أخبار محلية

سياسة حكومية ممنهجة لضرب القطاع فاقمتها الأوضاع الإقليمية وإغلاق الحدود

“يلاحظ أن التراجع في القيمة المطلقة للناتج الزراعي، قد تزامن مع تطبيق برامج التصحيح الاقتصادي، وما ترتب على ذلك من استحقاقات في مجال تحرير تجارة السلع الزراعية بالتوقف عن دعم الزراعة، وتخفيض الرسوم الجمركية على المستوردات الزراعية، وإلغاء الحماية غير الجمركية للسلع الزراعية. (من الإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية الصادرة عن وزارة الزراعة).

أصبحت الاعتصامات والاحتجاجات هي السمة الرئيسية لواقع المزارعين في الأردن. وأضحى هذا القطاع الذي كان في العام 1971 يساهم بنسبة 14.4% من الناتج المحلي الإجمالي، طارداً للمزارعين في ظل تراجع نسبة مساهمته إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013، وغياب الدعم الحكومي، ما أدى لهجرة ما يقارب الــ 25% من مزارعي وادي الأردن لهذا القطاع في الأعوام الأخيرة، وفق ناشطين.
 

التصحيح الاقتصادي وضرب القطاع الزراعي
الناطق باسم وزارة الزراعة الدكتور نمر حدادين أكد في حديث خاص لـ نداء الوطن، أن الأردن تنتج حوالي 3 مليون طن من الخضار والفواكه على مدار العام، وعندنا إكتفاء ذاتي من بعض أصناف الخضار والفواكه. ونستورد بعض الأصناف التي لا تنتج في الأردن مثل الأفوكادو والجزر ودائماً نتمنى على المزارع الأردني أن يزرعها لأنها ذو جدوى اقتصادية.
ولفت حدادين إلى أن تراجع الصادرات أثر على القطاع الزراعي والمزارعين، لكن هذا القطاع مهم لأنه قطاع الأمن الغذائي، القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، الحيواني زادت فيه الصادرات، فنحن نصدّر حوالي 600 ألف رأس سنوياً للخليج، ولكن الزراعي هو المتضرر، ونتأمل أن يكون الموسم في العام القادم، أفضل للمزارع بحيث ينعكس على ديمومته.
وأضاف “نحن دائماً نبحث عن أسواق تصديرية جديدة، وذلك أيضاً لحماية المنتج وهذا يعتبر نوع من أنواع الحماية للمنتج الأردني، ونحث المزارعين على زراعة المنتجات ذو الجدوى الاقتصادية والتقليل من الزراعات التقليدية.”
فيما يؤكد الرفيق المهندس الزراعي محمد أبو الهيجا عضو المكتب السياسي لحزب الحركة القومية في حديث لـ نداء الوطن، أن قطاع الزراعة لم يحظ بدعم حكومي منذ فترة طويلة جداً، مشيراً إلى أن الدعم الحكومي المطلوب لقطاع الزراعة لا يؤثر على ميزانيتها، لافتاً إلى أن قطاعات أقل أهمية بكثير، تحظى بدعم ورعاية حكومية أضعاف مضاعفة من الزراعة، كالخطوط الجوية التي تدعمها الحكومة سنوياً بحوالي 40 إلى 50 مليون دينار، وفقاً لما تعلنه الحكومة بالصحف المحلية، فيما لا يتقاضى القطاع الزراعي سوى الفتات القليلة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وآخر مرة تم تعويض المزارعين كان عام 2007 “عام الصقيع”.
ويتفق رئيس اتحاد المزارعين السيد عدنان الخدام مع ما ذهب إليه أبو الهيجا، حيث يؤكد أن القطاع الزراعي هو العمود الفقري للدولة الأردنية، ومن أهم قطاعات الإنتاج، ويشكل القطاع الإنتاجي الأول، ويساهم بما نسبته 33% من الناتج القومي بشكل مباشر وغير مباشر. وهو يشكل حجر الأساس في القضاء على الفقر والبطالة. ولفت في اتصال هاتفي مع نداء الوطن إلى أن الخسائر التي يتكبدها القطاع الزراعي هي بسبب فشل السياسات الزراعية، كاشفاً عن أن اتفاقية التجارة الحرة تنص على انسياب السلع بين الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، إلا أنه في ظل الأحداث الجارية لا تلتزم كافة الأطراف، وبالتأكيد أضرّت إجراءات رفع الحماية الحكومية عن المستوردات الزراعية بالمزارع الأردني.
من جهتها، فإن الإستراتيجية الوطنية للتنمية الزراعية الصادرة عن وزارة الزراعة، كانت أكثر وضوحاً في طرح واقع الزراعة في الأردن وأسباب تراجعها. فقد أشارت الاستراتيجية إلى أنه لم يكن منتظراً من الزراعة أن تبقى القطاع الأهم في الاقتصاد الوطني، كما كانت عليه حتى الخمسينات من القرن الماضي، نظراً لطبيعة التقدم الاقتصادي والاجتماعي الذي أدى إلى نمو قطاعات اقتصادية أخرى وفي مقدمتها قطاعات الخدمات والصناعة بمعدلات عالية.
ولكن –وفق الإستراتيجية- ما لم يكن منتظراً هو استمرار وتزايد هذا التفوق النسبي للقطاعات الاقتصادية الأخرى عليه، مما أدى إلى تراجع كبير ومستمر لمساهمة قطاع الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي، فقد تراجعت مساهمته بالأسعار الجارية من 14.4% عام 1971، إلى 8.9% عام 1975، إلى 7.1% عام 1980، إلى 6% عام 1995 وإلى 3.8% عام 2000، ثم 3% في عام 2013.
وتضيف الاستراتيجية أن ما زاد القلق من هذا التراجع، أنه لم يقف عند حدود التراجع النسبي الذي يعزى إلى تقدم القطاعات الاقتصادية الأخرى وحسب، بل تعداه إلى تراجع مستمر في القيمة المطلقة خلال الفترة 1991 – 2000، حيث انخفضت تلك القيمة من نحو 223 مليون دينار في العام 1991 إلى 114,6 مليون دينار فقط في العام 2000.
وتكشف الاستراتيجية ما هو أخطر من ذلك، من خلال ربطها التراجع في القطاع الزراعي بتطبيق برامج التصحيح الاقتصادي وما ترتب على ذلك من استحقاقات في مجال تحرير تجارة السلع الزراعية بالتوقف عن دعم الزراعة، وتخفيض الرسوم الجمركية على المستوردات الزراعية، وإلغاء الحماية غير الجمركية للسلع الزراعية.
وتشير الاستراتيجية إلى أن خطورة تراجع القطاع الزراعي لا تنحصر في الجانب الاقتصادي، فثمة مقياسان آخران لا يقلان أهمية عنه: الأول، مقياس اجتماعي سياسي مركب مصدره دور الزراعة في وقف الهجرة من الريف إلى المدن، وما ينشأ عنها من تجمعات للفقر والبطالة في المدن وحولها، والثاني، مقياس بيئي مصدره ضرورة استغلال الموارد الاقتصادية الطبيعية من أرض ومياه وغطاء نباتي ليس فقط من منظور اقتصادي مباشر، وإنما من أجل المحافظة على هذه الموارد ومنع تدهور خصائصها في حال إهمال استغلالها.
وحصرت استراتيجية الزراعة الأسباب العامة لتراجع قطاع الزراعة بما يلي:
1_ إخفاق سياسات الحكومة في توفير البيئة المناسبة لحفز القطاع الخاص على الاستثمار في الزراعة.
2_ عدم نجاح القطاع الخاص في إقامة مشروعات ذات حجوم اقتصادية وبنية إدارية وفنية مناسبة، وتخلفه عن إنشاء مؤسساته المهنية والتنظيمية التي تعزز دوره المهني والاقتصادي ومشاركته في توجيه جهود التنمية ووضع السياسات المناسبة لها.
3_ عدم نجاح المؤسسات العامة والأهلية في رفد عملية التنمية الزراعية، حيث فشلت التعاونيات واتحاد المزارعين في المساهمة في تطوير الزراعة وتنظيم المنتجين الزراعيين، كما لم تنجح الجامعات والمؤسسات ذات العلاقة بالبحوث ونقل التكنولوجيا بالقيام بالمهام الموكلة لها.
وقد أدت هذه الأسباب مجتمعة إلى ضعف الاستثمار في الزراعة وافتقاد التنمية إلى الشمولية المطلوبة والتكامل ما بين عناصرها، فلم يلق التصنيع الزراعي ما يستحقه من اهتمام على الرغم من أهميته الكبيرة في تعظيم القيمة المضافة، ولم تلق الموارد البشرية نصيبها من التأهيل والتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية.

أهم المؤشرات الزراعية في الأردن لعام 2012

_ المساحة الكلية للأردن = 89 كم مربع (مليون دونم)

_ مساحة الأراضي الصالحة للزراعة = 8.9 مليون دونم
_ مساحة الأراضي المزروعة = 3.8 مليون دونم
_ مساحة الحراج (الغابات) = 1.3 مليون دونم
_ مساحة المراعي = 741700 دونم
_ عدد الحيازات الزراعية = 80152 حيازة
_ عدد القوى العاملة في قطاع الزراعة = 113593 ألف (نسبتها 7.9 % من المجموع الكلي للقوى العاملة)
_ قيمة الناتج المحلي الزراعي (بالأسعار الجارية) = 21965.5 مليون دينار
_ نسبة مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي = 4.5%
_ كمية إنتاج الزيتون =156 ألف طن
_ كمية إنتاج الزيت =21.548 ألف طن
_ كمية إنتاج الخضروات =1139.7 ألف طن
_ كمية إنتاج المحاصيل الحقلية =62629.8 ألف دونم
_ كمية انتاج الأشجار المثمرة =275461 ألف طن
• المصدر: الموقع الإلكتروني لوزارة الزراعة

الظروف الإقليمية وإغلاق الحدود مع سورية والعراق
ساهم تصاعد الأحداث في كل من سورية والعراق وإغلاق الحدود مع سورية نتيجة الاضطرابات الحاصلة فيها، ووقف العبور إلى العراق نتيجة الأوضاع الأمنية فيها. ساهمت هذه الأحداث في المزيد من التراجع والخسائر للقطاع الزراعي.
ويكشف الدكتور نمر حدادين الناطق باسم وزارة الزراعة عن تراجع صادرات الأردن الزراعية في ظل الإغلاق للحدود مع سورية والعراق. ففي عام 2013 كانت صادراتنا حوالي 900 ألف طن، وفي عام 2014 تراجعت إلى 850 ألف طن، وفي عام 2015 تراجعت إلى 760 ألف طن.
ومنتجاتنا تصل إلى حوالي 50 دولة في العالم شقيقة وصديقة ويتم التصدير إلى أوروبا عبر تركيا.
وأضاف حدادين أن العام الحالي 2016 هناك تراجع في صادراتنا نتيجة إغلاق الحدود السورية والعراقية من 30 – 40% بالشكل العام، فأصبحت صادراتنا تتوجه بالدرجة الأولى إلى دول الخليج العربي.
لافتاً إلى أن والوزارة تعمل جاهدة لفتح أسواق تصديرية مثل روسيا لتصدير المنتجات الزراعية، ولكن كلفة النقل بالطيران مرتفعة وفي البحر مدة طويلة وذلك لأمور فنية.
ويرى رئيس اتحاد المزارعين الأردنيين عدنان خدام أن العراق وسوريا أهم سوقين للمنتجات الزراعية الأردنية من الخضار والفواكه بحيث يستوعبان ما مقداره 500 ألف طن سنوياً من منتجاتنا الزراعية. وسوريا هي البوابة الرئيسية لنقل صادراتنا الزراعية من الخضار والفواكه إلى أوروبا الشرقية وروسيا. ومن خلال هذه البوابة قام المزارع والمصدر الأردني خلال العشر سنوات الماضية وقبل إغلاق البوابة السورية، بإبرام اتفاقيات لتصدير أصناف من الخضار وصلت إلى 22 ألف بيت بلاستيكي وتسمى (الزراعات التعاقدية)، وكانت تزرع بأصناف لا تستهلك محلياً أو بالأسواق العربية. وفي ظل الأحداث الجارية فقدت هذه الأسواق تماماً، وشكلت ضغط على الأسواق المحلية، علماً بأنه لولا الأحداث خلال السنوات الخمس الماضية، لوصلنا إلى ما مقداره 35 ألف بيت بلاستيكي من الزراعات التعاقدية وحجم تصدير يقدر بـ 300 ألف طن من هذه المنتجات.
ويتفق المهندس الزراعي محمد أبو الهيجا مع ما ذهب إليه خدام، حيث يشير إلى الضرر بالغ الأثر وكانت الخسائر أكثر مما نحتمله بسبب إغلاق الحدود العراقية والسورية.
ولفت أبو الهيجا إلى أن العراق كان مستورداً رئيسياً للبندورة والبيض في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ولكن عراق ما بعد صدام حسين، لم يعد كذلك مما جعل منطقة كغور الصافي وقطاع الدواجن عرضة لخسائر ضخمة.
ويضيف أبو الهيجا أن سورية كانت تعتبر متنفس المزارعين الأردنيين، فعلاوة على استيرادها خضارنا، فإنها كانت طريقنا إلى لبنان وروسيا.
ويشير أبو الهيجا إلى أنه ونتيجة لما تتعرض له سورية من “مؤامرة فلم تعد سورية ذلك الطريق الأمن لمنتجاتنا وضعف استيرادها من منتجاتنا خاصة بعد سيطرة الإرهابيين على المعبر الحدودي الرسمي بين البلدين.
ويكشف الرفيق أبو الهيجا تقاعس الحكومة الأردنية عن الاستجابة لمطلب الحكومة السورية عبر القائم بأعمال السفير د.أيمن علوش بفتح معبر جديد وذلك في مقابلة أجرتها فضائية الجوسات مع القائم بالأعمال السوري.

المساحة والمزروعات والأمطار في الأردن

تبلغ مساحة الأردن حوالي (89) مليون دونم، ويسودها مناخ البحر الأبيض المتوسط الجاف وشبه الجاف، حيث لا يتجاوز معدل الأمطار على 90% من مساحته عن 150 ملم في السنة، ويعتبر حوالي 505% من مساحة الأردن أراضي جافة تتراوح نسبة هطول الأمطار فيها بين 200 – 300 ملم سنوياً، في حين يتلقى حوالي 4% (المرتفعات الشمالية الغربية) أمطاراً تزيد عن 300 ملم سنوياً والتي قد تصل إلى نحو 600 ملم سنوياً في المرتفعات الشمالية، وتتصف هذه الأمطار بالتفاوت في كميات الهطول في المناطق المختلفة وبتذبذبها كماً وتوزيعاً بين سنة وأخرى.
هناك ثلاث مناطق جغرافية مناخية رئيسية في الأردن تشمل: الأغوار المرتفعة، والبادية الأردنية وامتدادها الشرقي التي تغطي نحو 90% من مساحة الأردن، ولا يتجاوز معدل سقوط الأمطار عليها عن 150 ملم في السنة، وتعتبر الأغوار وبخاصة وادي الأردن الجزء الأكثر خصوبة في الأردن وهو يتميز بدفئه في فصل الشتاء، ويتمتع بميزة الإنتاج الزراعي المبكر للخضار والفواكه مقارنة ببقية مناطق المملكة ودول الجوار، أما الأراضي المرتفعة فتمتد من الشمال إلى الجنوب في الجزء الغربي من الأردن وتفصل الأغوار عن منطقة البادية، ويتراوح ارتفاعها ما بين 600 – 1500 متر فوق سطح البحر، حيث تتلقى أكبر كمية من الأمطار في الأردن وتتمتع بأوسع غطاء نباتي طبيعي، ويقطن فيها حوالي 90% من سكان الأردن.
بلغت المساحة المزروعة بالمحاصيل الحقلية في عام 2014 حوالي (775) ألف دونم والخضراوات (513) ألف دونم، والأشجار المثمرة (388) ألف دونم بدون الزيتون البالغ مساحته (861) ألف دونم.
• المصدر: الموقع الإلكتروني لوزارة الزراعة.

إضرابات واحتجاجات وغياب للحلول
ويلفت رئيس اتحاد المزارعين الأردنيين إلى أن المزارعين تعرضوا لخسائر كيبرة نتيجة إغلاق أسواق سورية والعراق، إضافة إلى تجاهل الحكومات المتعاقبة والحكومة الحالية للقطاع الزراعي وتهميشه والذي أصبح مستهدفاً، قاد المزارع في وادي الأردن إلى الاعتصامات والإضرابات، وهذا دليل قاطع على فشل الحكومات المتعاقبة وعلى رأسها الحكومة الحالية في إيجاد حلول لمشاكل القطاع الزراعي.
وشهد القطاع الزراعي في الأردن تصاعداً في الاحتجاجات والاعتصامات في الأعوام الأخيرة، نتيجة الفيضانات والصقيع أحياناً، وشح المياه مرات أخرى. وفي الآونة الأخيرة، شهدنا في أقل من شهرين اعتصامين متتاليين احتجاجاً على التدني الكبير في أسعار الخضار والفواكه نتيجة زيادة العرض وانخفاض الطلب الناجم عن إغلاق الحدود. ما أدى لتراكم الديون على المزارعين ما حدا بهم إلى المطالبة بالدعم الحكومي أسوة بقطاعات أخرى.
ويؤكد الدكتور نمر حدادين الناطق باسم وزارة الزراعة أن الحكومة تدعم هذا القطاع العام والحيوي حتى أن نقيب الصرافيين صرّح بأنه زاد الطلب على الدينار الأردني نتيجة الصادرات الزراعية الأردنية لدول الخليج.
واعتبر حدادين أن الفيضانات تحدث في كل الدول وبالتأكيد هناك طرق للوقاية وسبل العلاج، أما الصقيع بالفعل هو مشكلة، ولهذا السبب، قدمت وزارة الزراعة مشروع صندوق المخاطر الزراعية وهو خصصياً لمشاكل الصقيع، وصدرت الإرادة الملكية بالموافقة عليه، وتم إنشاؤه ونتأمل أن نتوسع في هذا الصندوق.
وفيما يتعلق بشح المياه، لفت حدادين إلى أن الأردن يواجه تحديات مائية كبيرة ولكن هناك جهود الوزارة لإدخال نظام الزراعات المحمية مثل (البيوت البلاستيكية) لأن احتياجاتها المائية أقل. وأيضاً الري بالتنقيط والتسميد بالري كل هذه المشاريع تقلل التكلفة على المزارع.
فيما يرى رئيس اتحاد المزارعين عدنان خدام أن هناك حلول جذرية تم طرحها مراراً وتكراراً، وذلك من خلال مؤتمر وطني زراعي برعاية ملكية، إلا أنه لم يتحقق هذا المؤتمر لغاية هذه اللحظة.
وأشار خدام إلى إمكانية إيجاد حلول جذرية لمشكلة الفيضانات والصقيع وشح المياه أهمها تحصين الأودية ومصباتها وبناء المزيد من السدود لتوفير مزيد من المياه، وبالنسبة للصقيع هناك حلول تقنية بحاجة لدعم الحكومة للتخفيف من آثار الصقيع وتنفيذ البرامج الكفيلة بالتخفيف من هذه المشكلة الموسمية.
المهندس الزراعي محمد أبو الهيجا أكد أن اعتصامات المزارعين ستبقى غير مؤثرة، طالما أنها تفتقد لوضوح المطالب. مشيراً إلى ضرورة تنظيم المزارعين لأنفسهم بشكل أفضل ما يسهم في أن يكون لاحتجاجاتهم مردودها الإيجابي على أرض الواقع.
وتشير إستراتيجية وزارة الزراعة إلى أن جميع الدول بما فيها المتقدمة، بنت إستراتيجياتها الزراعية على أساس الأهمية الاستراتيجية للزراعة في مجال التنمية، فأصبحت بذلك لا تتوقف عند البعد الاقتصادي المباشر للزراعة، بل تنظر فيما هو أعمق من ذلك، متمثلاً في البُعدين الاجتماعي والبيئي وارتباطهما مع البُعد الاقتصادي. وهو ما حدا بالدول المتقدمة لتخصيص موارد متزايدة لدعم القطاع الزراعي (والذي بلغ في العام 2000 نحو 321 مليار دولار في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وشكل نحو 32% من إجمالي عائدات الزراعة في هذه الدول)، وإصرارها على عدم التراجع عنه على الرغم مما يكلفها من مبالغ وما يخلفه لها من مشاكل على صعيد التجارة وخاصة التجارة الزراعية فيما بينها، ولعل الخلاف بين الدول المتقدمة حول الدعم الزراعي وانعكاساته السلبية التي طالما أعاقت مفاوضات منظمة التجارة العالمية، خير دليل على تمسك الدول المتقدمة بموقفها الداعم للزراعة.
إلا أن هذا الدعم الحكومي لقطاع الزراعة لم نلحظه بالأردن التي يفترض أن تكون الأكثر حرصاً على دعم الزراعة، نظراً “لمحدودية موارده الزراعية، حيث ينبغي عليه إبداء حرص أكبر على دور الزراعة التنموي بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتعامل مع قطاع الزراعة على هذا الأساس المتعدد الجوانب والبعيد المدى، الذي لا يكتفي بمقياس العائد الاقتصادي وحده.
إن الحكومة –وفقاً لاستراتيجية الزراعة- مطالبة بتنمية قطاع الزراعة كي يتهيأ لانطلاقة قوية تضع حداً لما يعانيه من تراجع، توطئة للتقدم نحو زيادة مساهماته في الاقتصاد الوطني، بما يتناسب وأهميته الإستراتيجية اقتصادياً، وما يترتب عليها من أبعاد اجتماعية وبيئية خصوصاً وأن القطاع الزراعي لا يزال مولداً أساسياً للنشاطات في القطاعات الاقتصادية الأخرى وخاصة قطاعي الخدمات والصناعة، حيث تشكل مساهمة القطاع الزراعي والنشاطات الأخرى المرتبطة به (Agri-business) نحو 27% من قيمة الناتج المحلي الإجمالي.
وإذا ما أحسن التخطيط لاستخدام المياه الجوفية في الزراعة المروية في الأراضي المرتفعة، فمن شأن الزراعة فيها أن تساهم في بناء مجتمعات زراعية مستقرة، وفي دعم الاستقرار في التجمعات السكانية من حولها خصوصاً في مناطق البادية، ووقف هجرة سكانها وتثبيتهم للعمل في الزراعة والثروة الحيوانية والخدمات المرتبطة بهما.
إلا أن الحكومة الأردنية لا تزال مشدودة للالتزام الكامل بشروط صندوق النقد الدولي وإملاءات اتفاقية التجارة العالمية، إضافة إلى الالتزام بمعاهدة السلام مع الكيان الصهيوني حتى لو كانت هذه الشروط على حساب مصلحة الوطن والأمن الغذائي. وتلعب هذه العوامل مجتمعة دوراً كبيراً في ضرب الزراعة في الأردن، وهو الأمر االذي يتناقض مع كافة الدراسات والخطط والاستراتيجيات التي تضعها الحكومة.

التطبيع الزراعي: تسهيلات حكومية ومصالح صهيونية

منذ توقيع معاهدة وادي عربة، عملت الحكومة على تسهيل عملية الاستيراد والتصدير للمنتوجات الزراعية التزاماً بنصوص المعاهدة. ويشهد التبادل الزراعي بين الأردن والكيان الصهيوني منذ وادي عربة ارتفاعاً مضطرداً.
وتظهر إحصائيات وزارة الزراعة لعام 2009 استيراد الأردن 1458 طناً من الخضار والفواكه “الإسرائيلية”، تراجعت عام 2010 إلى 73 طناً فقط، لتعاود إلى الارتفاع بشكل ملحوظ عام 2011، حيث وصلت إلى 1744 طناً.
وفي العام 2014 -وفق إحصاءات وزارة الزراعة- ارتفعت المستوردات إلى 4754 طناً من الخضار والفواكه الإسرئيلية، تمثلت بالبطاطا والجزر والكاكا والأفوكادو.
كما أظهرت إحصائيات وزارة الزراعة لعام 2009، تصدير 11955 طناً من الخضار والفواكه الأردنية إلى الكيان الصهيوني، تراجعت إلى 1701 طن عام 2010. وفي عام 2011 شهدت الصادرات ارتفاعاً ملحوظاً حيث وصلت إلى 8432 ألف طن.
واستمرت وتيرة ارتفاع الصادرات إلى الكيان الصهيوني من الخضار والفواكه لتصل إلى 12 ألف طن في العام 2014.
وبعد احتجاجات واسعة من الناشطين في مجال مجابهة التطبيع، أصدرت وزارة الزراعة تعليمات تلزم المستوردين بضرورة تمييز المنتجات الزراعية الإسرائيلية من خلال وضع “ليبلات” عليها تشير إلى مصدرها؛ لغايات تخيير المستهلك بين شرائها، أو العزوف عنها. إلا أن التجار يعمدون إلى إزالة الملصق على الخضار والفواكه “الإسرائيلية” المستوردة.
ولا تتوقف عملية التبادل الزراعي على هذه المنتجات، فقد سجلت عملية تصدير الزيتون الأردني إلى الكيان الصهيوني ارتفاعاً كبيراً في الأعوام الأخيرة وصل في العام 2014 إلى 7 آلاف طن.
كما يتم استيراد التقنيات الزراعية والبذور من الكيان الصهيوني.
الناطق باسم وزارة الزراعة أكد لنا أن المزارع الأردني يمتلك خبرات تراكمية، وعندنا زراعات وتكنولوجيا بالتعاون مع الدول الصديقة الأوروبية. وأيضاً بالنسبة للبذور يوجد عندنا شركات متخصصة بإنتاج البذور، وأيضاً بدأنا ندخل التكنولوجيا الحديثة على الزراعة مثل الزراعة المائية بدون تربة.
إلا أن عاملين في القطاع الزراعي أكدوا لـ نداء الوطن أن زيارات للكيان الصهيوني تتم في إطار كسب الخبرة التقنية والتكنولوجية، إضافة إلى استيراد البذور من الكيان الصهيوني. وكانت “فضيحة بذور البندورة” عام 2012، قد كشفت حجم استخدام البذور الصهيونية، حيث عانى المزارعون في الأردن من عدم مطابقة بذور البندورة المستوردة من شركة فانسي “الإسرائيلية – الألمانية للمواصفات، ما أدى لضرب محصولهم وخسارة ما يقارب الخمسة ملايين دينار أردني.
فيما يلفت السيد عدنان خدام رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن إلى أن أياً من الحكومات لم تتجرأ على تشجيع استيراد التقنية ومستلزمات الإنتاج بشكل معلن من الكيان الصهيوني، علماً بأن هناك اتفاقية سلام. مؤكداً على أن اتحاد مزارعي وادي الأردن هو جزء من الجسد النقابي الأردني بشكل عام وهو يقاوم التطبيع بكافة أشكاله، وأن رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن هو عضو في لجنة مقاومة التطبيع الأردنية.
المهندس الزراعي محمد أبو الهيجا عضو المكتب السياسي لحزب الحركة القومية أكد أن الحكومة تسمح باستيراد مدخلات الإنتاج الزراعي من الكيان الصهيوني، ويشمل ذلك بعض التقنيات كزراعة الأسماك في برك صناعية. ولفت إلى أنه يلمس في هذا المجال بالذات، مدى رغبة الحكومة بعملية تطبيع مع كيان العدو رغم وجود تقدم علمي في هذا المجال في دول عربية كمصر يمكننا الاستفادة منها أو حتى من دول أخرى تعتبر متقدمة في مجال الاستثمار في تربية الأسماك في برك مائية.
ونوّه أبو الهيجا إلى أن بعض مدخلات الإنتاج الزراعي يتم استيرادها من كيان العدو عبر وسيط ثالث كهولندا.
وختم المهندس الزراعي أبو الهيجا حديثه بالإشارة إلى خبر نشرته إحدى الصحف المحلية في أواسط التسعينات، يؤكد أن وزارة الزراعة لدى العدو تتقاضى دعماً مالياً من ميزانية الدفاع الصهيونية لخفض أسعار منتجات العدو، ليتم تسويقها في الأردن.

.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى