أيها العمال .. تستحقون أكثر/ جهاد المنسي
في كل عام، في الأول من أیار، الذي یصادف یوم العمال العالمي، تعج مواقع التواصل الاجتماعي بالتھاني والتبریكات، وتحضر خطابات تثني وتثمن جھود العمال ودورھم في بناء المجتمع، فنسمع عبارات إنشاء، وتصف كلمات الثناء كصف دبكة في فرح عریس.
بید ان حقیقة الامر ان العمال لا یریدون كل ذلك، ولا تعنیھم كلمات الثناء بقدر ما یبحثون عن تكریس لحقوقھم وعدم التطاول علیھا، والتوقف عن التنمر على تلك الحقوق من خلال أشكال مختلفة، وطرق التفافیة متعددة، كما یریدون أجورا معقولة تبعدھم عن شبح العوز، وتقربھم من العیش الكریم، وھذا لسان حال اغلب عمال الاردن الذین یأملون أن تتعامل الحكومة معھم بشكل مختلف وأن تساھم في تعزیز حقوقھم وربط أجورھم بالتضخم في المقام الاول، ورفع مستوى معیشتھم.
إذ إنه بات من غیر المقبول ان نتحدث عن خط فقر یتجاوز 500 دینار فیما ما یزال الحد الأدنى للأجر 220 دینارا، فأي انفصام ذاك؟ وأي حقوق عمالیة تتحدثون عنھا؟ وأي مستوى معیشة أفضل نبشر بھ؟ وحكوماتنا تعرف أن الحد الأدنى للأجر في البلاد لا یكاد یكفي لعشرة أیام من بدایة الشھر.
وبالمناسبة؛ فإن یوم العمال العالمي الذي یتم الاحتفال به على مستوى العالم جاء تخلیدا لذكرى عمال قضوا في القرن التاسع عشر إثر مطالبھم بتحدید ساعات العمل بثماني ساعات، ورفضھم للاضطھاد الذي كان یمارس علیھم من أرباب العمل.
ترى الیوم وبعد ما یقرب من 150 عاما على تحرك العمال المطالبین بأجر معقول وساعات عمل، أقل ھل اختلف الحال كثیرا عن سابقھ؟ إذ إن العمال ما یزالون یعانون من أشكال اضطھاد مختلفة، ویبحثون عن أمن وظیفي یجعلھم ینامون أیامھم براحة وطمأنینة دون خوف على مستقبلھم .
حقیقة الامر، ولأن الشمس لا یمكن أن تختفي وراء غربال فإن حال عمالنا ما تزال دون المطلوب بكثیر، وما نزال بحاجة للكثیر من التعدیلات التي تضمن عیشة افضل لھم، واستقرارا وظیفیا افضل، وتعالج حالات اختلال جندریة ما نزال نعاني منھا حتى الیوم.
حقیقة الامر أن عمالنا بحاجة لرواتب مقنعة اكثر من حاجتھم لعبارات الإنشاء التي ستعج بھا وسائل التواصل الاجتماعي ھذا الیوم، كما ان حاجتھم للتخفیف علیھم من عبء الحیاة، وارتفاع الأسعار وتدني الرواتب اكثر من حاجتھم لاستذكار دورھم والثناء على سواعدھم التي تبني، فالكلام لا یفید العامل الذي یعاني من فواتیر لا ترحم وكلف تعلیمیة جنونیة، وعلاج یحتاج لأموال.
من حق العمال علینا أن نقول لھم في یومھم كل عام وأنتم بخیر، ومن حقھم أن نستذكر دورھم، ولكن الحق الأكبر أن نتعامل مع أوضاعھم بشكل واقعي دون ان نشیح النظر بعیدا عن رفع الحد الأدنى للأجر، اذ لیس معقولا ابدا ولا مقبولا ان تكون أجرة بیت متواضع 150 دینارا والحد الأدنى 220 دینارا، اذ كیف سیعیش إنسان لا یملك من المال حتى نھایة شھره سوى 70 دینارا فقط والمطلوب منه دفع كھرباء وماء وكلفة علاج وتعلیم وأكل وشرب؟!
أیعقل أیھا السادة ان نبقى على ذاك الوضع؟ أیعقل أن تبقى الأجور مختلفة بین الذكر والأنثى؟ أیعقل أن تبقى طبقتنا العاملة تعاني ضنك الحیاة، وتكتفي حكوماتنا بعبارات الإنشاء، ألم یحن الوقت لمنح العمال حقوقھم، وأبسطھا حد أدنى للأجر یعادل خط الفقر على أقل تقدیر، رغم ذاك، فإن من حق عمالنا علینا أن نقول لھم كونوا بخیر، دمتم بخیر، بأمل أن یكون العام المقبل أفضل، فكل عام وأنتم ونحن والأردن بألف خیر.