مقالات

إعادة النظر بضريبة المبيعات ضرورة وطنية

بالتزامن مع قيام الحكومة بمراجعة لمشروع قانون ضريبة الدخل، يجري الحديث –حكومياً-ع النية بإعادة النظر بقانون ضريبة المبيعات.
نشير هناإلى أن الحكومة كانت قد اخضعت بتاريخ (17/1/2018) (164) سلعة لضريبة مبيعات بنسبه (10%) واخرى لضريبة مبيعات (4%) و(5%) ووصف هذا الاجراء من قبل خبراء ومحللين اقتصاديين بأنه مجزرة ووضع الأردن في رأس قائمةأغلى دول العالم وقد شمل رفع ضريبة المبيعات خدمات الانترنت بمعدل (50%).
ونود أن يعرف المواطن أن الأردن يعتبر من أكثر الدول التي تفرض هذه النسبة من ضريبة المبيعات، بل أن بعض الدول مثل دول مجلس التعاون الخليجي لا تفرض ضريبة مبيعات على السلع والخدمات، وتكتفي بفرض ضريبة القيمة المضافة أو فائض القيمة، وهي ضريبة غير تراكمية وتفرض على كل زيادة في قيمة السلعة المباعة.
ولذلك تشكل ضريبة المبيعات ما نسبته (61%) من اجمالي الايرادات أي أكثر من ضعف ما تساهم به ضريبة الدخل والتي تشكل ما نسبته (30%) من اجمالي الايرادات،مع أن من المفروض أن يتم الغاء ضريبة المبيعات أو تخفيضها مقابل أن يتم الأخذ بسياسة الضريبة التصاعدية على الدخل كما سبق وأشرنا في مقال سابق حول ضريبة الدخل، هذا إذا كانت الحكومة ترمي إلى تطبيق العدالة الضريبية.
لكن الحكومة الحالية، التي يبدو أنها تفوقت في استهتارها بقوت المواطن وخاصة من الطبقات الفقيرة ومحدودة الدخل على حكومة الملقي التي اطيحت من قبل جماهير الشعب الأردني تستسهل السطو على جيوب الفقراء، فتفرض عليهم هذا النوع من الضرائب الغير مباشرة.
والمعروف أن هذه الضريبة غير المباشرة تم فرضها على المواطن عام (1996) وبنسبة (7%) وأخذت تتدحرج إلى أن وصلت إلى (16%).
من الطبيعي الاشارة هنا إلى أن هذه الضريبة وتسمى بالانجليزية (Sale tax) تفرض على المستهلك مقابل استمتاعه بالبضاعة، ولا يتأثر بها التاجر اطلاقاً إذ يقوم التاجر بدور ايجابي فقط، لأنه يقوم كمستورد للسلعة أو الخدمة برفع الضريبة المجرد الإفراج عنها في دائرة الجمارك، وتلزم الدائرة برد المبلغ إلى التاجر أي (المكلف) هنا خلال مدة لا تزيد عن (3) شهور من تاريخ تقديم طلب استرداد الضريبة، وإذا تم تجاوز هذا التاريخ تلزم الدائرة بدفع فائدة بنسبة (9%) سنوياً، أي أن (المكلف) لا يتعرض للخسارة فقط وإنما يحقق ربحاً زائداً.
السؤال الذي يجب طرحه، كيف تكون هذه الضريبة ظالمة وغير عادلة طالما انها تطبق على كافة المستهلكين اثرياء وفقراء؟ والجواب أن الاثرياء الذين يدفعون ثمن نفس السلعة أو الخدمة يدفعها الفقراء والمعوزين وذوي الدخل المحدود، وفي هذه الحالة لا يمكن أن يكون ثمة عدالة لأن الثري في مقدوره أن يشتري السلعة أو الخدمة دون أن يتأثر بينما يقتطعها الفقر من دخله المتواضع أو من قوت اطفاله.
ثم إن هذه الضريبة تلحق الضرر بالاقتصاد الكلي لأنها تؤدي إلى رفع اسعار السلع والخدمات وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم وإلى القاء الضغط على المستثمر المحلي والأجنبي إلى جانب مضاعفة الاعباء على ذوي الدخل المحدود الذين تتآكل دخولهم باستمرار إلى درجة انعدام القدرة على الشراء والاستهلاك.
إن الدول التي تتمتع بأقل قدر من الاستقلالية وليس لصندوق النقد سطوة مطلقة عليها، كما هو واقع الأردن، تضع انظمتها الضريبية بما يتلاءم وظروفها الاقتصادية وقبل كل شيء حماية مواطنيها من تفاقم العوز، ولذلك هناك دول لا تفرض ضريبة مبيعات أكثر من (2%) كما أن الكثير من الدول لا تفرض هذا النوع من الضرائب على المنتجات الزراعية وخدمات الانترنت.
ربما لا تأبه هذه الحكومة لظروف الشعب الأردني، ولا تهتم باحتقان الشارع، معتقدة أنها تحكم عبيداً وليس بشراً، وهذا ما اعتقدته حكومة الملقي إلى أن انفجر الشارع، وأطاح بها، فهل تدفع حكومة الرزاز الشارع الأردني إلى الانفجار من جديد؟ وكيف سيكون شكل الانفجار هذه المرة؟

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى