ضرورة الحزب/ بقلم: حاتم استانبولي
إذا كانت الثورة ضرورة لتقدم المجتمع والارتقاء من حالة إلى أخرى, فإن شرط نجاحها وتحقيق أهدافها (الوطنية أو الاجتماعية في التحرر والعدالة والمساواة والمشاركة) يتطلب أداة واعية مدركة لتراكم العملية النضالية اليومية وتوظيفها في تحقيق الأهداف الآنية التي تهيء الظروف الذاتية لتتلاقى مع الظرف الموضوعي لأحداث القفزة الثورية. وهذه الأداة هي الحزب.
والحزب هو شكل منظم بشكل طوعي للنخبة الواعية في المجتمع التي تدرك أن الحزب هو أداة التغيير الديمقراطي. ويتميز حزب التغيير عن غيره من الأحزاب، بسيادة العلاقات الديمقراطية الداخلية بين أعضائه والتي تهيء ظروفاً لتخريج جيلاً من الديمقراطيين للمجتمع. ويتحدد دور الحزب وفعاليته بمدى تطور العلاقات الديمقراطية التي تسود حياته الداخلية. ووعي مجموع هيئاته أن الحزب هو أداة للتغيير وهي عملية مستمرة تتطلب إدراكاً يومياً للمتغيرات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية ليحدد أولوياته ومهامه ويمارس دوره في تشكيل الوعي الجمعي بضرورة إحداث قفزة تعبر عن مصالح الفئات الاجتماعية الأكثر تضرراً في المجتمع.
إن اختيار أعضاء الحزب يجب أن تخضع لمجموعة من الشروط ويجب أن يمر بمجموعة من الاختبارات العملية ترافقها إعادة بناء العضو فكرياً وتعليمه فنون القيادة والإدارة والتخطيط. ويصبح مبدأ “فكّر.. خطّط.. نفّذ” هو الناظم لسلوكه في التعاطي مع المشكلات العامة. إن الخصائص الثلاث يجب أن يتمتع بها كل أعضاء الحزب، وخاصة الكادر الذي يتعامل مع الجماهير المنظمة في إطار منظمات المجتمع المدني. إن القيادة والتخطيط والإدارة هي ثلاث مفاهيم كل منها يختلف عن الآخر, وهنالك مواصفات شخصية في العضو يجب أن توظف بشكل خلاّق لإعداده إما للقيادة أو للتخطيط أو للإدارة.
وعلى حزب التغيير أن يدرك أنه معرض دائماً لمحاولات الخرق من القوى المتعارضة معه لتقويضه من الداخل، وهنا يجب أن يتنبه لكافة الأفكار التي تشكل عائقاً وأرضية لنموها، إن تعميق الحياة الديمقراطية داخل الحزب ورفع درجة وعي أعضائه يساهم في تقليل المخاطر من هذه الاختراقات, وكذلك فإن الحزب وقيادته يجب أن تعمل على احترام المواعيد لعقد المؤتمرات الحزبية وتجديد برامجها وهيئاتها، مما يدفع بدماء جديدة يمنحها تواجد في الأجيال الجديدة في المجتمع. إن الصراع بين الجديد والقديم في الحزب يجب أن يخضع لمعادلة توظيف لتجربة القديم وحيوية الجدية ودمجها في علاقة تؤمن تفاعلهما بما يفيد تطور الحياة الداخلية للحزب ودوره في المجتمع.
إن إيجاد هيئات ولجان محيطة بالحزب واندماج أعضائه في منظمات المجتمع المدني ووضع البرامج اليومية لعملهم وأهداف محددة لإنجازها ترتبط بمصلحة القوى الاجتماعية، هي من أهم العناوين التي يجب أن يضطلع بها أعضاء الحزب.