مقالات

استقرار أسعار السلع رغم انخفاض أسعار النفط/ بقلم: عبدالمجيد الخندقجي

لا تزال أسعار النفط تتهاوى بشكل مذهل، حتى أن سعر برميل النفط انزلق إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل بعد أن لامس البرميل عالمياً عام 2008 الـــ 150 دولار.

وهنا لن نتطرق إلى أسباب انهيار أسعار النفط، لأننا كغيرنا تطرقنا إلى ذلك كثيراً منذ بدأت أزمة أسعار النفط، لكننا سنتطرق إلى تأثير هذا الانخفاض على أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، نظراً لأن المواطن في الأردن عوّل كثيراً على هذا الانخفاض الذي طالما تذرّعت به الحكومة والصناعيون والتجار لرفع أسعار السلع، الآن انتفت هذه الحجة، فهل تنخفض الأسعار؟

تؤكد بعثة صندوق النقد الدولي، التي أنهت زيارتها للأردن مؤخراً، بأنها شعرت بالارتياح للوضع الاقتصادي الأردني، لأن انخفاض أسعار النفط سيوفر للأردنيين أموالاً لزيادة الإنفاق، ويقلل العجز في الحساب الجاري، ويعود بالنفع على تراجع خسائر شركة الكهرباء. بمعنى أن حياة المواطن الأردني ستشهد تحسناً ملحوظاً، بحيث تتوقف الحكومة عن فرض المزيد من الضرائب، ويتوقف الصناعيون والتجار عن جني المزيد من الأرباح من جيوب الفقراء ومحدودي الدخل، وتنخفض أسعار السلع والخدمات.

حتى أن وزارة الصناعة والتجارة، أشارت عندما لامس سعر البرميل 40 دولاراً أنها تتوقع حدوث انخفاض ملحوظ على أسعار السلع والخدمات كافة مثل المحاصيل الزراعية من خضراوات وفواكه والألبان والبيض، وأجور النقل، لأن انخفاض أسعار السلع مرتبط بانخفاض أسعار المحروقات والكهرباء، إذن الجميع بما فيهم الجهات الرسمية كان توقعها أن تنخفض الأسعار.

لكن تفاجأ الجميع بأن أسعار السلع والخدمات لا تزال على حالها، وقد استقرت على ارتفاع بالرغم من انخفاض السعر العالمي لبرميل النفط إلى ما دون الــ 40 دولار، وقد انخفض السعر حتى إلى 27 – 28 دولار للبرميل.

وحتى يكون طرحنا موضوعياً، لا بد من القول أن أسعار المحروقات وأسعار بعض الخضار شهدت انخفاضاً، أما المحروقات، فيأتي انخفاض أسعارها أقل مما كان المواطن يتوقع، ويقال حسب بعض الاختصاصيين بأن الحكومة تحقق أرباحاً طائلة من فروقات الأسعار الحقيقية والأسعار التي تباع بها للمواطن، وأما الخضار التي شهدت أسعارها انخفاضاً ملحوظاً، فلا يعود إلى انخفاض أسعار النفط، وإنما لزيادة الإنتاج، مع الإشارة إلى أن الانخفاض لم يحدث سوى منذ فترة قصيرة، وما عدا ذلك، فإن معظم السلع والخدمات بقيت أو استقرت على أسعار عام 2008.

من المسؤول عن استمرار أسعار عام 2008 وبقاء الضغط على ذوي الدخل المحدود والمتوسط والمتدني، وتآكل دخل الأسر، في ظل تضخم نسبته 3.3%؟!

بعض المسؤولين يضعون المسؤولية على رجال الصناعة والتجار فإذا كان الأمر كذلك، أين أجهزة الرقابة على الأسعار، ولماذا لا تطبق الحكومة قرار تحديد سعر السلعة؟ نسأل وقد أثبتت الإحصائيات أن عدد المخالفات يشير إلى غياب الرقابة على الأسعار.

أما التجار، فيعزون ارتفاع الأسعار إلى ارتفاعها في بلد المنشأ، ويقول أحدهم أن 90% من فاتورة غذاء الأردن مستوردة، وهذا الزعم غير صحيح وغير مقنع، لأن الدول المصدرة وهي في معظمها مستوردة للنفط استفادت من انخفاض سعر النفط، وانعكس ذلك على كلف الصناعة والزراعة والنقل.

إذن من يتحمل المسؤولية ويصرّ على إرهاق المواطن الأردني وامتصاص دمه، وإفراغ جيبه؟ كلا الطرفان، الحكومة بتقاعسها، وممالآتها لرجال المال، والتجار الذين لا يشبعون من دماء الشعب الأردني في سبيل زيادة أرباحهم وثرواتهم. ولو تطرقنا إلى أسعار مشتقات الحليب مثلاً، نلاحظ أن المواطن هو ضحية تضارب مصالح منتجي الحليب وأصحاب مصانع الألبان، فكل منهم يلقي باللائمة على الآخر، إذ أن أصحاب المصانع يرفضون الأسعار التي يطلبها منتجو الحليب، ومنتجو الحليب يدعون بأن كلفة الإنتاج باهظة بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، حتى أنهم مؤخراً هددوا بعدم توريد الحليب إلى المصانع وتحويله إلى أجبان، والحكومة تقف على الحياد، والضحية في الأخير هو المواطن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى