أخبار محلية

مؤشرات 2015 الاقتصادية مثيرة للقلق والخوف

  • المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لا توحي بأي تفاؤل يُذكر
  • الحكومة رهينة بيد صندوق النقد
  • الحكومة تتحدى الشعب وتصر على تمرير صفقة الغاز

دأبت بعض الجهات الرسمية والإعلام الذي يروج لها على بث روح التفاؤل بتحسن الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي الأوضاع المعاشية للمواطنين، ولم تكن حساباتها أو محاولاتها تمرير خداعها للمواطنين مبنية على أي أساس موضوعي، فكانت الأرقام الرسمية في نهاية السنة المالية تأتي مناقضة لتوقعات المتفائلين.

وفي هذا العام 2016 وفي محاولة لقراءة حصيلة نتائج العام الماضي 2015، اختفت كل المحاولات لتزييف الواقع، وبدا وكأن الذين درجوا على خداع المواطن قد انكشفوا، ولذلك لم يجرؤ أحد على بيع الأوهام والأكاذيب. إذ أظهرت الأرقام الرسمية نفسها التي تنشرها دائرة الإحصاءات العامة، أن عام 2015 شهد تباطؤاً حاداً، وأن المؤشرات الرئيسية لا تبشر بخير، وأن هذا العام والعام القادم ربما يشهد أسوأ تراجع اقتصادي. وأن تداعيات انخفاض أسعار النفط العالمية كانت في مجملها سلبية، ولم تحقق الإيجابيات التي بنت الحكومة الآمال عليها.

لقد انخفضت فاتورة النفط بنسبة 41%، إذ انخفضت قيمة المستوردات النفطية ومشتقات النفط من 4,3 مليار دينار عام 2014، إلى 2,5 مليار دينار عام 2015، لكن ذلك لم يساهم سوى في تخفيض نسبة العجز في الميزان التجاري، وبالمقابل، تراجع حجم الاستثمار الأجنبي، خاصة الخليجي، بنسبة 37%، حيث بلغ صافي الاستثمار 9,5 مليون دينار، مقارنة مع 1,426 مليون دينار عام 2014، بتراجع قدره 521,6 مليون دينار.

وبالرغم من أن الظروف السياسية في المنطقة ساهمت إلى حدٍ كبير في هذا التراجع، إلا أن بعض القرارات مثل زيادة أسعار الكهرباء وفرض ضرائب إضافية، وميل الدوائر المعنية إلى المزيد من البيروقراطية، كانت أسباب رئيسية في تدهور وضع الاستثمار. ولعل عدم تجديد رخص وإغلاق أكثر من 1500 منشأة صناعية خلال عام واحد، وتوجه وانتقال مستثمرين محليين وأجانب للاستثمار في سوق دبي بما قيمته 700 مليون دولار، دليل ساطع على بؤس السياسات الحكومية في هذا المجال.

ويمكن الإشارة أيضاً إلى السياحة، وتراجع معدلات نمو التحويلات والمساعدات الخليجية، وتراجع الإيرادات الضريبية من المشتقات النفطية، وهذه رغم أن بعضها خارج عن إرادة الحكومة، إلا أن البعض الآخر من المسؤوليات المباشرة للحكومة وإصرارها على اتباع نفس السياسات.

وتأكيداً على استمرار التباطؤ الاقتصادي، لا بد من الإشارة إلى أهم مؤشر من المفروض أن يساهم في تخفيف الضغوط عن كاهل المواطنين وخاصة الشرائح الفقيرة وذوي الدخول المحدودة. فقط أظهرت الأرقام الرسمية أن معدلات النمو لم تتجاوز 2.4% عام 2015 وهذه النسبة هي الأدنى منذ عدة سنوات، حيث بلغت نسبة النمو الاقتصادي عام 2014 ما مقداره 3.1%، وإذا ما عرفنا أن نسبة النمو السكاني تبلغ 2.3% يضاف إليها 5% نسبة النمو السكاني بسبب اللجوء السوري، يصبح المطلوب نسبة نمو لا تقل عن 7.3%، هذا إذا أردنا المحافظة على مستوى معيشي مقبول، لكن الأرقام تشير إلى أن مستوى المعيشة تراجع بنسبة 5% خلال السنوات القليلة الماضية.

إن تراجع معدلات النمو إلى هذا الحد الخطير ساهم في زيادة معدلات البطالة، وحسب الأرقام الرسمية التي يشكك الكثيرون في صدقيتها، فقد بلغت نسبة البطالة للعام الماضي 2015 ما مقداره 13% من مجموع القوى العاملة.

أما المؤشر الثالث فيتعلق بالمديونية، حيث بلغت أرقاماً مقلقة العام الماضي وصلت إلى 22,6 مليار دينار، مما يضاعف الضغط على الموازنة ويحمّلها فوائد تتجاوز المليار دينار سنوياً، إذا بقيت المديونية على هذا المستوى، حيث أن الحكومة أصبحت تستهوي سياسة الاقتراض لسداد القروض القائمة، وتخيض عجز الموازنة الذي بلغت نسبته عام 2014 ما قيمته 14.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوقعت الحكومة أن يبلغ 9.7% في السنة المالية المنصرمة.

إذن المؤشرات الاقتصادية الرئيسية لا توحي بأي تفاؤل يذكر، بل أنها تنشر مزيداً من الخوف والقلق لدى المواطنين من عام قادم مثقل بالأزمات، وبالتالي انعكاسات ذلك على مستوى المعيشة التي لم تعد تحتمل.

الحكومة رهينة بيد صندوق النقد

لأول مرة تنهي بعثة صندوق النقد الدولي برئاسة مارت سيرسولا زيارتها للأردن دون أن تمطرنا بعبارات التفاؤل والمديح لتطور الاقتصاد الأردني وتجاوزه للأزمة الغارق بها والمستمرة تداعياتها السلبية على الشعب الأردني.

زيارة البعثة للأردن جاءت لكي تقف على نتائج برنامج الاستعداد الائتماني الذي تم فرضه على الحكومة وتطبيقه خلال الفترة كم 2012 – 2015 واقترضت الحكومة على أساسه 2 مليار دولار، ومن ثم فرض برنامج إصلاح جديد على الحكومة، وقد ناقشت بعثة الصندوق إجراءات هيكلية تشمل بيئة الأعمال وسوق العمل وقد اشتملت المناقشات أبرز المؤشرات للاقتصاد الأردني، وعلى رأسها المديونية، والنقدية ومعدلات البطالة. ويبدو أن البعثة اصطدمت ومن الطبيعي أن تصطدم بأرقام سلبية مذهلة، ومؤلمة، لكنها لا تفصح عنها، لأن لا أحد يتوقع أن تكون سياسة الصندوق أصلاً قائمة على تطوير اقتصادات الدول التابعة والفقيرة، لأن هم الصندوق هو إبقاء مثل هذه الدول تحت مطرقة القروض، وفرض الضرائب، وتقليل عجز الموازنة لصالح سداد أعباء هذه القروض، أما مستوى معيشة مواطني الدول النامية والفقيرة، فليس في وارد تفكير الصندوق.

البعثة ناقشت فرض برنامج إصلاح جديد مدته 4 سنوات وبالطبع سيقرض الحكومة مليارات جديدة شريطة الالتزام بالبرنامج.

الحكومة تتحدى الشعب وتصر على تمرير صفقة الغاز

صفقة الغاز، التي يسميها البعض صفقة العار، ويسميها آخرون الصفقة المخجلة، لم يتم إيقافها، كما تحاول الحكومة الأردنية أن تكذب على مجلس النواب، وعلى الشعب الأردني. فالاتفاقية تم توقيعها بالأحرف الأولى، والتوقيع جرى في السفارة الأمريكية برعاية وزير الخارجية الأمريكي جون كيري.

والصفقة مفروضة على الأردن، بعد ضغوط متواصلة، وبعد محاولات عديدة لإقناع الأردن بالجدوى السياسية والإستراتيجية للصفقة، فالأردن يحظى باهتمام واشنطن باعتباره حصان طروادة الذي يحمل الصهاينة إلى كامل المنطقة العربية، وتسهيل اندماج الكيان الصهيوني (إقليمياً وسياسياً واقتصادياً) حسب صحيفة ذي ماركر الاقتصادية الصهيونية، ووفق تصريحات أمريكية بأن الاتفاقية تستهدف خدمة أهداف إستراتيجية متعلقة بمنطقة الشرق الأوسط وتعزيز المحور المعتدل في المنطقة.

وأمام اتساع دائرة السخط والغضب في مجلس النواب وفي الشارع الأردني، حاولت كل من الحكومة الأردنية والكيان الصهيوني والولايات المتحدة الضحك على الشعب الأردني، بحيث يقيم الأردن شركة ظل تقوم بشراء الغاز من حقل ليفثيان الذي يقع على الشواطئ الفلسطينية واستولى الكيان الصهيوني عليه بالقوة، ومن ثم تبيعه للشركة الأمريكية التي تقوم بدورها ببيعه للأردن.

وهيلاري كلينتون بدورها قالت بصراحة، لقد وجهت نصيحة لوزير الخارجية الأردني لعقد الصفقة بهدف توثيق العلاقات الإستراتيجية بين الأردن والكيان الصهيوني.

وأعضاء البرلمان الأردني جميعاً سواء الشرفاء الوطنيون أو عملاء الحكومة وخدمها يعرفون بالضبط خبايا وأهداف الصفقة الشريرة، وقد وقف النواب الشرفاء ضد تنفيذ الصفقة المخزية والخيانية، وفضح عضو اللجنة المالية في المجلس جعفر الحوراني الأساليب الشائنة التي تقوم بها الحكومة المخاتلة للكذب على الشعب الأردني، وقال (أن تلويح الحكومة بالانسحاب من الاتفاق ما هو إلا مسرحية على الشعب الأردني).

إذن على الحكومة أن تتحلى بشيء من الشجاعة، وتعلن أنها سائرة في إخراج الصفقة إلى حيّز التنفيذ، وأن الشعب الأردني لا يمثل أي قيمة، وهنا على الشعب الأردني أن يقول كلمته، فلم يعد بينه وبين الحكومة أي لغة مشتركة أو قواسم مشتركة، لقد أصبح في واد والحكومة في وادٍ آخر هو واد أمريكا وإسرائيل.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى