“عرّاب صفقة القرن”.. من هو جاريد كوشنر؟
في كنف عائلة يهودية ولد وترعرع، جاريد كوشنر، أكبر مستشاري البيت الأبيض اليوم، وزوج ابنة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إيفانكا..
عرفت عائلته بعلاقاتها الجيدة مع المسؤولين السياسين في “إسرائيل”، ومع اللجنة الأميركية للشؤون العامة “الإسرائيلية”.
المدرسة التي تلقى فيها أول دروس العنصرية كانت ترى أن الضفة الغربية المحتلة اسمها كما في التوراة، “يهودا والسامرة”.
حُكم تحصيله العلمي بالفشل، فنتائجه السيئة دفعت والده للتبرع لجامعة هارفارد بمبلغ 2.5 مليون دولار عام 1998، من أجل مساعدة جاريد على الالتحاق بها، لم يكتف كوشنر باختصاص واحد بل درس القانون في جامعة نيويورك، حيث حصل عام 2007، وهي الجامعة نفسها التي تبرع لها والده بمبلغ ثلاثة ملايين دولار عام 2001.
بعد تخرجه، استغل جيداً حادثة سجن والده شارل كوشنر بتهمة التهرب الضريبي ليرسخ وجوده في عالم العقارات، فاستثمر في عقارات منهاتن بنيويورك، واشترى ناطحة سحاب قرب أبراج ترامب بمبلغ 1.8 مليار دولار، كما اشترى أسبوعية “نيويورك أبزيرفور” بمبلغ 10 ملايين دولار، وبعد أن عانى مشكلات مالية بسبب الأزمة المالية عام 2008، عادت استثماراته لتنتعش بعد ذلك.
إلا أن الميلونير الصغير عاد ليغرق بالديون، فقد أظهر تحقيق استقصائي أجرته وكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأميركية أن جاريد غارق في الديون، وأن مديونية شركة كوشنر بلغت مئات الملايين من الدولارات بسبب المبنى (666) الواقع في الجادة الخامسة من نيويورك، ما جعله يطرق أبواباً سياسية تخالط بعضها شبهات وتخضع لتحقيق فيدرالي، ما يهدد ليس فقط مستقبل كوشنر، وإنما أيضاً مستقبل ترامب نفسه.
كما تطرقت صحيفة “وول ستريت جورنال” لشبهات فساد تطال كوشنر، ونقلت عن مصادر مطلعة أن لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية فتحت تحقيقاً حول نشاطات تتعلق بشركة عقارية يديرها صر ترامب.
افتقر كوشنر لأساليب اللعبة السياسية، بحكم مسيرته المهنية في مجال المال والأعمال، ولم يكن ظهوره إلا بجانب زوجته إيفانكا، في اللقاءات والتجمّعات التي يعقدها والدها ترامب، والذي كان حينها رجل أعمال وشخصية مثيرة للجدل في الولايات المتحدة، ليبرز كوشنر لاحقاً خلال حملة ترامب للانتخابات الرئاسية عام 2016، كإحدى الشخصيات الأكثر موثوقية من قبل ترامب.
بعد فوز ترامب وظهور شبهات التدخل الروسي في نتائج الانتخابات الأميركية، كان اسم جاريد حاضراً في التسريبات والتحقيقات، وفي 26 تموز/يوليو 2017 استمعت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي لكوشنر، ضمن التحقيقات في علاقة حملة ترمب بالروس.
ومنذ الأيام الأولى لإدارة ترامب، تولى جاريد التحضير للخطة التي روّج لها ترامب، باعتبارها ستجلب السلام للشرق الأوسط وتنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
ولكن سرعان ما بدأت علاقات كوشنر بإسرائيل تطفو على السطح، ففي كانون الثاني/يناير 2018 كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن صهر الرئيس ترامب يتمتع بعلاقات مالية عميقة مع “إسرائيل”، رغم مهمته المفترضة في “التوسط لتحقيق السلام في الشرق الأوسط”.
على خطى عائلته ذاتها سار كبير مستشاري البيت الأبيض في علاقته مع “إسرائيل”، فأعاد طرح فكرة قديمة كان قد طرحها سابقاً آل غور، نائب الرئيس الأميركي أيام جيمي كارتر، بناءً على مقولات شمعون بيريز في كتابه “السلام في الشرق الأوسط” ضد مشروع حل الدولتين.
صحيفة “واشنطن بوست” لفتت في مقال تحليلي إلى أن “خطة ترامب- كوشنر للسلام تبدو منكوبة بالفعل.”
لم تقف الصحيفة عند هذا الحد بل علقت قائلةً “هذا الأمر قد يكون منطقياً بالنظر إلى الهاوية السياسية التي سقطت فيها فرص إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة”.
أما علاقته الحميمة بالسعودية وولي عهدها محمد بن سلمان، فعرّضته لانتقادات كبيرة، وبالرغم من تعرّض الرياض لانتقادات وسخط دولي كبير بسبب حرب اليمن، وانتهاكات حقوق الإنسان، والتعذيب في السجون، واغتيال المعارضين، يضغط كوشنر باتجاه تضخيم حجم مبيعات الأسلحة إلى السعودية.
في هذا الإطار حصلت شبكة “إيه بي سي نيوز” على معلومات عن كوشنر من مسؤولَين أمريكيَّين اثنين حاليَّين، و3 سابقين في البيت الأبيض، حيث أكد المسؤولون -لم تسمّهم- أن كوشنر أوعز بتضخيم أرقام مبيعات الأسلحة إلى السعودية، ومارس ضغوطاً على وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين في هذا الإطار، في حين وافقه وزير الدفاع، جيمس ماتيس، على أهمية تضخيم حجم المبيعات للمملكة.
وأكد المسؤولون، بحسب الشبكة الأميركية، أن الرقم الحقيقي لمبيعات الأسلحة للسعودية لا يتخطّى 15 مليار دولار. وأن وزارتي الخارجية والدفاع استشارتا كوشنر في كيفية زيادة هذا الرقم.
يبرز اسم جاريد كوشنر اليوم قبل أيام من طرح “صفقة القرن” والإعلان عنها، تحضيراً لإنهاء القضية الفلسطينية وحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، مقابل أموال واستثمارات تقدمها الدول المانحة للدول التي ستقبل بتوطين الفلسطينيين على أرضها.