ارتفاع الدين العام رغم انخفاض فاتورة النفط، وخبراء: الدوافع سياسية أكثر منها اقتصادية
أظهرت بيانات النشرة المالية التي تصدرها وزارة المالية أن صافي الدين العام للمملكة ارتفع في نهاية 2015 إلى حوالي 22 مليارا و848 مليون دينار مقارنة مع 20 مليارا و556 مليون دينار صافي الدين في نهاية 2014.
وبحسب البيانات التي نشرتها الوزارة قبل أيام، فقد شكل الدين العام بمستواه في نهاية العام 84,2 بالمئة من النـاتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2015 مقابل ما نسبته 80,8 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014.
وتكشف هذه الأرقام استمرار الفشل الحكومي في وقف ارتفاع الدين العام، وبطلان ذريعة ارتفاع فاتورة النفط لتبرير هذا الارتفاع عن السنوات السابقة، حيث شهد العام الماضي انخفاضاً كبيراً في أسعار النفط، إلا أنه لم ينعكس على أرقام الموازنة التي شهدت استمراراً للارتفاع في صافي الدين العام.
حكومة فاشلة والدوافع سياسية
ويرى الكاتب والمحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي أن هذا يدلل بشكل واضح على فشل الحكومة على إدارة ملف الدين، وأن الحكومة لم تستغل حالة الظروف الإيجابية التي توفرت لها نتيجة انخفاض أسعار النفط وانتهاء الدعم للمحروقات وتوفر المنح الخليجية، بتخفيض فاتورة الدين، بل على العكس تماماً، لم تستغل هذه الظروف وقامت بالمزيد من الاقتراض.
ويضيف الدرعاوي في حديث خاص لـ نداء الوطن أن الحكومة استمرت في ذات النهج الاقتراضي غير المسؤول الذي كان يوجه لتمويل نفقاتها المتزايدة غير الرشيدة، مشيراً إلى أن هذا قد أوصلنا إلى ما نحن عليه الآن من مستوى دين غير آمن على الإطلاق من الناحية الاقتصادية، وغالبية القروض التي يحصل على الأردن اليوم، هي مدفوعة بعوامل سياسية أكثر منها اقتصادية.
ويلفت الخبير الاقتصادي الأستاذ محمد البشير إلى أنه المهم أن نأخذ بالاعتبار أن ما أصفحت عنه وازرة المالية يتعلق في سنة 2015، ولا يتعلق بمديونية اليوم، فمديونية اليوم هي 24 مليار و600 مليون والمشكلة في ارتفاع والمديونية هي في ارتفاع، لأن النفقات ما زالت في ازدياد، والإيرادات بسبب الوضع الاقتصادي والانكماش أيضاً في خطر، فالسياسات الضريبية والمالية التي ما زالت هي السائدة والتي تتحكم في اقتصادنا، تشكل سبباً رئيسياً في ارتفاع المديونية في خدمة هذا الدين.
ورأى البشير في اتصال هاتفي أجرته نداء الوطن أن الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة ستبقى في الأزمة ما دام الحل السياسي غير موجود، نعم نحن بحاجة إلى إصلاح سياسي يؤدي إلى تغيير الفريق الاقتصادي الذي يدير ويضع السياسات المالية التي أوصلتنا إلى هذا الواقع، الذي نحن في أمس الحاجة فيه إلى مشاركة كل القوى الفاعلة في المجتمع لإنقاذ وطننا من الإفلاس الذي ينتظره مستقبلاً.
المؤسسات المستقلة وإثقال الموازنة بالديون
بحسب البيانات المالية لعام 2015، ارتفع صافي رصيد الدين العام الداخلي، موازنة عامة وموازنات المؤسسـات المستقلة، إلى حوالي 13457 مليون دينار أو ما نسبته 49,6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لعام 2015، مقابل مـا مقـداره 12525مليون دينار أو ما نسبته 49,2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2014 .
يرى الكاتب سلامة الدرعاوي أن تفريخ المؤسسات المستقلة بشكل غير مدروس أدى إلى مزيد من الإنفاق غير الرشيد وبدلاً من أن تعود الفائدة المالية على الخزينة كما في السابق، باتت تشكل عبئاً على الدولة نتجية الفشل الإدارة في إدارتها مما تسبب في عجوزات كبيرة في خزينتها، الأمر الذي أدى إلى اللجوء إلى الاقتراض لتمويلها، فهي باتت مؤسسات مستقلة من ناحية الإنفاق فقط، مقابل اعتمادها الكلي على تغطية عجزها ونفقاتها من خلال القروض الحكومية.
في ظل حكومة غير برلمانية وبرلمان “الصوت الواحد”، وفي ظل انصياع حكومي تام لإملاءات صندوق النقد الدولي، تبقى مهمة وقف الارتفاع في الدين العام أقرب إلى المستحيل. ويبقى على المواطن أن يدفع ثمن سياسات حكومة لم ينتخبها ولا يملك القدرة على مساءلتها.