الغذاء والدواء: مادة سامة وخطرة على صحة الإنسان
“الجوكر” يقتل الشباب باسم البخور والاستعمالات الحيوانية
- سرحان: ينتشر سريعاً ولا يكشف بالفحوصات التقليدية
- الأمن: مدارسنا وجامعاتنا خالية ونسبة المتعاطين 1%
- محسن: تكرار التعاطي يصل في بعض الحالات لمرحلة الجنون المؤقت
في الوقت الذي يتزايد فية انتشار وتعاطي “الجوكر” أو ما يعرف “سبايس وجوكر وبووم ودريم” بين المتعاطين خصوصاً من فئة الشباب، والتي تصنع من مواد عشبية لها لون أخضر فاتح تحمل رائحة الماريجوانا وتعالج بمواد كيماوية وتستخدم من خلال لفّها بأوراق “أوتومان” وتدخينها بواسطة الغليون أو الأرجيلة المفرغة من الماء، تؤكد الأجهزة الأمنية بأن النسب المضبوطة للمتعاطين لا تزال ضمن الحدود الدنيا عالمياً، لتؤكد على نجاح سياستها في محاربة الظاهرة والإبقاء على الأردن ممراً وحسب.
استشاري الطب النفسي الدكتور وليد سرحان، أكد أن مادة “الجوكر” تعد من المخدرات الاصطناعية التي وصلت إلى الأسواق العالمية في عام 2000، وبدأت في الانتشار سريعاً إلى أن وصلت الدول العربية منذ عامين لثلاثة تقريباً، يتم التسويق لها على أنها طبيعية مائة في المائة، وليس لها أضرار جانبية، من خلال بيعها كأعشاب مقوية وبخور ويمكن الحصول عليها عبر المواقع الإلكترونية.
وأكد أنه وبعد التعاطي تبدأ العديد من العوارض بالظهور على المتعاطي والتي تشبه الأعراض المصاحبة للمهلوسات أو الحشيش والمهدئات، والبعض يصل لحالات الهلوسة أو الجلطة القلبية أو نوبات صرع، وقد سجلت وفيات مفاجئة في العديد من الدول، وهو ما يشكل صعوبة في مكافحته، فالكثير من المخدرات المصنعة تنقل وتعبأ على أنها مواد ليست للاستعمال البشري لإبعاد الرقابة عنها، كأنها بخور أو أعشاب أو لاستعمالات مرتبطة بالحيوانات، وهذه طفرة جديدة في عالم الإدمان.
وحذّر الاستشاري سرحان من سرعة انتشارها حيث لا يمكن الكشف عنها في الفحوصات التقليدية، وكذلك لأنها لم تكن من المواد المحرمة قانوناً مثل الحشيش “القنب” ونظراً أيضاً لتأثيره القوي المشابه لتأثير القنبيات “الحشيش” وانتشاره السريع بين أوساط الشباب خصوصاً الفئة العمرية بين 19 إلى 25 سنة، علماً بأنها تسبب الوفاة المفاجئة والتي تقترب في أعراضها من الأزمة القلبية، ومنها الجوكر وسبايس وK2.
وأوضح الدكتور وليد سرحان في حديثه لنداء الوطن، أن تعاطي المخدرات يعني ببساطة دخول مواد سامة للجسم وليس بالضرورة أنها نقيّة ومصنّعة بإشراف علمي، بل هي مغشوشة وفيها الكثير من الشوائب التي قد تكون قاتلة بحد ذاتها، والآثار على الجسم كبيرة ومتعددة وتعتمد على نوع المخدر، وفيما إذا كان نقي أو مخلوط وطريقة استخدامه، فالشم والتدخين يؤدي لأضرار مباشرة في الأنف والجهاز التنفسي، بينما الحقن الوريدي، يؤدي لنقل الأمراض مثل الإيدز والتهاب الكبد الوبائي، ولكن عموماً نجد المدمنين في صحة هزيلة، ويكون المدمن شاحب ضعيف، ويبدو عليه المرض وكثيراً ما يخسر من وزنه ويكون مشتت وخائف وهو يخفي سراً عن أهله وعن الأمن، ويترافق هذا مع تغيير سلوكه في التكتم والسرية والانقطاع عن المجتمع والهوايات وحتى الأكلات والمناسبات التي كان يحبها، ويمكن لأي مراقب أن يشك بوجود خلل في هذا الإنسان والخلل قد يكون سلوكي ونفسي وعضوي في آن واحد.
مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد أنور الطراونة، أكد أن الأردن ووفق الدراسات العالمية العلمية المعتمدة، ما زال دولة عبور للمخدرات، مشيراً إلى أن نسبة المتعاطين لا تتجاوز الـ 1% من عدد السكان، وهو ما تؤكده تقارير الأمم المتحدة.
وقال في تصريح صحفي سابق، “أننا ما زلنا بفضل جهود المكافحة وتعاون المواطنين بعيدين عن أن نكون مقراً للمخدرات رغم التحديات التي فرضها تزايد أعداد اللاجئين في هذا الجانب”.
ولفت إلى أن الأرقام التي يتم الإعلان عنها وإن كان بعضها كبيراً ويشكل عامل قلق إلا أنها في الغالب تكون معدة للتصدير لخارج الأردن، قائلاً: “مدارسنا وجامعاتنا ما زالت نظيفة من المخدرات، وإن كان هناك بعض المتعاطين الذين بدأوا التعاطي خارج مؤسساتنا التعليمية”، داعياً إلى عدم التهويل والمبالغة في الأرقام دون الاستناد إلى حقائق داعمة لها “فغالبية ما ينشر عن المخدرات خارج القنوات الرسمية غير صحيح”.
وحذّر من مادة الجوكر مشيراً إلى أنها مادة كيمائية قاتلة، تؤدي للجنون الدائم أو المؤقت وتتسبب بالوفاة ، وأوضح أنها تصنف ضمن المواد المهلوسة، ويمكن للشخص ارتكاب أي شيء من الممكن أن يصل إلى ارتكاب جريمة القتل لعدم إدراكه بالتصرفات المعمولة، وينتهي المطاف بمتعاطي الجوكر بالموت المفاجئ، بسبب المواد الكيميائية الخطيرة التي تدخل في صناعته والتي تترسب في الكبد، لافتاً أن تغيراً بالسلوك يحدث عند ذلك الشخص ليصبح انطوائياً قليل الكلام ويفقد الشهية تدريجياً ويبتعد عن المناسبات خوفاً من الاختلاط من الناس لعدم كشفه، ويميل إلى العزلة.
وتنص المادة الثامنة من قانون المخدرات والمؤثرات العقلية، على أن كل من “أنتج أو صنّع أي مادة مخدرة أو مؤثرات عقلية” بقصد الإتجار بها، “يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة لمدة لا تقل عن خمس عشرة سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد على عشرين ألف دينار”.
وكانت المؤسسة العامة للغذاء والدواء دفعت لإدراج الحشيش الصناعي “الجوكر” ضمن جداول المواد المخدرة والمؤثرات العقلية رقم (11) لسنة 1988، وتعديلاته. وقالت أن هذا القرار يمنح الجهات والمحاكم الأمنية المختصة صلاحية إيقاع أقصى العقوبات بحق مروّجي هذه المادة.
وأوضحت أن هذه المادة والتي بدأ تداولها منذ العام 2011، ودخلت للبلاد من خلال بعض المنافذ الحدودية، وهي مادة كيميائية يتم تصنيعها لتعطي مفعولاً شبيهاً بمواد مستخلصة من عشبة القنب والحشيش الطبيعي”.
وشددت المؤسسة على سميّة هذه المادة وخطورتها على صحة متعاطيها، إذ لا توجد أية دراسات علمية تثبت سلامة ومأمونية استخدام هذه المادة وتأثيراتها على المدى الطويل، ولها تأثيرات على القلب والجهاز العصبي إضافةً إلى الإصابة بنوبات قد تؤدي إلى تسممات نتيجة تحللها الى مواد أخرى سامة وغير معروفة.
وتحتوي مادة الجوكر على أعشاب مجهولة، يضاف إليها مواد كيماوية عالية السمية أبرزها الأسمدة والمبيدات الحشرية، وتباع بأسعار تصل إلى 20 ديناراً تقريباً لكل أربع غرامات مقارنة بتكلفتها المتدنية. ويعمل مروّجو هذه المادة على تغيير المعادلة الكيماوية كل مرة؛ بسبب استخدام مواد كيماوية كالأسمدة والمبيدات الحشرية، الكفيلة بإدمان متعاطيها من المرة الأولى بسبب الاستعداد الشخصي مع الخاصية الكيميائية الخطرة لهذه المواد.
وتعمل مادة الجوكر سريعة الذوبان بالدهون والنسيج الدماغي، على ضرب الجهاز الدماغي وإحداث جنون مؤقت إلى جانب الشلل، وسجلت مؤخراً حالات وفاة جراء جرعات زائدة.
ومن الاسماء التي تحملها المادة “سبايس وجوكر وبووم ودريم”، وتدخن على شكل سيجارة تدخل المتعاطي في نوم عميق تسبقه حالة من الهذيان وفقدان الاتصال بالواقع.
ويحدث “الجوكر” مضاعفات خطيرة، من بينها العمل على تغيير مفاجئ بوظائف الدماغ ليرى المتعاطي تهيئات خيالية، مع عدم تمييز المتعاطي المسافة والوقت والحجم.
أخصائي الطب والجراحة العامة د. محمد محسن أكد في اتصال أجرته معه نداء الوطن، أن الأعراض المرضية التي ترافق مدمني “الجوكر” تتفاوت بحسب حالة المدمن الصحية ومدى تكرار التعاطي بيد أنها تصل في بعض الحالات لمرحلة الجنون المؤقت والتي تتضمن الهذيان، والهلوسة، والارتباك، وتخيل أشياء غير حقيقية، والخروج عن تصرفاته الطبيعية، وإصابته بنوبات من التشنجات، وعدم القدرة على تقدير المسافات.
وأوضح أن تعاطي هذه المادة يتسبب في أضرار جسيمة لصحة وسلامة الإنسان، حيث تؤدي إلى إتلاف الجهاز العصبي المركزي، وخاصة المخ، مما ينتج عنه هبوط حاد في الجهاز التنفسي، ويكاد لا يتوقف عن الدخول من مرض لآخر، خصوصاً من أدمن لسنوات طويلة. وقد يؤدي في أسوأ الحالات إلى الوفاة.
ولفت محسن إلى أن الأمراض وتعددها ودرجة تفاوتها، تختلف بين متعاطي وآخر، بحسب نوع المادة ومدة التعاطي واستمراريتها، وكذلك تعاطي نوع واحد أو العديد من الأنواع، حيث تشتد الأعراض بحسب العوامل المصاحبة للمدمن وتعدد المواد المخدرة.