البيان الختامي للقاء اليساري العربي السادس الاستثنائي (بيروت، 8 أيار – مايو 2015)
انعقد اللقاء اليساري العربي السادس الاستثنائي، في الثامن من أيار ⁄ مايو 2015، في بيروت، بدعوة من لجنة المتابعة والحزب الشيوعي اللبناني، وبحضور ممثلي 19 حزبا، وذلك بعد مشاورات أملتها التطورات الخطيرة في اليمن ومظاهر الأزمة المستجدة والمتفاقمة بفعل الحرب الخارجية والداخلية، إضافة الى مستجدات الحرب في كل من سوريا والعراق وليبيا، وتمدد تواجد القوى الظلامية المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية ومن الأنظمة العربية والإقليمية الرجعية، والدور الذي يمكن أن يناط الى تلك القوى في إطار المشروع الامبريالي المعروف باسم “مشروع الشرق الأوسط الجديد”، المثلّث الأهداف ، بدءا بتفتيت العالم العربي الى دويلات طائفية ومذهبية واثنيه متناحرة في ما بينها، بما يسهّل السيطرة على ما تختزنه أرضها من ثروات، مرورا بالمساعي المحمومة لتصفية القضية الفلسطينية وتحقيق حلم الكيان الصهيوني المسمى ” يهودية الدولة ” على أرض فلسطين، ووصولا الى الخطة المتعلقة بإعادة تحديد أدوار جديدة، ذات طابع مذهبي، للدول الإقليمية، ومنها تركيا على وجه الخصوص.
وبعد أن أعاد ممثلو الأحزاب اليسارية العربية تأكيدهم لما جاء في البيان الختامي للقاء اليساري الخامس، الذي عقد في 20 شباط ⁄ فبراير في المغرب، حول تحديد طبيعة الصراع الدائر في المنطقة العربية على أنه صراع تحرري يهدف الى الانعتاق من الهيمنة ومن محاولات إخضاع شعوب المنطقة وثرواتها وإرادتها لمصالح القوى الامبريالية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، وبعد أن استعرضوا الوضع العربي المستجد وانعكاساته الخطيرة على الشعوب ومصيرها، خلص اللقاء اليساري العربي السادس الاستثنائي الى المواقف التالية:
أولا – يرى اللقاء اليساري العربي أن الهدف من الحرب الخارجية والداخلية على اليمن، وما أدّت إليه من استثارة العامل الطائفي، إنما يكمن في السعي لتفتيت هذا البلد العربي، الأمر الذي لا يخدم سوى مخططات القوى الإرهابية، ومنظمة القاعدة بالتحديد. من هنا، يؤكّد اللقاء أن الحل الوحيد للأزمة اليمنية إنما يكمن في تطبيق المبادرات، ومنها مبادرة الحزب الاشتراكي اليمني، الداعية الى وقف الحرب الخارجية والداخلية، ومعالجة تداعياتهما، والعودة الى الحوار الوطني الهادف الى إنجاز تسوية سياسية مستديمة تجدد الثقة بالمشروعية السياسية التوافقية للشراكة في أجهزة السلطة المعنية بتنفيذ مهام المرحلة الانتقالية، والحيلولة دون تفكك المجتمع اليمني وانزلاقه الى صراعات وانقسامات اجتماعية على أسس مذهبية أو مناطقية أو جهوية، وضمان عدم العودة مجددا إلى منظومة الفساد والاستبداد، والعمل على منع الانهيار الاقتصادي، والإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية للشعب اليمني… وهو سيسعى الى تقديم كل الدعم والمساندة لهذه المبادرات عربيا وعلى الصعيد العالمي، بما يؤمّن درء المخاطر الكارثية عن الشعب اليمني.
ثانيا – يعتبر اللقاء اليساري العربي أن التطورات الأخيرة التي واجهتها القضية الفلسطينية، القضية المركزية للشعوب العربية، بعد إعادة انتخاب نتنياهو وكذلك نتيجة مشروع القرار الفرنسي، إضافة الى توسع مشاريع الاستيطان والتهويد في القدس والأراضي المحتلة، إنما تهدف الى المضي قدما في مخطط تصفية هذه القضية سياسيا وعمليا، بالاستفادة من السياسات الانقسامية والانفصالية، التي تشكّل خطرا على نهوض الحركة الشعبية ووحدتها، ومن الوضع العربي العام وكذلك مواقف القوى الرجعية العربية. من هنا يرى اللقاء ضرورة ايلاء أهمية استثنائية للدور الذي يمكن أن تلعبه قوى اليسار الفلسطيني في توحيد القوى السياسية الوطنية والحركة الشعبية الفلسطينية في مواجهة المخطط الإسرائيلي… خاصة وأن هذه الوحدة قد سبق أن أعطت ثمارها الايجابية، ان في مواجهة الحرب الأخيرة على غزة أم في المواجهات الشعبية في الضفة الغربية المحتلة وفي أراضي 1948؛ مع ضرورة الإشارة الى أن الدور الواضح لقوى اليسار في مقاومة العدوان والتغيرات في ميزان القوى الدولي لصالح الاعتراف بالدولة الفلسطينية يؤكدان إمكانية تحقيق تغيير نوعي في مسار القضية الفلسطينية؛ الأمر الذي يستدعي التخلي عن مسار المفاوضات، وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية والعودة الى خيار مقاومة الاحتلال الصهيوني بجميع الوسائل المتاحة، بما في ذلك المقاومة المسلحة، من أجل فرض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم وممتلكاتهم التي هجّروا منها في العام 1948، وبناء دولتهم الوطنية وعاصمتها القدس.
ثالثا – يعبّر اللقاء عن قلقه البالغ لتمدد قوى الإرهاب بكل مسمياتها، والمدعومة من الامبريالية والرجعية العربية، في كل من اليمن وسوريا والعراق ولبنان ومصر وليبيا وتونس ، ويدين المجازر الدموية التي ترتكبها بحق المدنيين، وكذلك عمليات التهجير والتفجير والنهب المنظمة التي تعتمدها في المناطق التي تسيطر عليها. وهو، إذ يرى في تمدد الإرهاب النتيجة المنطقية للسياسات التي انتهجتها الأنظمة ولا تزال، يدعو الشعوب العربية الى مواجهة هذا الإرهاب ومقاومته، ومقاومة ردفائه من ائتلاف القوى المنضوية في حلف الناتو الى القوى الإقليمية المتفقه مع أهدافه. كما يدعو الى الضغط باتجاه وقف التدمير المنظّم لتلك البلدان، ووضع استراتيجيات تؤكد وحدة هذه البلدان وتؤدي الى حلول سياسية مبنية على أسس العدالة والديمقراطية والتقدم الاجتماعي والتنمية.
رابعا – يولي اللقاء أهمية للنضال الذي تخوضه القوى اليسارية والوطنية اللبنانية ضد النظام السياسي الطائفي وقواه، من أجل بناء حكم وطني ديمقراطي علماني مقاوم، ومن أجل مواجهة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تسبب بها هذا النظام. كما ويؤكد على دعمه لحق الشعب اللبناني في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي حتى تحرير كامل تراب وطنه، ودعم شعبه وقواه الأمنية في مواجهتها للإرهاب.
خامسا – يدعم اللقاء اليساري العربي تحرك قوى اليسار والديمقراطية في سوريا من أجل الوصول الى الحل السياسي الشامل للأزمة السورية، المبني على أساس وقف التدخل الخارجي، ووقف العنف، وإطلاق العملية السياسية والحوار بين السوريين ، بما يحقق التغيير الوطني الديمقراطي الجذري الشامل في سوريا والمستحق منذ عقود.
سادسا – يدين اللقاء اليساري العربي حملات الاعتقال والممارسات القمعية للنظام الشمولي السوداني ضد الحزب الشيوعي السوداني والشخصيات والقوى المعارضة في السودان، ويجدد تضامنه معها ودعمه لنضالها من أجل وقف حروب النظام وضد مخططاته لاعادة تقسيم السودان مرّة أخرى، بفصل إقليم دارفور. كما يعلن تأييده لقوى المعارضة السودانية في جهودها لتوحيد جماهير السودان على طريق إسقاط النظام الشمولي وإقامة دولة المواطنة السودانية.
سابعا – يدين اللقاء، اليساري العربي كذلك، كل أشكال القمع الذي تمارسه الأنظمة بحق القوى اليسارية والديمقراطية والوطنية في البحرين والكويت، المناضلة من أجل الحرية والديمقراطية والتقدم الاجتماعي، ويدعو الى تنظيم حملات تضامن معها. كما يدعو الى إلغاء التسهيلات العسكرية والقواعد العسكرية الامبريالية الأميركية من أراضي البحرين والكويت ومن كل الخليج العربي.
ثامنا – يعرب اللقاء عن تضامنه مع الشعب المصري وأحزابه وقواه الوطنية والديمقراطية في نضالها من أجل تنفيذ أهداف وشعارات ثورتي 25 يناير و30 يونيو، ومواجهة الإرهاب المتستر زورا بالدين، الذي تقوده وتمارسه جماعة الإخوان وحلفائها، والإسراع باستكمال “خارطة المستقبل”، وتشكيل مجلس النوّاب طبقا لقانون يكون محل توافق مجتمعي، يضطلع بمسؤولية تحويل مواد الدستور الجديد الى تشريعات عملية. هذا، إضافة الى البدء بتطبيق سياسات اقتصادية واجتماعية تحقق التنمية الوطنية المستقلة، المعتمدة على الذات أساسا، وتقضي على الفقر والبطالة والفساد، وإلغاء كافة القوانين التي أدّت الى انتهاك الحريات وحقوق الإنسان. كما يدعو اللقاء الشعب المصري الى العمل على استعادة الدور الوطني لمصر، بدءا بإسقاط اتفاقية كامب ديفيد ومفاعيلها.
تاسعا- يعلن اللقاء تضامنه مع نضال الجبهة الشعبية في تونس وكل القوى اليسارية التونسية في التصدّي لكل أشكال الاستغلال والاستبداد، والدفاع عن أهداف الثورة ضد فلول النظام البائد والقوى السياسية الدينية، وكذلك مع نضال قوى اليسار المغربي من أجل إرساء نظام ديمقراطي متقدم.
عاشرا- يتوجه اللقاء بالتحية الى المؤتمر السادس للحزب الشيوعي الأردني الذي سيعقد ما بين 14 و15 الشهر الحالي، ويحيي نضال القوى الوطنية، اليسارية والقومية، الأردنية ضد سياسات القمع وتقييد الحريات الممارسة من قبل السلطة الأردنية.
xxxxxxxx
إن مواجهة العدوانية الامبريالية الأميركية ومشاريعها، ومقاومة الاحتلال الصهيوني وكل أشكال الاحتلال، والتصدي للقوى الإرهابية الظلامية وجرائمها، تتطلب من اليسار العربي العمل على بناء جبهة مقاومة وطنية عربية شاملة على أساس برنامج للتغيير الديمقراطي غير منفصل عن المقاومة، تجد فيه الشعوب العربية تحقيقاً لأهداف ثوراتها وانتفاضاتها في الحرية والديمقراطية والمقاومة. لذا قرر ممثلو الأحزاب المجتمعين في اللقاء السادس الاستثنائي الانفتاح على كل القوى السياسية الديمقراطية والقوى الشعبية المتضررة من الأنظمة التابعة والقمعية، والطامحة الى التحرر والتغيير، داعين الى إطلاق حركة تحرر وطني عربية جديدة تحمل لواء المواجهة مع المشروع الامبريالي الجديد، وأدواته الخارجية والإقليمية والمحلية، وتضع حدا لكل أشكال التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان العربية، وتعيد للقضية الفلسطينية موقعها كقضية مركزية للعالم العربي.
أخيرا، اتخذ اللقاء اليساري العربي مجموعة قرارات عملية لدعم الشعب اليمني، بدءا بتنظيم حملة عالمية من أجل مساعدته سياسيا واجتماعيا؛ إضافة الى تنظيم تحركات واسعة في 15 أيار، ذكرى النكبة، دعما لشعب فلسطين وللأسرى والمعتقلين الفلسطينيين والعرب في سجون الاحتلال الصهيوني. كما اتفق على تنظيم ندوات عربية وعالمية تتناول أوضاع المنطقة، في ظل التغيرات العالمية وانعكاساتها.