ساعة الحقيقة تقترب / ماجد توبة
تتسارع المؤشرات على اقتراب دفع إدارة الرئیس الأمیركي دونالد ترامب بما تسمیھا ”صفقة القرن“، التي ما تزال تفاصیلھا وحیثیاتھا قید الكتمان والأسرار، إلى العلن، حیث إن المعلن حتى الیوم أن طرح الخطة الأمیركیة لتسویة القضیة الفلسطینیة سیتم بعد انتھاء الانتخابات “الإسرائیلیة” المقررة خلال أیام.
ورغم عدم الاعلان رسمیا عن تفاصیل ھذه الصفقة الامیركیة، إلا أنھا عملیا دخلت حیز التنفیذ مبكرا جدا، ومنذ وصول ترامب الى سدة الرئاسة بواشنطن، عبر سلسلة سیاسات وقرارات عدائیة للحقوق العربیة والفلسطینیة ومخالفة للشرعیة الدولیة المستقرة، من اعتراف غیر قانوني بالقدس عاصمة لكیان الاحتلال، ولاحقا منح الاحتلال صك السیادة على الجولان العربي السوري المحتل، وبین ذلك وقبلھ الحرب الاقتصادیة والسیاسیة الشاملة التي شنتھا إدارة ترامب على الشعب الفلسطیني وسلطته وعلى ”الأونروا“.
ملامح ھذه الصفقة الأمیركیة، أو بالأحرى ما تبقى منھا لیكتمل مشھدھا، لم یعد خافیا رغم التكتم على التفاصیل، فھي تستھدف أساسا دمج كیان الاحتلال بالمنطقة والتطبیع الواسع معه، مع بقاء الأرض والسیادة والأمن والمستوطنات معھ، ووأد أي آمال بإقامة دولة فلسطینیة وانھاء ملف اللاجئین والقدس، مع وعود ھلامیة بضخ أموال واستثمارات تمول بصورة أساسیة من المنطقة ذاتھا!
نتیجة الانتخابات “الاسرائیلیة” المقتربة باتت شبھ محسومة، وتحدیدا عودة نتنیاھو، الطفل المدلل لترامب، إلى تشكیل الحكومة “الاسرائیلیة” المقبلة، بعد ان منحته سیاسات وقرارات ترامب مھربا من حبل الفساد الذي التف حول رقبتھ واعطته دفعة قویة للفوز بالانتخابات.
منسوب القلق والغضب یرتفع فلسطینیا وأردنیا وعربیا مما ستحملھ المرحلة المقبلة من اخطار على القضیة المركزیة وعلى حقوق الشعب الفلسطیني، في ظل توقع قدوم اعصار من الضغوط الأمیركیة و”الاسرائیلیة” لمحاولة تمریر الصفقة وفرضھا، وینبئ بأن المنطقة والقضیة مقبلتان على سنوات عجاف صعبة، تفرض حجما ھائلا من التحدیات، خاصة على الأردن والشعب الفلسطیني وقیادته.
ثمة عوامل ونقاط ضعف محبطة في تحلیل المشھد، ترفع من منسوب القلق والخشیة على الحقوق العربیة، تقابلھا نقاط قوة عدیدة وعوامل مبشرة تبعث بالمحصلة على الاطمئنان بعدم قدرة الولایات المتحدة وكیان الاحتلال على فرض شروط الھزیمة الصفقة على ھذا الصعید.
نقاط الضعف الأساسیة لھا علاقة بالھوج الذي تتسم به ادارة ترامب بتعاطیھا مع العلاقات الدولیة والشرعیة الدولیة، والانحیاز الاعمى للعدو “الاسرائیلي”، وایضا لھا علاقة بالانقسام الفلسطیني القاتل الذي یضرب باساسات القدرة الفلسطینیة على الصمود والتصدي لما یخطط له من نكبة جدیدة، ناھیك عن العامل العربي الخطر في ھذا السیاق، حیث تتراجع اولویة القضیة الفلسطینیة امام اخطار مفترضة اخرى في ثوابت السیاسة الرسمیة لعدید من الدول العربیة، والتي تبدو قابلة للانسیاق في مشاریع ترامب وصفقاته.
أمام نقاط الضعف ھذه؛ ثمة العدید من نقاط القوة والاسلحة التي یمكن بھا مواجھة الصفقة الامیركیة؛ أولھا وجود شبه اجماع دولي على التمسك بالشرعیة الدولیة وقرارات الامم المتحدة في القضیة الفلسطینیة، ورفض الخطوات الامیركیة الاحادیة تجاه القدس والجولان، وتمسك ھذا المجتمع بحل الدولتین. ھذا الموقف الدولي یمكن البناء علیھ لمواجھة ورفض ما ستطرحه الادارة الامیركیة.
العامل الثاني والأساس في نقاط القوة؛ ھو موقف الشعب الفلسطیني الثابت، الذي لا یمكن له ان یقبل بالتوقیع على صفقة او تسویة لا تعید له الحقوق وتمنح الاحتلال شرعیة فلسطینیة وعربیة.
ھذا الموقف یسانده بصورة اساسیة موقف أردني ثابت وحازم لا یمكن لھ القبول بمصادرة الحقوق الفلسطینیة وانھاء الامل بالدولة الفلسطینیة وفتح الباب لاخطار استراتیجیة تمس المصالح الأردنیة العلیا. وھذان الموقفان یساندھما موقف شعبي عربي واسع لا یفرط بالحقوق الفلسطینیة والعربیة.
الراھن؛ أن قرارات الولایات المتحدة، حتى لو وافق علیھا كل العالم، لا یمكن ان تصبح حقیقة وواقعا إن لم یوقع علیھا الشعب الفلسطیني، وھذا مجرد حلم لرجل مأفون وغبي قابع في البیت الابیض ولا یعرف بحقوق الشعوب شیئا!