مقالات

الاعتصام المفتوح لطلبة “الاردنية” .. انموذجا لارادة التغيير

يعد الحراك الطلابي داخل الجامعات الاردنية من اهم وابرز صور النشاط المجتمعي والثقافي والشبابي في محاولة التصدي لضغوطات البرامج الرأسمالية التي تنتهجها بعض المؤسسات في الاردن لا سيما التعليمية منها، التي ترتبط ارتباطا أساسيا بحياة الشعب الاردني الذي اصبح التعليم من اكبر إنجازاته وتطوراته في مسيرة الهوية الحضارية والثقافية عبر تاريخه.

لا يعد الاعتصام المفتوح الذي ينفذه طلبة الجامعة الاردنية منذ فترة الاول في تاريخ الجامعات الاردنية، فصوت الطالب الاردني الذي يحارب من اجل التعليم صرخ منذ عشرات السنين وهو ينادي بحق مجانية التعليم وتسهيل الطرق والسبل التي تؤدي الى نجاح العملية التعليمية في الاردن والارتقاء بها لدخول خريطة الدول المتقدمة في العلم والمعرفة، الاردن البلد النامي الذي يجول اسمه العالم في خطوات الإصلاح والتقدم رغم شُح الإمكانيات والمصادر الا انه استطاع فعليا تقديم نماذج عديدة في التطور الإنساني المعرفي في حقل مليء بالحواجز والعقبات التي تحاول دوما صد هذا التقدم النوعي.

من المؤسف جدا ان المؤسسات التعليمية، الجامعات والمدارس الخاصة تحديدا هي العقبة الابرز في تطور الانسان الاردني الذي يسعى لتطوير المسيرة التعلمية في البلد، هذه المؤسسات تُمارس دور التجارة بحق الطلاب، مع غياب كلي لدورها الأساسي في دعم الطالب وتوفير كل السبل لانجاح التقدم التعليميي والفكري له لكي يصبح مستقبلا رائدا في تطوير الاردن في شتى المجالات، الجامعة الاردنية التي يثار العديد من الاسئلةً حول طبيعة تعاطيها مع ازماتها المالية المتكررة، لم تنجح ولا مرة في تخطي ازماتها المالية دون العودة والارتكاز على الطلاب لسد فجواتها الفادحة لمحاولة التقليل مع عجزها المالي المتراكم منذ سنوات.

مطاعم، محال تجارية وغيرها العديد من الصور التجارية التي تشاهدها في حرم الجامعة الاردنية والتي مع الزمن تتحول الى مجمع تجاري هدفه الاول والأخير جمع الأموال! لمصلحة من يتم تخريب تاريخ هذا الصرح التعليمي الكبير الذي يعد الصورة الأكبر والأقدم لتاريخ الاردن التعليمي المتطور؟ ثم ان إدارة الجامعة كيف لها ان تتجرأ على رفع رسوم برنامجي الموازي والماجستير على الطلبة الذين يأتون بنسبة كبيرة من المحافظات والعائلات متوسطة الدخل في المجتمع الاردني؟ هل اصبح التعلم في هذا الوطن للاغنياء فقط!

الجامعة الاردنية التي خرجت افواجا ممن قادوا هذا الوطن في مختلف مؤسساته، وشرفوا اسم البلاد في المحافل الدولية الثقافية، العلمية والمعرفية ونالوا على جوائز بينت حجم احترام العالم لإبداع وطاقات الشباب الاردني، لا بد من مظلة تحتوي ابداع هذا الشباب ومن قبل ذلك كله توفير ابسط حقوق الانسان وهو حقه في التعليم، والذي كان من المفترض ان يكون مجانيا، ولكن حالت ظروف البلد الاقتصادية الى ان يكون التعليم بالمال، فليكن كذلك؛ ولكن ليكن على بساط ما تقدمه الحكومة ايضا من مستحقات مالية لموظفيها، فلا يوجد اي معادلة رياضية في التاريخ البشري تقول ان أسرة من أربعة أفراد مثلا دخلها السنوي لا يتعدى أربعة آلاف دينار يكلفها تعليم ابنا واحدا من ابنائها اكثر من ثلثي الدخل!

طلاب الاردنية ما زالوا مستمرين في إضرابهم، ليشكلوا في ذلك صورة رائعة وجميلة على ان الطالب يستطيع التغيير داخل جامعته وله الحق في تنفيذ كل صور التعبير السلمي لكسب حقوقه، لان المجتمع الاردني يسعى دوما لتطوير نفسه من خلال تسلحه بسلاح العلم والمعرفة، وان ابت الجامعات نفسها على هذا التغيير فالطالب الاردني قادر على ان يحارب من اجل رفع اسم الوطن عاليا في العلم والتعليم امام العالم اجمع.

حاتم الشولي/ صحفي أردني

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى