دلالات مشروع قانون الأحزاب
تقدمت الحكومة بقانون الأحزاب إلى البرلمان لمناقشته وإقراره، ومن المؤكد أن مضمون القانون أمر بالغ الدلالة، لأنه يعكس بشكل دقيق رؤية الحكومة ونظرتها للإصلاح، وبمقدار ما يكون هذا القانون ديمقراطياً بمقدار ما يؤشر حول التوجهات الحكومية للكيفية التي تدير بها عملية الإصلاح.
إن تقييمنا للقانون يجب أن يستند إلى ما نص عليه الدستور الذي أكد على حق الأردنيين بتشكيل الجمعيات والأحزاب، الأمر الذي يعني أن القانون يجب وبالضرورة أن لا يحتوي على أي نص من شأنه عرقلة وإعاقة المواطنين من ممارسة حقهم الدستوري.
ذلك أن وظيفة القانون هو وضع الكيفية التي من خلالها يمارس الناس حقوقهم، وإذا ما تجاوز القانون هذا الدور فإنه يتناقض مع النص الدستوري من حيث الشكل والجوهر.
والمسألة الأخرى التي ننظر لها ومن خلالها لهذا القانون هو إلى أي مدى سيخدم عملية الإصلاح السياسي وإلى أي درجة سيدفع بالتعددية السياسية تطويراً وإغناءً.
ولعل قراءتنا لقانون الأحزاب تكشف لنا المسائل التالية، أن الحكومة لم تحترم ما تقدمت به لجنة الحوار الوطني الأمر الذي أضعف القانون وجعله متناقضاً مع العملية السياسية المطلوبة.
والأمر الآخر بالغ الدلالة ما حمله القانون في نصوصه من عقوبات ليتحول من قانون ناظم للحياة الحزبية إلى قانون للعقوبات.
ونرى في إصرار الحكومة على إبقاء وزارة الداخلية كمرجع للأحزاب أكبر دليل على أن النظرة المهيمنة على الحكومة هي نظرة أمنية أكثر من كونها نظرة سياسية تتعامل مع الأحزاب كمؤسسات وطنية.
وإذا كنا لا نريد هنا تفنيد كل محتويات القانون إلا أن الهدف من الاستدلال ببعض المواد فقط هو التدليل على حجم الرغبة في التدخل بالشأن الحزبي واحتوائه وعدم قدرة الحكومة على استيعاب الفكرة القائلة بأن لا ديمقراطية بدون تعددية سياسية، ولا يمكن للتعددية أن تنجح وتتطور إلا في مناخ صحي وسليم يلغي كل القيود والعقبات من أمامها.
إن ما يقلقنا أن الاستخلاص الأوضح من تقديم القانون بهذه الصورة أن هذه الحكومة مثل سابقاتها لا تزال ترواح في المكان وأسيرة الماضي الذي لم يدرك حجم التغيرات التي يعيشها المجتمع الأردني ويعيشها الوطن العربي.
هذه الحكومة مثل سابقاتها من الحكومات لا تمتلك القدرة على قيادة العملية الديمقراطية ووضع البلاد على الدرب الصحيح.