«كتبة» الوحي الرسمي ومؤتمر المنامة
فجأة وبدون مقدمات، أصبح الحديث عن رفض مطلق لصفقة القرن تهورًا، ومراهقة سياسية. فجأة وبعد أن كان مجرد ذكر اسم هذه الصفقة تجعلك مشبوهًا، صرنا نقرأ عن ضرورة القراءة الهادئة لما ستقدمه الولايات المتحدة الأمريكية في ما يتعلق بصفقة القرن.
الولايات المتحدة الأمريكية كانت، وعبر كوشنيرها، قد فاجأت الجميع بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي اقتصادي يعقد في العاصمة البحرينية المنامة، لتنمية مناطق السلطة الفلسطينية. وهو المؤتمر الذي يعتبر التنفيذ العملي لصفقة القرن، والخطوة العملية الأولى نحو إنهاء القضية الفلسطينية.
وفي مقابل رفض مطلق من قبل السلطة الفلسطينية وكافة فصائل المقاومة، لحضور هذا المؤتمر، عم الصمت الأردن الرسمي، فلم نسمع حتى اللحظة أي تصريح أو موقف من قبل الحكومة تجاه مؤتمر المنامة.
كتاب أعمدة ومنابر إعلامية، تبرعوا بوحي من مكان ما، للتمهيد لموقف أردني يتناقض مع مواقفه السابقة تجاه صفقة القرن، ولجس نبض الشارع الأردني تجاه إمكانية قبول الأردن بالانخراط في هذه الصفقة والمشاركة في مؤتمر المنامة. ووصل الأمر ببعضهم حد اتهام السلطة الفلسطينية بأنها تخطئ إذا ما أصرت على مواصلة «رفض أية مقترحات»!! إلا أن أخطر ما في الأمر هو حديث أحد النواب عن «فوائد» صفقة القرن على الشعب الأردني، بحضور قيادات سياسية رسمية كبيرة!!
تخطئ الحكومة إذا ما ظنت أنها من خلال هكذا أدوات و»كتبة» تستطيع التمهيد لتبرير خضوعها للسيد الأمريكي والقبول بصفقة القرن. فهذه الصفقة ليست رفع أسعار محروقات يتم التمهيد له بأخبار كاذبة عن ارتفاع أسعار النفط عالميًا. كما أنها ليست مشروع قانون ضريبة يتم تمريره عبر إلهاء الشعب بقضية جانبية مفتعلة لتسهيل القبول به.
صفقة القرن هي مصير أسود لشعب فلسطيني قاوم المحتل لأكثر من سبعين عامًا .. وهي مستقبل مجهول لدولة بحجم الأردن. هكذا صفقة تحظى بإجماع شعبي رافض لها .. إجماع نتج عن حرص هذا الشعب على الحفاظ على دولته الدفاع عن حق السعب الفلسطين بالدفاع عن نفسه وتحرير أرضه.
على الحكومة أن تعي أن «كتبتها» لن يستطيعوا تبرير مشاركتها في مؤتمر البحرين، وأن الحل الأسلم والأسهل والأكثر حرصًا على الوطن ومستقبل أبنائه، هو رفض المشاركة في هكذا مؤتمر والانحياز لإرادة الشعب.