هزيمة القائمة الخضراء في “الأطباء”، انقسامات وصراعات ساهمت في انتصار تيار “لا لتسييس النقابات”
بعد سيطرة شبه مطلقة على نقابة الأطباء دامت لأكثر من عشر سنوات، تعرضت القائمة الخضراء لهزيمة قاسية في انتخابات مجلس النقابة التي عقدت قبل أيام، حيث خسرت القائمة منصب النقيب وكافة مقاعد مجلس النقابة في سابقة لم تحدث منذ أكثر من 15 عاماً.
وشارك في انتخابات نقابة الأطباء قائمتان باسم القائمة الخضراء ما ساهم في تشتيت أصوات القائمة وعزوف بعض مناصريها عن الانتخاب نتيجة لهذا الانقسام.
الدكتور موسى العزب منسق القائمة الخضراء أكد أن ما حدث يمثل هزيمة غير مسبوقة للقائمة الخضراء، وقد لعبت عدة عوامل في الوصول إلى ذلك، وكان لانقسام “القائمة” والتجاذبات في هذه المسألة الدور الأكبر في تشتيت أصوات قاعدتها التاريخية، وتوفير الفرصة للقائمة المنافسة من الانقضاض عليها.
العزب: ظاهرة “المستقلون” وانشغالات القائمة الخضراء بخلافاتها الداخلية
ولفت العزب في حديثه لـ نداء الوطن إلى أن عدة عوامل أخرى ساهمت في تلقي هذه الخسارة، من بينها انشغال هيئات “القائمة” ولفترات طويلة في حلّ إشكالات وتجاذبات داخلية وخارجية، أشغلتها عن التفرّغ لحملتها الانتخابية مبكراً، وحدّت من قدرتها على شرح برنامجها، والتنبه لوصول أعداد كبيرة من خريجي الجامعات إلى عضوية النقابة ومضمار العمل في جميع المستشفيات، كما لوحظ وجود استياء من ضعف أداء المجلس، رغم كثير من الإنجازات عند قطاعات كبيرة من الناخبين.
ونوه الدكتور العزب إلى أنه من الضرورة أيضاً، الإشارة لبروز ظاهرة ما يسمى “بالمستقلين” أثناء التحضير للانتخابات، ولم تكن هذه الظاهرة سوى ذريعة منفعية للكثير ممن ينتمي لأطياف متعددة استمرأت الاختباء خلف هذه المفردة المستحدثة، لدرجة انكفاء القائمة البيضاء “الاخوانية” بالكامل واحتمائها بإحدى المجموعات “المستقلة” في عنواني النقيب وأغلبية العضوية، وفوزها بكل مقاعد المجلس.
العرموطي: أداء نقيب “الخضراء” ساهم في خسارة شعبيتها وحضورها بين الأطباء
ويرى الدكتور أحمد العرموطي نقيب الأطباء الأسبق وأحد أركان القائمة الخضراء أن ما حدث هو عقوبة من الهيئة العامة على عمل مجلس النقابة الذي كانت تمثله القائمة الخضراء نقيباً وأعضاء.
ورأى العرموطي في اتصال هاتفي مع نداء الوطن أن انقسام القائمة الخضراء ساهم في الهزيمة، ولكن ليس إلى درجة كبيرة، وأن الأساس في هذه الانتخابات هو مواقف وتصرفات نقيب الأطباء وأعضاء مجلس نقابة الأطباء الذين كانوا يمثلون القائمة الخضراء.
ولفت العرموطي إلى أن تخلي نقيب الأطباء “الأخضر” عن مطلب الأطباء المؤهلين وحملة الشهادات وعدم وقوفه مع الأطباء الجدد وعددهم 1500 طبيب عاطلين عن العمل والذين لم يكن لهم فرصة الحصول على لقمة العيش ولم يأخذ أي موقف إيجابي تجاههم ولّد ردة فعل سلبية تجاه القائمة الخضراء. وبالتالي سعى هؤلاء الأطباء إلى إسقاط القائمة تعبيراً عن موقفهم الرافض لعودة هذه القائمة مرة أخرى.
كما أشار الدكتور العرموطي إلى أن تناقض تصرفات النقيب كونه “عين” في مجلس الأعيان، ونقيباً للأطباء، فالعين يمثل الحكومة الأردنية، بينما النقيب هو منصب شعبي للدفاع عن حقوق ومطالب الأطباء. والجمع بين الاثنين كان جمع بين متناقضات، وموقعين متعارضين.
النقيب الجديد و”تسييس” النقابات المهنية
وفي أول تصريح له، أشار الدكتور علي العبوس نقيب الأطباء الفائز عن المستقلين والمتحالف مع القائمة البيضاء إلى أنه لا مكان للسياسة في نقابة الأطباء.
وينوه الدكتور موسى العزب عضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية ومنسق القائمة الخضراء إلى أن النقابات عملها مهني أولاً، والمجالس المتتالية سابقاً لم تتعامل بالعمل السياسي وتعاملت بالمواقف الوطنية والقضايا الوطنية، وإذا كان مفهوم النقيب الجديد الدكتور علي العبوس أن الموقف الوطني من القضايا الوطنية هو عمل سياسي فهذا فهم خاطئ.
وأشار العزب إلى أنه وفي المحصلة، فقد عانت النقابة من حالة من التجريف السياسي، وبروز صورة غير مسبوقة من التوتير والازدحام للمرشحين، في ظل أطروحات التشكيك بدور الأحزاب والفهم السياسي، والتقليل من شأن البرامج والمعايير، وإقحام العمل النقابي والانتخابات بالنزعات الفردية والتحالفات الطارئة والشراكات الزبائنية.
ويضيف العزب “مع احترامنا لخيار الناخبين، لم يستطع أحد أن يخفي الأبعاد السياسية للمعركة الانتخابية الأخيرة، في ظل محاولات الحكومة خصخصة القطاع الصحي العام، من خلال منح هامش أوسع لقطاع البزنس، وتكريس نظام السوق في القطاع الخاص، وانفتاح تسليع السياحة العلاجية، خضوعاً لإملاءات صندوق النقد الدولي. ويلعب التيار الحكومي في النقابة، دوراً مكشوفاً في التهيئة لذلك، من خلال ضرب العمل المنظم، والكتل صاحبة الرؤية والبرنامج، وبالتالي تصفية المكانة الوطنية للنقابة، وتلعب قائمة “القمة” الفائزة والتيارات الليبرالية المنتفعة، دوراً في إرباك وضرب القائمة الخضراء، وما تمثله من برنامج ورؤية وتراث.”
وحذّر الدكتور العزب من تبعات الوضع الحرج للنقابة بوصول مجلس لا يملك الخبرة اللازمة، ونقيب يلوّح بنمط من العلاقات الداخلية الإقصائية، وتيار يرث تجارب سابقة كان لها آثار مدمرة على صندوق التقاعد ومقدرات النقابة. وضع النقابة يدعو لمشاركة الجميع وطرح برنامج إنقاذ.