مقالات

ليس الإرهاب فقط!/ بقلم: ماجد توبة

لم تعد الأرض السورية، المشتعلة على حدود الأردن الشمالية، مصدرة فقط للأخطار الإرهابية والأمنية، باتجاه الأردن كما باقي دول الجوار، بل تعاظمت اليوم أخطارها بعد أن باتت العصابات الإجرامية فيها تكثف من محاولاتها لتهريب المخدرات منها إلى الأردن، في محاولة للوصول إلى دول الاستهلاك والانتشار لهذه الآفة

تواصل الحرب الأهلية السورية، والفوضى الأمنية الطاغية في هذا البلد، وخروج مناطق واسعة منه عن سيطرة الحكومة السورية، دفع لانتعاش تجارة وصناعة المخدرات. وكما بات هذا البلد المنكوب بمغامرات وأجندات المحاور الإقليمية والدولية، أكبر مصدر للاجئين في العالم، فقد بات أيضا أكبر مصدر ومهرب للمخدرات إلى دول الجوار الإقليمي، خاصة بعد أن أصبحت هذه التجارة المحرمة والقاتلة مصدر تمويل مهما لقوى وتنظيمات عسكرية وإرهابية، بحسب ما تؤكد تقارير دولية عديدة

الجهات الأمنية الأردنية لم تعد تخفي تزايد القلق من محاولات تهريب المخدرات، تحديدا الحبوب المخدرة، إلى وعبر الأردن، ما ضاعف من حجم العبء الأمني على القوات المسلحة وحرس الحدود، في التصدي لتزايد محاولات التهريب للمخدرات، إلى الدرجة التي دفعت وزير الداخلية سلامة حماد أخيرا إلى التأكيد أن المخدرات والإرهاب “هما أكبر خطر يواجه الأردن” حاليا.
التقارير الدولية والاقليمية باتت تتحدث عن انتعاش واتساع صناعة الحبوب المخدرة في سورية، وإلى حد ما في بعض المناطق المجاورة لها في لبنان، خلال سنوات الأزمة الممتدة منذ أكثر من خمس سنوات، وهو ما يعكس في جانب ما، تزايد حالات الإعلان عن ضبط الأردن لكميات كبيرة من هذه الحبوب المخدرة، “الكبتاجون” وغيره.

آخر الإحصاءات الرسمية تشير إلى أنه تم العام الماضي ضبط وإحباط تهريب 57 مليون حبة مخدر، أغلبها كانت قادمة من سورية، وأن 88 % من الكمية المضبوطة كانت معدة للتهريب لدول مجاورة

في لبنان، المجاور هو الآخر لسورية المشتعلة، ضبطت سلطاته الأمنية، بالتعاون مع السلطات السعودية، خلال الأشهر الثلاثة الماضية قضيتين كبيرتين، تضمنت الأولى إحباط تهريب 12 مليون حبة “كبتاجون” كانت معدة للتهريب للخليج، فيما تم توقيف خمسة سعوديين خلال محاولتهم تهريب طنين من الحبوب المخدرة في طائرة خاصة من بيروت للخليج
فيما أعلنت وزارة الداخلية السعودية في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي عن ضبط أكثر من 22.4 مليون حبة “امفيتامين” مخدرة خلال عام مضى.

مكتب الأمم المتحدة لمنع الجريمة ومكافحة المخدرات، كان أشار إلى أن الشرق الأوسط ظهر في السنوات الأخيرة كسوق جديدة رئيسة، ينصب فيها الطلب على “الكبتاغون”، وتحديدا في دول خليجية.
الخطورة محليا، والتي يجب عدم تجاهلها، هو أنه ورغم أن الأردن يعد بلد ممر لتهريب المخدرات باعتباره سوقا ضعيفة نسبيا لعصابات وكارتيلات المخدرات الدولية والإقليمية، مقارنة بالأسواق “الغنية” حوله، فإن ذلك لا يمنع أن جزءا مهما من هذه السموم تستهدف السوق الأردنية، وقد يضطر مهربوها إلى تصريفها بأسعار محروقة في الأردن في ظل تشديد الضبط والرقابة على حدود الدول المجاورة

لا يمكن أن نستكين اليوم لقصة أن المملكة تعد ممرا فقط لتهريب المخدرات، فثمة تقارير تتحدث عن تزايد انتشار هذه الآفة بين شرائح مجتمعية لظروف وأسباب عديدة، ليس هنا مكان تفصيلها.

والراهن اليوم أن تفجير سورية من الداخل واشتعال حربها الأهلية، لم تقف أخطاره وتداعياته عند إطلاق موجات من ملايين اللاجئين، ولا عند استفحال الإرهاب وخطره، بل تجاوز ذلك، لإخراج كل شرور الجريمة والمخدرات من قمقمها، وبما يفيض على كل المحيط، القريب والبعيد!

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى