عندما تقرع طبول الحرب على ضفاف الخليج! / ماجد توبة
یتسارع التصعید والتسخین بین الولایات المتحدة الأمیركیة وإیران، وتمتد التوترات والاشتباكات المحدودة لتخیم بظلالھا على كل الخلیج العربي والشرق الأوسط، فیما بات سؤال الملیون الیوم ھل یمكن أن تنزلق إدارة ترامب الھوجاء من ”حافة الھاویة“ إلى مستنقع حرب كبرى أو محدودة مع إیران؟!
ویبدو حتى الآن أن سیاسة ”حافة الھاویة“ تكاد تطبق على المشھد الإقلیمي والدولي المحیط بالصراع الأمیركي الإیراني، رافعة من منسوب التوتر والقلق الدولي وفي أسواق النفط والمال، فیما یرسم المحللون وساسة الاقلیم والعالم السیناریوھات المتوقعة لمآلات الأزمة المتصاعدة على ضفاف الخلیج العربي وفي میاھه وأجوائه، بینما تمتد الآثار المتوقعة لأي انفجار عسكري لتشمل مروحة واسعة من الدول والساحات، وعلى رأسھا كیان الاحتلال “الاسرائیلي”، الذي یبدو الطرف الوحید، حتى قبل إدارة ترامب ذاتھا، الذي یدفع باتجاه حرب كبرى وواسعة ضد إیران على اعتبار انھا تحقق مصالح “إسرائیل” مع العدو الاستراتیجي الأقوى الیوم لھا.
ورغم أن أغلب التحلیلات والتوقعات تستبعد وصول الأزمة المشتعلة والتصعید الحالي بین أمیركا وإیران إلى مرحلة الحرب، الكبرى أو حتى المحدودة بمعنى استھداف مواقع إیرانیة استراتیجیة بضربات صاروخیة، فإن خیار السقوط بھاویة الصدام والحرب لا یغیب عن بال المحللین، خاصة وان إدارة ترامب الیمینیة الغارقة بأزماتھا في الداخل الأمیركي والمنحازة حد التطابق مع “إسرائیل”، وشخصیة ترامب النزقة وغیر السویة نفسیا، كلھا عوامل قد تدفع الثور الھائج بالبیت الأبیض إلى ”ھدم المعبد على من فیھ“، والدخول بحرب مع إیران، ستشعل منطقة الشرق الأوسط كلھا، ولن تكون بأي حال نزھة أو سھلة، ولا یمكن حتى مقارنتھا بحرب احتلال العراق.
الولایات المتحدة تمتلك من عناصر القوة الكبرى الكثیر وبما لا تجاریھا ربما قوة اخرى على الأرض الیوم، لكن إیران تمتلك أیضا عناصر واسعة من القوة والأوراق الاستراتیجیة التي تجعلھا قادرة، بعمقھا البشري والجغرافي وامتداد نفوذھا وحضورھا الى عدید ساحات رئیسیة بالاقلیم، على استیعاب أي عدوان أمیركي، سواء كان حربا شاملة كبرى أو حربا محدودة، والرد استراتیجیا باستھداف المصالح الأمیركیة و”إسرائیل” وأمن الخلیج العربي باستقراره ونفطه وممراته البحریة، وبما یجعل كلفة الحرب على الولایات المتحدة والعالم كبیرة وخطیرة.
ما جرى في قضیة التعرض بالتخریب لسفن عربیة ودولیة بالخلیج العربي واستھداف مواقع اقتصادیة استراتیجیة في السعودیة من قبل الحوثیین وبث رسائل إیرانیة اخرى حول نفوذھا وأوراقھا بالعراق وسوریة والیمن ولبنان، وحتى في قطاع غزة، كلھا رسائل واستعراض لعناصر قوتھا التي لا یمكن للعالم أن یتجاھلھا أو لا یأخذھا بالحسبان وھو یراقب الھیجان الأمیركي و”الإسرائیلي” واندفاعھما لإشعال الشرق الأوسط.
من الظلم، بل من الغباء الشدید محاولة المقارنة بین العدوانین الأمیركیان على العراق العام 1991 والعام 2003 ،وما تحقق من نتائج مباشرة لمصالح الولایات المتحدة وبین عدوان وحرب شبیھة على إیران الیوم، فإیران بقدراتھا العسكریة والاقتصادیة وعمقھا البشري والجغرافي وامتلاكھا عناصر قوة كبیرة في الساحات الحلیفة لھا، لا یمكن مقارنتھا بالعراق العام 1991 الخارج حینھا من حرب ضروس مع إیران والذي لم یكن یملك اي حلیف وازن، ولا یمكن مقارنتھا ایضا بالعراق العام 2003 ،الذي كان الحصار الخانق الطویل قد ضرب اساسات الدولة والمجتمع وجرده من معظم عناصر القوة على الصمود.
باعتقادي الشخصي استبعد أن تصل الحماقة والھیجان الأمیركیان إلى مرحلة شن حرب شاملة أو محدودة ضد إیران، انطلاقا من حسابات العقل والمنطق، لكن مع ذلك فعلینا أن لا نستبعد الأسوأ، فالتاریخ، قدیمه وحدیثه، علمنا أن حروبا وكوارث قاسیة، كانت حسابات العقل والمنطق تدفع بتجنبھا، لكن غرور وجنون وعقد وحسابات بعض السیاسیین والقادة، كما ھو حال ترامب الیوم، دفعت لوقوعھا واغراق شعوبھم وشعوب العالم بالمآسي والدماء.