا منذ ذلك الوقت وحتى الآن في اتفاقياتٍ سرّيةٍ ومُعلَنة حق دخول الأراضي العراقية في أيّ وقتٍ لمُطاردة مُقاتلي حزب العمال الكردستاني (الناشِط في تركيا). كما فضَّلت بغداد دوماً ميناء العقبة على الموانىء السورية وساهمت في بناء طُرُقٍ دولية بين البلدين لهذه الغاية.