مقالات

تراجع الاستثمار في الاردن

أشارت تقارير متعددة صادرة عن جهات حكومية كدائرة الاحصاءات العامة والبنك المركزي بالإضافه إلى مراكز أبحاث ودراسات، أن السنوات العشر الماضية شهدت تراجعاً في الاستثمار بالقطاعات المختلفة، سواء كانت خدمية أو إنتاجية كقطاع الزراعة أو الصناعة، لأسباب كثيرة ومتعددة ذات علاقة بالسياسات المالية والضريبية التي أنتجتها الحكومات المتعاقبة، انصياعاً لتوصيات وتوجيهات صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، والتزاماً بمعاهدة التجارة الحرّة التي سمحت للسلع الأجنبية بالتدفق لأسواقنا مما ساهم في انخفاض الطلب على السلع والخدمات بشكل عام وعلى السلع الأردنية على وجه الخصوص لاعتبارات أهمها ارتفاع أسعار بيع السلع المحلية قياساً بأسعار السلع المستوردة سواءً كانت هذه ذات علاقة بالغذاء، الدواء، الملابس أو السلع الإنشائية. لقد تأثرت الاستثمارات بالسياسات المالية والاقتصادية والنقدية التي انتهجتها الحكومات المتعاقبة، والتي كانت تحت إشراف ومراجعة دورية لصندوق النقد الدولي التي ضاعفت كثيراً نفقات الحكومة الجارية، ودفعت قدما من أجل تخلي الدولة عن منشآتها الإنتاجية تحقيقا لهدف الخصخصة التي كانت إحدى تجليّات دخول الأردن ببيئة الاقتصاد العالمي الذي وضعت أميركا على وجه الخصوص أركانه الثلاث المتعلقة بـ صندوق النقد الدولي، البنك الدولي، منظمة التجارة العالمية. والهدف إقامة الامبراطورية الأمريكية من خلال السيطرة على اقتصاد الدول وتحويل أسواق هذه الدول محلاً لتصريف منتجاتها وثرواتها الوطنية خاصة المواد الأولية والنفط مدخلاً لصناعاتها والأيدي العاملة الرخيصة بديلاً للأيدي العاملة الوطنية التي غالباً ما تكون مرتفعة.
بقراءة للسنوات 2013 حتى 2017 يتضح لنا أن حجم الاستثمار الخارجي خلال هذه الفترة بلغ (17507) مليون دولار احتلت روسيا الاتحادية المرتبة الاولى وبمبلغ اجمالي مقدره (10032) مليون دولار ومن خلال مشاريع ثلاث تنفذها (3) شركات ايضاً. وتحتل المرتبة الثانية ماليزيا بمبلغ اجمالي مقداره (1600) مليون دينار من خلال مشروع واحد وشركة واحدة واحتلت المرتبة الثالثة جمهورية مصر العربية البالغ استثمارها بمبلغ (1129) مليون دولار بمشروع واحد لشركة واحدة, اما المستثمر الرابع فكانت دولة الامارات العربية بحجم استثمار وصل الى (1039) مليون دولار من خلال (18) مشروع وبواقع (13) شركة. أما المستثمر الخامس فكانت استونيا بمبلغ استثمار مقداره (750) مليون دولار بمشروع واحد وبشركة واحدة. أما السعودية فقد احتلت المرتبة السادسة بحجم استثمار مقداره (719) مليون دولار من خلال (4) مشاريع وشركتان تلا ذلك كل من ايطاليا بحجم استثمار مقداره (443) مليون دولار من خلال ثلاثة مشاريع وثلاث شركات بعد ذلك استثمرت البرتغال بمبلغ (439) مليون دولار من خلال مشروعين وشركة واحدة اما الولايات المتحدة الامريكية فبلغ حجم استثمارها مبلغ (288) مليون دينار من خلال (13) مشروع و (13) شركة استثمارية. أما اليابان فكان حجم استثمارها بواقع (220) مليون دولار وباستثمار واحد وشركة واحدة اما باقي الدول فبلغ حجم استثمارها بمبلغ (820) مليون دولار من خلال (30) مشروع وبواقع (25) شركة وقد توزعت هذه الاستثمارات في قطاعات الفحم والنفط والغاز الطبيعي بمبلغ (1235) مليون وفي الطاقة البديلة المتجددة بنسبة (2474) مليون دولار اما العقارات فبلغ معدل الاستثمار بها (1624) مليون دولار وبمعدل (227) مليون دولار للخدمات المالية و(192) مليون دولار في الفنادق والسياحة و (160) مليون دولار في قطاع الاتصالات ومعدل (137) مليون دولار وفي مجال البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات ومعدل (127) مليون دولار في مجال الغذاء والتبغ وفي التخزين (64) مليون دولار اما خدمات الاعمال فكانت معدل الاستثمار بها فقط (38) مليون دولار اما الشركات العاملة في هذه الاستثمارات فهي (Rosatom) الروسية, (YTL) الماليزية, مجموعة عامر المصرية, (Eesti Energie) الاسترالية, و (ACWA Power international) السعودية وبمقارنة سريعة نجد ان الزيادة بالاستثمار الاجنبي كان سالباً جداً وبتراجع مقداره (456) مليون دولار وبتراجع في عدد المشاريع من (88) مشروع حتى عام 2016 الى (77) مشروع في عام 2017 اما عدد الشركات الاجنبية العاملة فانخفض من (70) شركة في سنة 2016 الى (64) شركة في عام 2017 ولم يتسنى لي معرفة الاوضاع لسنة 2018 وبالمعلومات المتوفرة فإن هذا العام شهد تراجعاً ايضاً شكلت عوامل الفساد, ارتفاع تكاليف الاستثمار, الاضطرابات الاقليمية, بالاضافة الى اعتبارات اخرى ساهمت في هذا التراجع.
ما ينتظرنا كثير وكبير، فأزمة المالية العامة بسبب الانكماش الاقتصادي الذي نتج عن جملة السياسات المالية والضريبية سيزيد من مصاعب قدوم استثمارات حقيقية ذات اضافة نوعية.

بواسطة
محمد البشير
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى