أخبار محلية

المرأة الأردنية : تطور “شكلي” في التشريعات وتراجع في التطبيق على أرض الواقع ضعف في حضورها الحزبي والنقابي، و”الكوتا” لم تنجح في إيصال المرأة الأفضل للبرلمان

نوال السعداوي: أنا لا أفصل بين تحرير المرأة وتحرير الوطن، وقمت بالربط في كتاباتي بين الاستعمار سواء أكان بريطانياً في السابق وأمريكياً حالياً من ناحية وقضايا المرأة.

تعتبر قضية المرأة من أكثر القضايا جذباً في مجتمعنا الأردني. ففي ظل انتشار المنظمات غير الحكومية المدعومة أجنبياً، فإن عنوان “حقوق المرأة” يحفز العديد من الجهات الداعمة لتقديم الدعم المالي لهكذا عناوين.

ورغم مئات الورش والمؤتمرات والحملات، إلا أن المرأة لا تزال تعاني من اضطهاد وقمع مزدوجين: اضطهاد كونها امرأة وآخر كمواطنة. حيث يبدو أن هذه النشاطات من مؤتمرات وورش.. إلخ، تكون مشدودة للجانب الإعلامي والاستعراضي بعيداً عن الحلول الحقيقية والجذرية لقضايا المرأة.

تعديلات على التشريعات والتفاف حكومي على الاتفاقيات الدولية

تؤكد الرفيقة رانيا لصوي رئيسة رابطة المرأة الأردنية وعضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية أن ما تم تحصيله من تعديلات قانونية وتشريعية تخدم نضال المرأة لم يكن سوى ظاهراً ومرتبطاً ببعض المواثيق والاتفاقيات الدولية، والمعايير الواجب توفرها، وغير مستند على قاعدة نضال وتغير حقيقية في المجتمع، وبالتالي بقيت هذه التغييرات في الإطار النظري فقط.

وتلفت الرفيقة لصوي في حديث خاص لـ نداء الوطن إلى أن منظومة القوانين والتشريعات في الأردن مستندة إلى قاعدة اجتماعية وموروث ديني عقائدي، هذا أثر بشكل واضح على إمكانية تعديل بعض القوانين مما أوصل العديد من مؤسسات المجتمع المدني النسوية إلى المطالبة بعلمانية الدولة لحل كل هذه المشاكل القانونية، وهذا ما يحتاج إلى عمل وتغيير في منظومة المجتمع كاملة.

وتقول السيدة تهاني الشخشير رئيسة اتحاد المرأة الأردنية أن المادة (6) من الدستور جرى حولها نقاش طويل، ولكن للأسف عندما جرت التعديلات الدستورية وكان هناك أمل كبير جداً إضافة كلمة الجنس أو كلمة الأردنيات إلى جانب كلمة الأردنيين والرجل. لكن للأسف الجملة الأساسية بقيت مثل ما هي.وأكدت السيدة هالة عاهد أننا كنا نود أن يتم إضافة كلمة الجنس لأشكال التمييز المحظورة بالدستور، أو أن يتم إضافة كلمة الأردنيات إلى جانب الأردنيين، ليصبح النص الأردنيون والأردنيات متساوون في القانون وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين. ولفتت عاهد في حديثها لـ نداء الوطن أن الحكومة كانت تدعي دائماً سواء في معرض رفضها إجراء التعديل على المادة أو من خلال التقارير التي تقدمها للجان حقوق الإنسان ذات الصلة أن كلمة الأردنيين تنطبق على النساء والرجال لغة؛ فإن امتناعها والبرلمان عن إجراء التعديل المطلوب ينطوي على سوء نوايا، خاصة أن هناك معارضة حقيقية رسمية لإجراء تعديلات على قوانين التمييز فيها صارخ كقانون الأحوال الشخصية والجنسية وغيرها.

وتتفق الشخشير مع ما ذهبت إليه الأستاذة هالة، فتلفت إلى أن الدستور لا يجوز أن يحمل قضية معيارية، لا يجوز للمسائل المعيارية أن تكون في الدستور، الذي لا يجوز أن يكون له تأويل، يجب أن تكون مواده واضحة وحاسمة وغير قابلة للتأويل.

أهم بنود اتفاقية سيداو

اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
اعتمدتها الجمعية العامة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام
بقرارها 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ ديسمبر 1979
تاريخ بدء النفاذ: 3 أيلول/ سبتمبر 1981، طبقاً لأحكام المادة 27
إن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، إذ تلحظ أن ميثاق الأمم المتحدة يؤكد من جديد الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية، وبكرامة الفرد وقدره، وبتساوي الرجل والمرأة في الحقوق، وإذ تدرك أن تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأسرة.
وقد عقدت العزم على تنفيذ المبادئ الواردة في إعلان القضاء على التمييز ضد المرأة وعلى أن تتخذ، لهذا الغرض، التدابير التي يتطلبها القضاء على هذا التمييز بجميع أشكاله ومظاهره قد اتفقت على ما يلي:
الجزء الأول
المادة (1): لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح “التمييز ضد المرأة”: أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من إثارة، أو أغراضه؛ توهين أو إحباط الإعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أى ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.
المادة (2): تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتتفق على أن تنتهج، بكل الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة، وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة؛
(ب) اتخاذ المناسب من التدابير، تشريعية وغير تشريعية، بما في ذلك ما يناسب من جزاءات، لحظر كل تمييز ضد المرأة؛
الجزء الثاني
المادة (7): تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في الحياة السياسية والعامة للبلد، وبوجه خاص تكفل للمرأة، على قدم المساواة مع الرجل.
المادة (9):
1_ تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أن تتغير تلقائياً جنسية الزوجة، أو أن تصبح بلا جنسية، أو أن تفرض عليها جنسية الزوج.
2_ تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.
الجزء الثالث
المادة (11):
1_ تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في ميدان العمل لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة، نفس الحقوق ولا سيما:
2_ توخياً لمنع التمييز ضد المرأة بسبب الزواج أو الأمومة، ضماناً لحقها الفعلي في العمل، تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة:
(أ) لحظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة الأمومة والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية، مع فرض جزاءات على المخالفين؛
(ب) لإدخال نظام إجازة الأمومة المدفوعة الأجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو للأقدمية أو للعلاوات الاجتماعية؛
الجزء الرابع
المادة (15):
1_ تعترف الدول الأطراف للمرأة بالمساواة مع الرجل أمام القانون.
2_ تمنح الدول الأطراف المرأة، في الشؤون المدنية،أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، وتساوي بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية، وتكفل للمرأة، بوجه خاص، حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وتعاملهما على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات القضائية.
4_ تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم.
المادة (16):
1_ تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:
(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه؛
(د) نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الإعتبار الأول ؛
(و) نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفي جميع الأحوال يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول؛
(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة والمهنة ونوع العمل؛
2_ لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمراً إلزامياً
الجزء الخامس.

قوانين “منحازة”: منع من السفر وولاية منقوصة

على الرغم من المكاسب التي حصلت عليها المرأة جراء التعديلات في القوانين المتعلقة بالمرأة وخاصة في قوانين الأحوال الشخصية والجوازات والسفر، إلا أن هذه التعديلات التي جاءت استجابة للجهات الممولة للحكومة الأردنية، لم ترتقِ إلى ما تطمح إليه المرأة. كما يعيب هذه القوانين وجود ثغرات فيها تسهّل من عملية التراجع عن هذه المكتسبات بل والتحايل عليها.

وتلفت رئيسة اتحاد المرأة الأستاذة تهاني الشخشير إلى أن تسمية قانون الأحوال الشخصية، بهذا الاسم وليس باسم “قانون الأحوال المدنية” تعكس ما يحتويه القانون من عدم إنصاف للمرأة. وهذه أحد المطالب لنا بإيجاد قانون أحوال مدنية. أي قانون غير قائم على أساس المواطنة لا يوجد فيه إنصاف.

وتسرد الشخشير مثال الحضانة، فهي وفق القانون الحالي أفضل من القانون السابق. فالحضانة حق للمحضون عند الأم وبالتالي هو حق الطفل بأن تحتضنه أمه. كما لفتت الأستاذة تهاني إلى “الأميّة القانونية” وجهل كثير من النساء في الحقوق التي تخصهن،. فكثير من النساء لا تعرف بأنه من حقها أن تحتضن أولادها وأنه ليس من حق الزوج أخذ الأولاد منها، لذلك الكثير من الأمهات تخاف من الطلاق بسبب خوفها من فقدها لأطفالها. وقد عملنا في الاتحاد الكثير من حملات التوعية.

وتؤكد الشخشير أن القانون تحسّن نوعاً ما، فأصبح هناك رفع سن الحضانة وتخيير المحضون بعد البلوغ، كان سابقاً من 9-12  إذا أراد حضانة الأم أو حضانة الأب، فإذا المحضون اختار أمه من حق الأب أن يوقف النفقة، وهذه مسألة خطيرة. وتضيف الأستاذة تهاني أن المسألة الثانية الخطيرة هي فقدان الأم للحضانة في حال تزوجت. وتساءلت: “بأي حق من أن انفصلت المرأة عن زوجها وإذا فكرت في الزواج تفقد حقها في الحضانة، بالمقابل الرجل إذا تزوج لا يفقد حقه في الحضانة.”

وعلى صعيد المنع من السفر، تكشف الأستاذة هالة عاهد المستشارة القانونية في اتحاد المرأة الأردنية أن تعديل قانون الجوازات والسفر وتعديل المادة التي كانت تقتضي موافقة الزوج على استخراج الزوجة جواز سفر لها، فإنه لا يوجد نص قانوني يبيح للرجل منع زوجته من السفر بسبب علاقة الزوجية، ولكن قد تمنع المرأة من السفر عملياً لأن القانون يشترط موافقة الأب على سفر الأطفال مع والدتهم وتحديداً عند الانفصال، فالعديد من السيدات اللواتي يحصلن على فرص عمل خارج الأردن أو يرغبن بالعودة لبلدانهن- إن كنّ غير أردنيات- أو للإقامة مع ذويهن المقيمين خارج الأردن ولكنها تضطر إما للبقاء لأن الأب يرفض سفرها بالأولاد، أو تضطر للتنازل عن حضانتهم.

وتعتبر ولاية الصغير من الملفات التي تناضل المرأة لتعديلها وتحقيق تقدم فيها يضمن المساواة الحقيقية بين المرأة والرجل. وتشير الأستاذة هالة عاهد إلى أن أحكام الولاية لا تقف عند نص المادة (123) من القانون المدني أو (223) من قانون الأحوال الشخصية “أن ولي الصغير هو أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي الجد ثم المحكمة أو الولي الذي تعينه المحكمة”؛ إذ أن أحكام الولاية وتطبيقاتها وآثارها تنعكس على أكثر من مجال وتشريع كـقانون الأحداث وجوازات السفر والعقوبات ونجد أمثلتها في اشتراط موافقة الولي على أي إجراء طبي للصغير، لاستخراج جوازات السفر وللموافقة على السفر والتسجيل في المدارس والانتقال منها والتمثيل في المحاكم وتوكيل المحامين والتقدم بالشكوى نيابة عن الطفل والتصرف بأموال الصغير أو إجازة تصرفه وليس انتهاء بولاية الزواج.

وتشير عاهد إلى أنه على الرغم من أن الصغير – وتحديداً حتى سن البلوغ- يكون على الأغلب بحضانة والدته وتحت رعايتها، إلا أن هذه الحضانة لا تعني أية صلاحيات قانونية تمارسها الأم لصالح الصغير، حيث تظل تحت يد الآباء أو الأجداد، وحين يصطدم حق الصغير ومصلحته مع مناكفة الولي للأم ورغبته بالإضرار بها، يتأثر الصغير بالدرجة الأولى.

وتتفق رئيسة اتحاد المرأة الشخشير مع ما ذهبت إليه الأستاذة هالة عاهد وتضيف أن الخلاف بالولاية يكون بالأموال، عندما يموت الأب تكون الأم هي الوصية، حق الوصاية في تربية الأولاد، ولكن الولي هو له حق الصرف، لأن مال القصّر يذهب لدار الأيتام. وحتى إذا أتاها أموال شخصية، ليست عن طريق محامي، ووضعتهم في البنك باسم الأولاد القصّر، لا تستطيع الصرف منهم بدون موافقة جهتين، إذا كان الجد حياً فهو صاحب الولاية، وإذا الأب متوفي يكون القاضي صاحب الولاية. لا تستطيع صرف قرش بدون موافقة القاضي. بل إنها تأخذ مصروف شهري يحدده القاضي.

الزواج المبكر وجنسية أمي “ليست حقي”

وتعتبر قضية جنسية الأم من أكثر الملفات تعقيدأً فيما يتعلق بحقوق المرأة، حيث يتداخل السياسي بالحقوقي. وتقول الأستاذة تهاني الشخشير أن قانون الجنسية انشغل عليه من أكثر من طرف وهناك حملة “أمي أردنية وجنسيتي أردنية” موضوع الجنسية موضوع شائك، فدائماً تدعي الحكومة بأنه موضوع حساس ويجب عدم الخوض فيه كثيراً.

وتلفت الشخشير إلى أن كافة الأرقام التي يتحدثون عنها والمتعلقة بالتغيير الديموغرافي غير صحيحة وغير دقيقة. واعتبرت أن أقصى ما وصلت إليه الحكومة هو إعطاء “مزايا” لأبناء الأردنيات، وهو الأمر الذي اعتبره اتحاد المرأة لا يصل إلى الحد الأدنى من المطلوب، فالمبدأ هو أن الحق في الجنسية، حق يكفله الدستور. لذلك نرفض الاكتفاء بالمزايا ومن غير المقبول تحويل الحقوق إلى مزايا. لأن المواطن من حقه أن يعطي أولاده الجنسية فالأم أيضاً من حقها إعطاء أولادها الجنسية كمواطنة، وليس هناك ما يمنع ذلك في الدستور.

أما على صعيد الزواج المبكر، فعلى الرغم من رفع سن الزواج إلى سن الــ 18، إلا أن القانون ترك الباب موارباً للاستثناءات. وتشير الأستاذة هالة عاهد إلى أن إحصاءات دائرة قاضي القضاة تؤكد على أن أعداد الزواج المبكر قد ارتفعت من عام 2010 من 8042 حالة تزويج الفتيات إلى 10834 حالة تزويج عام 2014 على سبيل المثال، وهي آخذة في الازدياد، الأمر الذي يشير إلى أن الاستثناءات لم تعد كذلك، وأن هناك توسعاً – رغم القيود التي فرضتها تعيلمات دائرة قاضي القضاة- في استخدام الاستثناءات.

ونوهت عاهد إلى أن اتحاد المرأة الأردنية يرفض تزويج القاصرات- بغض النظر عن أسبابه وحججه- بوصفه واحد من أبرز أشكال العنف ضد الفتيات ولأنه انتهاك لإنسانيتهن وطفولتهن ويعرضهن  لتهديد صحتهن الجسدية والنفسية ويحرمهن من فرص التعليم والعمل اللائق لاحقاً.

المرأة ومعيقات العمل النقابي

على الرغم من الإنجازات الكبيرة والضخمة التي حققتها المرأة على صعيد التعليم، وعلى الرغم من النسبة الكبيرة للمهنيات في عضوية النقابات المهنية، إلا أن هذا لم يعكس نفسه على الهيئات القيادية المنتخبة في النقابات المهنية. حيث لا تتجاوز نسبة المرأة في عضوية مجالس النقابات المهنية الـــ 20% في أقصى حالاتها.

وترى الدكتورة آية الأسمر عضو مجلس نقابة أطباء الأسنان أن هنالك نظرة مغلوطة تجاه قدرة المرأة على توليها مناصب قيادية، وحقها وأحقيتها بالتربع على عرش السلطة والقيادة، مما أدى إلى اتهامها بالاسترجال حيناً، أو التخوّف من وصولها إلى تلك المواقع حيناً آخر، أو عدم الاعتراف بها كمنافس أو كشريك بصورة جدية تؤخذ على محمل الجد أحياناً كثيرة أخرى، بالرغم من أنها تمكّنت من إثبات عكس ذلك تماماً في الكثير من المواقع المتنوع.

وترى الدكتورة الأسمر أن عوامل كثيرة ساهمت في ذلك منها التنشئة الاجتماعية التي ما زالت بقاياها عالقة في ثنايا ذاكرة ووعي المرأة، بأنها الحلقة الأضعف في السلسلة، وأنها الطرف الضعيف من المعادلة، مما شكّل حالة من عدم الثقة بالنفس، وتشكيك في القدرات.

من هنا، تضيف عضو مجلس نقابة أطباء الأسنان الدكتورة آية الأسمر، نجد أن تواجد المرأة على صعيد العمل النقابي شغل وما زال يشغل مساحة ضيقة، وما زال تمثيلها ضعيفاً، وأداؤها دون المستوى المطلوب.

ولفتت الأسمر إلى أنه ومن واقع تجربتها الشخصية فقد أتاح عملها في السنوات الأخيرة في مختلف المجالات، سواء كطبيبة أسنان أو كنقابية أو كأديبة وكاتبة، وحتى كمهتمة بالشأن السياسي وشؤون المجتمع المحلي، من التعامل مع الكثير من السيدات، حيث برز لها بوضوح حاجة المرأة الملحة لتغيير اللون الأسود المتشائم التي تتشح به في دفاعها عن حالة السكون والجمود التي تتقوقع داخلها.

ولا تنكر الدكتورة الأسمر وجود العديد من العراقيل والعقبات خاصة على صعيد القوانين والتشريعات المتعلقة بالحقوق المدنية للمرأة، لذلك –تضيف-: نحن بحاجة ماسة لامرأة تنتزع حقها انتزاعاً، نريد من المرأة مزيداً من الثقة بالنفس، ومزيداً من التنظيم الذاتي، وشيء من الإدارة وكثير من الإرادة، لتجني ثمار الخبرات المتراكمة، حتى تتمكن من التفاعل الإيجابي مع محيطها المنفتح لاحتضانها، فالوطن كما وصفته الأديبة غادة السمان كالطائر لا يحلّق إلا بجناحيه الاثنين؛ المرأة والرجل، والمرأة كما وصفها “شكسبير” قادرة على تهز السرير بيمينها والعالم كذلك بيسارها.”

المرأة والعمل العام وقضايا الوطن

تواجه المرأة معيقات كثيرة فيما يتعلق بالعمل والنضال الوطني. وبالرغم من وجود نشاط وحركة نسوية على الصعيد المطلبي، إلا أنه يكون محدوداً عند الحديث عن الدور المطلوب من المرأة على صعيد القضايا المطلبية العامة أو الوطنية. وتعزو الأستاذة تهاني الشخشير رئيسة اتحاد المرأة الأردنية أسباب ذلك كون ثقافة المجتمع هي ثقافة ذكورية وهذه الثقافة لم تتح للمرأة أخذ دورها الذي اعتبر تاريخياً من دور الرجل. لكن لا أحد يعطي مِنَح لأحد مثلما ثقافة المجتمع لم تساعد وتساهم في مساعدة المرأة في الانخراط في المجتمع وفي العمل السياسي، كذلك المرأة تشعر بدونية بمعنى أن هذه المرأة إذا أرادت أن تنتخب تنتخب ذكر، لأن هذه هي الثقافة التي ترّبت عليها.

ضعف المشاركة في الحراك والعمل الحزبي

وترى الرفيقة رانيا لصوي رئيسة رابطة المرأة الأردنية أن الحراك في الأردن عموماً حراك نخبوي، يحمل صبغة المثقفين والسياسين إلى الآن لم ينخرط جماهيرياً إلا في بعض الفعاليات والهبّات التي شاركت فيها المرأة بفعالية في الصفوف الأولى.

وتضيف: “إلا أن هناك تغيراً هاماً في حراك المرأة ونشاطها من العمل السياسي والاجتماعي في قضايا المجتمع كامل إلى الانخراط بالعمل النسوي الحقوقي للمناداة بتغير التشريعات والقوانين وتحصيل الحقوق، وبالتالي الانتقال من العمل الميداني إلى الورش والندوات والعمل النظري وهذا يضعف دور المرأة في الحراك عموماً تجاه قضايا المجتمع.”

كما تلفت الرفيقة لصوي وهي عضو اللجنة المركزية لحزب الوحدة الشعبية إلى أن العزوف عن العمل السياسي والحزبي ظاهرة عامة في المجتمع، وتنعكس بدورها على المرأة بشكل ملحوظ أكثر لعدة أسباب تبدأ بالموروث الاجتماعي والعادات والتقاليد التي لن نتجاوزها إلا بتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع فئات المجتمع، إضافة إلى الخوف الأمني الناتج عن القمع والمضايقات التي تمارسها أجهزة الدولة على المنخرطين بالعمل السياسي. ويجب أن لا نغفل الجهل بالمفاهيم الديمقراطية والعمل السياسي وما تمثله الأحزاب وما دورها. وهذا يرتبط جلياً بدور الإعلام وغياب التوعية فيها خاصة تجاه أهمية عمل المرأة السياسي. إضافة إلى الأثر السلبي الناتج عن محاربة العمل الحزبي داخل الجامعات وما يسببه في تشويه فكري لجيل كامل لا يدرك أهمية العمل السياسي الجماعي.

الكوتا ودورها في إشراك المرأة في القرار السياسي

وترى الرفيقة لصوي أن الكوتا النسائية التي تم إقرارها لتفعيل دور المرأة في الحياة النيابية، لم تستند إلى قاعدة عمل حقيقية للمرأة، ودون وجود قبول شعبي وقناعات تدعم وجود المرأة في البرلمان. وارتباطاً بقانون انتخاب رجعي غير قادر على إيصال نواب وطن حقيقيين وتغول رأس المال ونواب الخدمات، نجد أن الكوتا هي عبارة عن مظهر تمثيل للمرأة دون مضمون حقيقي رغم أنه يعطي المرأة فرصة لإثبات ذاتها وقدرتها، إلا أن هذا الوصول الرمزي لا يعكس أبداً مشاركة المرأة في الحياة السياسية ولا يعتبر مؤشراً لتطور عملها.

وختمت الرفيقة لصوي أن “المطلوب هو قانون انتخاب عصري يعتمد على فكرة نائب الوطن وليس الخدمات، ويسمح بتشكيل يضمن وصول الأحزاب السياسية إلى البرلمان، وبالتالي أن تكون المرأة مكون رئيس لهذه القوائم لتعمل ضمن برامج وطنية واضحة غير مستندة على المال السياسي ولا على العشائرية.”

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى