أخبار محلية

بأي ألوان ستتزين قوائمها الانتخابية؟! .. النقابات الطبية على موعد مع صناديق الاقتراع بعد غياب “قسري”

“الألوان الخضراء والبيضاء فقدت بريقها، وأصبحت هذه الأيام ألواناً باهتة ومتداخلة وغير واضحة تماماً.”

بهذه الكلمات لخص الرفيق الدكتور فؤاد حبش في حديثه لـ نداء الوطن واقع التحالفات والقوائم في النقابات المهنية الطبية. فالصراع التاريخي في هذه النقابات بين القائمة الخضراء التي تمثل القوميين واليساريين، والقائمة البيضاء والتي تضم أطياف الاتجاه الإسلامي، بدأ بالتراجع كون طبيعة التحالفات للقوائم الانتخابية بمعظمها فقدت مبدئيتها وأصبحت تتداخل فيها المصالح الشخصية والفئوية للمرشحين على حساب الفكر والمبدأ، مبررين تحالفاتهم هذه بتعزيز فرص النجاح والانشداد للمهنة. ومن هنا فقد تخلى الكثيرون عن التمسك برمزية القائمة الخضراء، كما تم التخلي عن التمسك برمزية القائمة البيضاء، وفق ما يؤكد عضو مجلس نقابة الصيادلة الدكتور حبش.

قوائم بألوان قوس قزح

النقابات المهنية الطبية تشهد في الثلاثة أشهر القادمة انتخابات غابت عنها مدة ثلاثة أعوام، لأسباب مختلفة. ويبدو أن الضبابية لا تزال تسود أجواءها. ويرى الدكتور أحمد قادري نقيب أطباء الأسنان الأسبق أن القوائم الواضحة لم تكن موجودة بشكل قاطع في النقابات الطبية الثلاث، فالقائمة البيضاء تلونت في كثير من المحطات الانتخابية في نقابة الصيادلة، الأطباء، وأطباء الأسنان، والتحالفات للقائمة الخضراء كذلك.

ويضيف القادري أن مقياس الاختلاف أصبح شخصياً لا إستراتيجياً، وهذا أدى إلى عدم الوضوح في المسار الفكري والرؤيا السياسية لأية من النقابات. لا بل أدى ذلك إلى اختلاط النتائج الانتخابية.

فيما يلفت الدكتور رائف فارس نائب نقيب الأطباء إلى أن الأصل في العمل العام أنّ الذين يقومون به لهم صفات خاصة ، وقدرة على التواصل والعطاء بلا مقابل منّ أحد وعدم ادخال الخاص على العام. وعلى مرّ السنين كان ينجح في المجالس المنتخبة نوعية من الناس هذه مواصفاتهم، إلا أننا في الآونة الأخيرة شهدنا تبدلات وتغييرات أدت إلى سطوة الشخصي على العام.

الأحزاب والانتخابات القادمة

 يشير الدكتور القادري في حديثه لـ نداء الوطن أن تأثير معظم القوى الحزبية على المشهد الانتخابي في النقابات الطبية جاء سلبياً جداً، حيث تغلبت لغة المكاسب الحزبية الضيقة لمركز هنا أو هناك على فكرة المبادئ والأيديولوجيا والنظرة الإستراتيجية لهذه الأحزاب السياسية.

ويضيف القادري “لقد لاحظت في كثير من المحطات الانتخابية الانتقال في الموقف الحزبي من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار دون الاهتمام للأساسيات الحزبية والرؤية الحزبية الواضحة، من هنا انقسم الاتجاه الواحد إلى اتجاهات متضاربة ومتعاركة ليس لشيء سوى المكاسب الضيقة.”

ولفت الدكتور القادري إلى استغرابه من وجود أحزاب قومية ويسارية في اتجاه انتخابي أو قوائم انتخابية وأخرى من نفس الاتجاه في قوائم مضادة. وهو ما يعني فقدان التأثير الجمعي لهذه الأحزاب السياسية على المشهد الانتخابي.

فيما يلفت الدكتور فؤاد حبش إلى أن الأحزاب السياسية بمختلف توجهاتها الإسلامية والقومية واليسارية، تؤثر على المشهد الانتخابي، وذلك لأن بعض هذه الأحزاب تمتلك إرث نضالي نقابي لا يستهان به، ولها حضور جماهيري وازن داخل الهيئات العامة للنقابات، على الرغم من أن الأكثرية في الهيئات العامة غير حزبيين. لكنه يؤكد على أنه بدأنا نتلمس في السنوات الأخيرة بعض التراجع في تأثير الأحزاب السياسية مع تزايد عدد الخريجين والارتفاع الهائل في أعداد المنتسبين للنقابات المهنية، وذلك يعود لأسباب ذاتية وموضوعية باتت معروفة للجميع.

من هنا قامت دائرة العمل المهني في الحزب بمبادرة طرحتها على حلفائنا في ائتلاف الأحزاب القومية واليسارية لتوحيد الصفوف وإقامة “التيار الديمقراطي لعموم النقابات المهنية”، من أجل إعادة الاعتبار للقائمة الخضراء بمفهومها التاريخي والذي يحمل برنامجاً مهنياً راقياً ومتطوراً وموقفاً وطنياً.

التدخلات الحكومية سمة رئيسية للانتخابات

اعتبر بعض المراقبين أن التدخل الحكومي في النقابات لم يتوقف عند حد الضغط على هذا المرشح أ, ذاك، لا بل أصبح لحكومة مرشحين وأتباع بل وقوائم.

ويرى الدكتور القادري أنه أمام اختلاط المشهد وتشابه البرامج الانتخابية لقوائم نقابية غير واضحة التوجه والذي أدى إلى وجود فراغ فكري كبير في الهيئات العامة أصبحت الساحة جاهزة لدخول لا بل اجتياح فكري آخر معارض لرؤيا هذه الأحزاب ومحاولة فرض تيار فكري حتماً معارض لمبادئ ومواقف حزبية.

فيما يرجع الدكتور حبش التدخل الحكومي إلى  أكثر من عقد من الزمن، حين برزت دعوات حكومية صريحة لمهننة النقابات، وهذا بحد ذاته يعتبر تدخلاً في العمل النقابي، ويبدو لي أنه كان الفاتحة لتدخل حكومي مباشر، حيث بدأنا نلمس دعوات وتوجهات لأفراد وتجمعات في مختلف النقابات المهنية، تطالب بفصل العمل المهني عن السياسي، كما أن النهج الحكومي في التضييق على الحريات العامة وعرقلة التنمية السياسية في البلاد، ساهم في ابتعاد شريحة واسعة من المهنيين عن العمل الحزبي المنظم، والذي يشكل رافعة أساسية للتنمية السياسية.

ويعتبر الدكتور رائف فارس في اتصال هاتفي أجرته نداء الوطن أن الحكومة ( أيّ حكومة ) لا بد ان يكون لها رأي فيمن سينجح، وكانت الهبات والإغراءات مما يُسيّل لعاب البعض. وأصبح الدفاع عن هذه النوعية من المزايا صعباً للغاية، وأغرى الكثيرين لدخول حلبة الانتخابات لتحقيق منافع، عدا عن الشهرة.

وبانتظار ما ستفرزه انتخابات النقابات الطبية، يبقى الرهان الأساسي على قدرة الأحزاب على النهوض من كبوتها وإعادة النقابات إلى خطها النقابي المهني والوطني بعيداً عن السيطرة الحكومية على معظم النقابات الطبية التي شهدناها مؤخراً.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى