“البحث العلمي”.. ضعف نوعي وكمّي
أرقام ومؤشرات متواضعة وغیر مبشرة یعكسھا واقع البحث العلمي في الأردن، رغم ما تحفل به المملكة من توسع كمي في أعداد الجامعات، الرسمیة والخاصة والمعاھد العلمیة، وأیضا في أعداد طلبة وخریجي الجامعات بمن فیھم آلاف حملة الشھادات العلمیة بمختلف التخصصات والمجالات، ورغم أیضا تجربة عریقة سابقة كانت ناصعة البیاض بالمستویات العلمیة والبحثیة لأردنیین ومؤسساتھم العلمیة في عقود ماضیة.
المنحى المتراجع للأردن في البحث العلمي، یظھر بوضوح باحتلال الأردن العام الماضي المرتبة 70 عالمیا بمجال البحث العلمي، والمرتبة 79 في الابتكار، والتاسع عربیا من بین 150 دولة في مجالات البحث العلمي والابتكار.
عوامل عدیدة تفسر ھذا التراجع والواقع غیر المرضي للبحث العلمي، تحدیدا في الجامعات الاردنیة، تشیر دراسات وخبراء الى أن أبرزھا ”ضعف انتشار ثقافة البحث العلمي، وتدني جودتھ، وغیاب ثقافة الابتكار والإبداع والریادة، وعدم تأثیر نشر الأبحاث على الساحة الدولیة، وقلة مردود نتائج البحوث العلمیة والابتكار وبراءات الاختراعات الاقتصادیة“.
ضعف المخصصات المالیة للبحث العلمي أیضا یعد من الأسباب الرئیسیة لھذا الواقع السلبي، اضافة الى عوامل أخرى، منھا قلة الاھتمام بنتائج البحوث العلمیة من الجھات المستفیدة، وغیاب التشاركیة بین الجھات المعنیة في ھذا المجال، وضعف التنسیق والتعاون مع ھذه الجھات في البحث والتطویر في القطاعین العام والخاص“.
فیما تلفت دراسات رسمیة ایضا الى ان من عوامل الضعف أیضا خفوت الاتصال بمراكز البحوث الدولیة، وعدم استغلال فرص الشراكة مع المؤسسات الدولیة الداعمة، وھجرة العقول لعدم استغلالھا بالطرق المناسبة عبر التشبیك الفعال“.
كما أن ثمة بیروقراطیة في تعامل المؤسسات الأكادیمیة مع البحث العلمي؛ وعزوف غالبیة الباحثین المتمیزین عن القیام بأبحاثھم، وغیاب القیادات البحثیة والحوكمة غیر المستقرة، وغیاب التشریعات المناسبة لتحدید الأولویات وطنیا، وتعدد المرجعیات وضعف البنیة البحتیة في المؤسسات الأكادیمیة ومراكز البحوث.
المیدان الرئیسي للبحث العلمي في المملكة یتمثل بالجامعات الاردنیة، وتحدیدا الرسمیة، لكن ملفا تنشره ”الغد“ الیوم حول ھذه القضیة، یظھر العدید من الشكاوى والانتقادات من أكادیمیین حول عدم توفر الإمكانیات المادیة المناسبة لدعم البحث العلمي ومنحھ حقھ وما یستحق من اھتمام، فیما تفاوتت الإنجازات بین الجامعات في التمیز والتقدم بمجالات البحث العلمي.
وتضم الجامعات الأردنیة؛ أكثر من 10 آلاف عضو ھیئة تدریس، لم یتقدموا لصندوق البحث العلمي التابع لوزارة التعلیم العلمي والبحث العلمي إلا بـ300 طلب للبحث العلمي العام الماضي. فیما أنفق ھذا الصندوق منذ انطلاقھ العام 2007 3.41 ملیون دینار، تغطي مشاریع بحثیة وجوائز الصندوق، ومنح طلبة الدراسات العلیا والمجلات العلمیة والمؤتمرات العلمیة والمشاریع الوطنیة.
رؤساء جامعات رسمیة ومسؤولون فیھا تحدثوا لـ“الغد“ الیوم حول واقع البحث العلمي بجامعاتھم، حیث أجمع أغلب المتحدثین على رفع جامعاتھم لمخصصات البحث العلمي والابتعاث في السنوات القلیلة الأخیرة عن النسبة المطلوبة حسب القانون وھي 5 %من موازنة الجامعة، فیما لم یخف آخرون عدم قدرة جامعاتھم على تخصیص موازنات مناسبة لأغراض البحث العلمي والابتعاث.