لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
مقالات

كلمة الدكتور موفق محادين في مهرجان الــــ 25 لتأسيس الحزب

إذ نحتفي بذكرى تأسيس هذا الحزب الاشتراكي العربي الشجاع، وجذوره الضاربة في الفصيل القومي الأممي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقبل ذلك حركة القوميين العرب، فإننا نحتفي بمدرسة رائدة في العمل اليساري الراديكالي والكرامة الوطنية والعزة القومية.

صوت صارخ في البرية، وجسر بين ضفتين من ضفاف العروة الوثقى.

وليس الأمر على هذا النحو من وجهين للصراع وحسب، صراع وطني مع الاحتلال الصهيوني في فلسطين، وصراع طبقي في الاردن، فما هو ملح، أكبر واوسع من ذلك.

وبوسع حزب خرج من مدرسة الحكيم والجبهة الشعبية والقوميين العرب أن يكون بحجم هذا التحدي، وبالاخص راهنية التحدي نفسه، وجدلية العلاقة بين اطرافه ومكوناته: التجزئة، التخلف، التبعية، الفساد، القمع، وثقافة الهزيمة والغرائز الطائفية.

كما جدلية العلاقة ايضاً بين استهدافاته التي حولت الخصوصيات المزعومة إلى أوثان تحجب الافاق الرحبة، بل الضرورية للثورة الغائبة أو المغيبة، ثورة التحرر القومي الديمقراطي الاشتراكي، حيث لا ناظم ولا رافعة سواها للبقاء داخل التاريخ.

كيف لا، والدولة القطرية من المحيط إلى الخليج، تلفظ انفاسها وتخلي مكانها لخيارين لا ثالث لهما:

الأول، الفوضى الهدامة باسم الشرق الأوسط الجديد، وادواتها التكفيرية والبرتقالية على حد سواء، يهدمون الدول والمجتمعات، تارة باسم حقوق الانسان والثورات البرتقالية، وتارة باسم الصحوة والانبعاث الاسلامي وخاصة من مجاهدي الموساد والمخابرات الأمريكية.

والثاني، خيار العودة إلى الينابيع والجذور، إلى الاطار العربي لحركة التحرر الوطني، فلا تحرر ولا عدالة، ولا مساواة ولا ديمقراطية، دون توحد الاداة والبرنامج والعمل من منطلق قومي اشتراكي.  

كيف لا، وقد تبعثرت الأوراق والساحات والمخاطر والتحديات، أيدي سبأ، في عولمة رأسمالية متوحشة، وقودها الناس والحجارة بين مافيات المال ونجمة داود والهلال العثماني.

وكان أخطر ما فيها لعبة الازاحات وخلط التناقضات الاساسية والرئيسية والثانوية، العدو والخصم والصديق، تحت شعار ساذج أو مشبوه، يحرف البوصلة عن التناقض الاساسي مع الامبريالية الامريكية تحديداً، وعن التناقض الرئيسي مع العدو الصهيوني، ويخلطهما بتناقضات عابرة، ايا كانت حدتها ومستواها الراهن.

ولا يقل عن خطر الازاحات وخلط التناقضات، خلط الاستحقاقات ومقاربتها في مواجهات دموية، تستوي فيها جيوش الغزاة الاطلسية الصهيونية بجيوش الدول القطرية الآفلة وهي على مثالبها ما تبقى لهذه الدول من نواظم مركزية توحيدية لبلدان لم تنجز ثورتها القومية ولم تتحول بعد مجاميع ما قبل الرأسمالية، طائفية وقبلية وجهوية، إلى مجتمعات مدنية حديثة.

كيف لا، وما نحن فيه ينطبق عليه ما قاله المفكر الايطالي الماركسي قبل عقود، انطونيو غرامشي: قديم يحتضر وجديد لم يولد بعد.

وما بينهما في الحالة العربية الراهنة، احجار على رقعة الشطرنج وكانتونات دامية.

غرائز تحتفي بقطع الرؤوس وفلق الهامات وعقل مستقيل وهويات قاتلة.

طائفيون واقليميون، موتورون ومرضى، واحتقانات على المنابر وفضائيات تغسل الدم عن اصابع القاعدة.

كيف لا، ومدن الملح، وشاشات المحميات والغاز الفاجرة تحاصر الوجدان وتعيد صياغة الرأي العام باسم الخصوصيات والاقليميات تارة، وتارة اخرى باسم النواصب وزياد بن ابيه وقميص عثمان والبيت الحرام.

فنهلل معها للصدام والحرائق والحقد الحضاري لاعراب يحاصرون الحواضر في كل مكان، من باب المندب إلى باب الشام.

كيف لا، وما من قرية إلا افسدوها من الماء إلى الماء، اذ دخلوها وجعلوا اهلها اذلة يغتب بعضهم بعضاً، وياكل الواحد منهم لحم أخيه حياً او ميتاً، ويعيدون إلى الاذهان الف هند من آكلة الكبود والف صفين وبعير وهودج.

كيف لا، وما زلنا منفيين في اوطاننا، كما ابو در الغفاري، وكما الصحابي الجليل، ابن عبادة، الانصاري الخزرجي القحطاني، اذا قال يوم السقيفة: يا معشر المهاجرين وقد حملنا راية الرسول كما حملتم، منا أمير ومنكم امير، فسال الدم ولا يزال من حرة المدينة إلى يومنا هذا.

كيف لا، وما زال الماضي يجثم على صدورنا ويشعل معاركنا، ويقلب كوفياتنا ونار قهوتنا، ويرسم تفاصيل التفاصيل من ايامنا، ومتى يقاتل الاخرون من أجل المستقبل.

كيف لا وما زلنا، كما المنبت، لا ظهراً ولا ارضاً قطع.

دول ومجاميع لا تتوحد ولا تذوب، كما الكثبان الرملي، تذروها الرياح وصفير الموت بين شركتين على طريق الهند الشرقية.

ايلافات لدرة التاج البريطاني، وايديولوجيات باسمها لا باسم الله تعالى، عما يؤفكزن:

ابن تيمية، محمد بن عبدالهواب، المودودي، البنا، سيد قطب، وفقهاء خرجوا من عباءة سيد البهائم، لورنس العرب كما كان يسمي نفسه.

وما عساه غير ذلك ايضاً، حنين إلى سياط الباب العالي، وبوكاسا العثماني الجديد، سارق النفط والاصوات، وارث الخصيان والحرملك والاكاذيب.

كيف لا، واحفاد اللاويين والمكابيين المزعومين ويهوه، رب الجنود المتيم برائحة اللحم البشري، يتناسلون كل يوم من الجيتو اليهودي المسلح في فلسطين المحتلة، إلى اربيل وجنوب السودان، وينسبون انفسهم إلى موسى، ويضربون الارض بعصاه، فاذا هي حيات تسعى عند كل فرعون، كما بين النصرة وداعش، والمعتدلين من عملاء المحميات والناتو.

كيف لا، ونحن نعيش اوهام السلام والتسويات والشرعيات الدولية والحلول المرحلية.

كيف لا، ونحن نتنفس اوهام الدولة القطرية صباح مساء:

_ اوهام الاستقلال في البحيرات الراكدة.

_ اوهام البحث عن حياة على ذمة الموت او بقايا وطن بين ابواب السفارات وقوارب اللاجئين.

_ اوهام الفقراء الذين بعيدون فقرهم إلى خط الاستواء أو إلى حظ عاثر، فينحدرون إلى خط الفقر أكثر فأكثر.

_ اوهام العمال في نقابات صفراء مع قليل أو كثير من اليافطات وحق الاحتجاج والتنديد بالامبرياليين.

_ اوهام الكتاب الذي يعيشون يومهم كما نمور زكريا في اليوم العاشر بنصف علبة من السجائر وقهوة رديئة والغمز بخبث رخيص لا يكلف شيئاً من قناة سلطان جائر.

_ اوهام صناديق الاقتراع وديمقراطية ديكتاتورية الحزبين في حلف الناتو بدل الحزب الواحد ايام الرفاق في حلف وارسو.

_ اوهام واوهام …

لكنما العدو هو العدو وأمريكا هي أمريكا، والرأسمالية، والرجعية هي الرجعية والاسلام الامريكية هو ذاته في طبعاته المختلفة، الناعمة والخشنة القديمة  والمنقحة الجديدة.

وما اعتقدناه يوتوبياً ومبالغة خالصة في ورايات جاك لندن (العقب الحديدية) و (ذئب البحار) وفي كلام انجلز عن قاطرتا التاريخ وفي كلام ماركوزه عن (الانسان ذو البعد الواحد) وفي كلام البيان الشيوعي، تعيد الرأسمالية نفسها انتاجه كوقائع حيه في الهمجيات العليا شمالاً، كما لاحظ ماركس وشبنغلر مبكراً، وفي الهمجيات الدنيا، التكفيرية الاسلاموية والفاشية اليهودية جنوباً.

وتبدد في سياقها كل الاوهام الليبرالية التي حملتها مبادئ ولسون إلى المغفلين على ظهر البوارج الحربية، وشاهدها العالم كله في القنابل الذرية على المدن اليابانية وفي قصف فيتنام على ايقاع فاغنر، وفي تحطيم الدول الوطنية في العارق وليبيا وفيما تشهده سوريا منذ سنوات واليمن منذ اشهر.

ولم يتورع الامريكان في كل ذلك عن استخدام احط واقذر وانذل الاساليب والادوات الوحشية الاجرامية، من بطانيات الجدري التي قدموها هدية للهنود الحمر، إلى السائل البرتقالي في فيتنام، إلى اليورانيوم المنضب في العراق إلى حاويات الفئران والقمح الفاسد، هدية من شعب الولايات المتحدة ليس للبيع أو المبادلة.

أوهام واوهام…

انما الشام، والنيل والفرات، واليمن السعيد، وفلسطين، بكل يد مضرجة تدق، فاذا ما غفت مدائن الشرق قليلاً عن ثعالبعا وذئابها، وراح عبد النحس يغسل وصايا كليب على الغدير (لاتصالح) فان الثأر لا ينام.

حماة الديار، يطوون عواصف الغدر شمالاً وجنوباً، ويغسلون بالدم ياسمين الدار.

وابواب اليمن عصية على الاعراب من عهد عاد.

والرفاق في الأورال ينهضون من سبات عميق ويدكون الارض دكا.

واذ ظن الغزاة والرجعيون أن الهواء يوشك على الوجوم في فلسطين، فالجليل كما الخليل، حجارة من سجيل.

وحيفا لم تعد رواية من زمن عقيم أو حزن مقيم.

يافا، حيفا، عكا ايقونة الماء… وغزة عطر كما حد السكين.

ولم تعد جدران ابي الخيزران، كما حذر كنفاني للتوقيف والموت الرخيص على مزابل النفط والغاز والشيطان الرجيم.

ومن قبل ومن بعد، ايها الحزب.

لانك كما نحن، طيف هوى جميل كما الالوان

الهوى البحري، عنب الخليل، برتقال يافا، قمح حوران

وهوى الوديان….. من جلعاد إلى ضانا وشيحان

لان اجراس العودة تسكن خافقيك كما الماطارق والمناجل

افتح بحيرتك على البحر الكبير

وتمعن في دفاتر الديالكتيك والاممية الأولى

وافتح كتابك لالف سؤال وسؤال

هو علم الكلام والبيانات الأولى

في بيان القوميين: ايها العرب في كل مكان

سجانكم واحد، وخبركم واحد، ومصيركم واحد، وحزبكم واحد

وفي البيان الشيوعي:

يا عمال العالم اتحدوا فلا صوت يعلو فوق صوت المطارق.

وفي البيان الأول لشباب الثار على طريق فلسطين: لا صوت يعلو فوق صوت البنادق.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى