مقدسية أنتِ/ بقلم: يارا درويش
بصورة نمطية، وبشكل يومي، عندما تتوارى أمام أذهاننا المرأة الفلسطينية نستذكرها وهي لاثمة وجهها في المواجهات، المرأة التي لطالما احتُذي بقوتها وكلمتها العالية ومرافقتها لرفيقها في الميدان وفرضت كيانها بجانبه بكل إصرار.
الثامن من آذار من كل عام، هو يوم المرأة العالمي، يوم في حقيقته مكرس لإبراز منظومة التحديات التي تواجهها شرائح عريضة من نساء العالم. ولأنها جزء من المنظومة النسائية العالمية تحتفل المرأة الفلسطينية بهذا اليوم بشكل خاص بها، كونها المرأة التي قرصَها برد الحرية قبل الزنازين، وآلمها اعتقال وبُعد أبنائها، تلك التي ردعت فساد الاحتلال عمّن حولها ومُجابهتها للرأس الذكوري في حياتها العملية.
لا أسعى في هذا النص إلى ترديد نفس الكلمات في كل عام، بمقدار ما أريد إيصاله عن المعاناة اليومية والمتجددة في التفاصيل الحياتية للمرأة المقدسية. فالدخول والتطرق للضغوط التي تحملها وتحتملها من كل الجهات والزوايا يكون حديثنا عن وجع مستمر مُرهق بتفاصيله، بدايته صمودها ببيتها وخوفها المستمر على من حوَلها، ورعبها لمن سيكون خلف الأبواب في أي لحظة، وتَعبِ أقدامها على الحواجز يومياً لمتابعة مسيرتها التعليمية. وفي حالة زواجها من داخل الأراضي التابعة للسلطة الفلسطينية وتَبعاته من إرهاق ذهني واجتماعي ومادي. كما وهَدرِها سنوات من وقتها وعُمرها في الإجراءات الاحتلالية لتبدأ حياتها العملية وهوسها من دسائس الاحتلال في مجتمعها. أما تلك الساعات، والمكوث بالمؤسسات الصهيونية ودفع الأموال التي لا حَصر لها، للمحافظة على بعض البطاقات والأوراق التي يفرضها الاحتلال ضريبة لوجودها بالقدس. ونهايته، تفاصيلها الخاصة في مُواجهة مجتمعها باختلاف عقوله وحجم التناقضات التي تجتاح قناعاتها وما يفرضه الواقع، قد أصفه من أسوأ ما يعيشه إنسان بين وطن ومجتمع واحتلال.
في هذا اليوم، لا يسعني أن أنطق سوى أن المرأة الفلسطينية وبتجدُد اختارت خيار المقاومة بشتى أشكاله حيث جعلته نبراساً لمسيرتها وباتت ظهراً منيعاً للرجل والطفل والأرض. في هذا اليوم، وكل يوم، سنقول ما لا نقوله في كل حين للأم والاخت والزوجة والرفيقة والصديقة وكل ما يؤنث، شكراً بقدر القوة التي منحتمونا إياها وأكثر.