لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

كأن الخطوة غير مكتملة / جمانة غنيمات

الصدمة، فقط، هي التوصيف الأقرب لشعور الأردنيين حيال قرار الحكومة بتحديد عدد المرضى المحولين إلى مركز الحسين للسرطان. نتائج القرار جاءت سريعة، إذ فقد نحو 1400 مريض فرصة تلقي العلاج في هذا المركز المرموق.

القرار ليس بجديد ومرتبط بمبدأ ضبط النفقات، بيد أن الجديد يكمن في نتائجه السلبية ومعرفة الناس، إذ تشير الأرقام إلى أن كلفة الإعفاءات الطبية خلال العام الماضي ناهزت 270 مليون دينار، وهي فعلا كلفة مرتفعة، وتم تخفيضها لنحو 100 مليون دينار فقط في موازنة العام 2018.

فعلا؛ كان القرار صادما موجعا لأن هذا المركز ومنذ أن تم البدء بتأسيسه في ثمانينيات القرن الماضي، بني وكبر من أموال أردنيين ومصاغ أردنيات، وكما أن ليس من العدل أبدا حرمانهم من أحد حقوقهم الأساسية وهي الصحة والطبابة كأنما ينقص الأسر أوجاعا تُضاف إلى الحال المتردية التي وصلت إليها معيشة المواطن، أو معاناة أخرى في البحث عن واسطة للحصول على حق أساسي يكفله الدستور.

الحكومة أخطات الهدف، والقرار جاء خاليا من الإنسانية، فضبط النفقات لا يأتي أبدا على حساب عائلات منكوبة أصيب أحد أفرادها بهذا المرض الخبيث، وليس على حساب صحة المواطن، وعلى حساب المرضى ممن يتعايشون مع أمراض مزمنة.

ولكن لمرضى السرطان خصوصية، فكيف يُحرمون من العلاج في مركز الحسين قبل أن تسعى الحكومة لتطوير مستوى ونوعية الخدمات المقدمة في المستشفيات الأخرى وقبل أن تضمن العدالة وتَساوي الفرص في توفير العلاج للجميع بدون تمييز.

أمس تراجعت الحكومة عن القرار، وجاء ذلك على لسان رئيس الوزراء د. هاني الملقي الذي أكد في تصريح لـ”الغد” أن من يتعالجون في مركز الحسين للسرطان لن يتأثروا بالقرار الحكومي وسيجدد لهم الإعفاء حتى استكمال العلاج، وخطوة التراجع مهمة، انما سيجري تنظيم وتوزيع الحالات المستقبلية.

بصراحة، القصة أكبر من مركز الحسين، ولا تتوقف عند ذلك الصرح الطبي، لأن القرار الحكومي يتضمن تخفيض مخصصات الإعفاءات الطبية لجميع الجهات الطبية التي تتعامل معها الحكومة، والمقصود أيضا مستشفى الجامعة ومستشفى الملك المؤسس ومستشفى حمزة.

أي أننا سنبدأ نسمع بعد حين أن كثيرا من الحالات المرضية لن تتمكن من الحصول على إعفاء طبي، فالحكومة حددت لهذه المستشفيات سقوفا مالية لقيمة المعالجات قيمتها نحو ثلث ما أنفق على الإعفاءات العام الماضي، وكذلك حددت الحكومة عدد الحالات المسموح باستقبالها في كل مستشفى. ولا ندري كيف تفكر الحكومة لو زاد عدد المرضى عن تقديراتها؟

صحيح أن ملف الإعفاءات مشبع بالتشوهات والاختلالات، وأن عديد حالات من المقتدرين وغير المحتاجين استفادوا منه، وليس ذلك فحسب، بل إن ملف الإعفاءات صار أيضا بابا للتنفيعات لنواب، ولذلك يتوجب إصلاحه.

لكن مثل ملفات وإصلاحات أخرى اختبرناها دائما، يبدو أن الحكومة لم تطرق الباب الخطأ لضبط النفقات في خدمة أساسية، فحسب، بل أغفلت وضع خطة شاملة لإصلاح تشوهات ملف الإعفاءات الطبية، لتجنب خلق أزمات هي بغنى عنها، لكن الظاهر أنها استعجلت القرار فكانت الخطوة ناقصة.

إعادة النظر بالقرار مطلب حتى تتحقق العدالة، ومن حق جميع مرضى السرطان وغيرهم الحصول على العلاج ومن حقهم أيضا، بل ومن واجب الحكومة أن لا تتخلى عنهم وأن تهتم بصحة كل مواطن كصحة أهم مسؤول في البلد.

وإن أرادت الحكومة أن تصلح ملف الإعفاءات الصحية، فعليها أن تقدمه بمنظور شامل.

نقلا عن الغد

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى