وعي الدور ومبرر الوجود

في اللحظة التي أحجمت بعض الأحزاب عن القيام بدورها، وانتعشت فيها التيارات الانتهازية، وغاب الوعي، وتخلخلت البُنى التنظيمية، وتفشّت الليبرالية، راحت تفقد مبرر وجودها.
بات القصور هو السمة السائدة، وتغيرت الألوان، وراحت التحالفات السياسية تفقد أساسها ومعناها. بات الحزب يشارك في أكثر من إطار، لا لشيء إلا للتغطية على حالة العجز، بل وحتى الانحراف في الفكر، والعجز عن الفعل.
هذا الحال العام على مستوى الوطن العربي هو الذي يفسّر تمادي الأنظمة في خذلانها لشعوبها وأوطانها، وعدم قيامها بواجبها ومسؤولياتها.
لقد تراجعت الهوية الفكرية، واتسمت الرؤية بالضبابية، بل باتت الرؤية معدومة.
وتعمّقت الفجوة بين القول والفعل، وابتعدت الأحزاب عن جماهيرها، صاحبة المصلحة في التغيير.
التاريخ يعلّمنا أن الوعي الثوري للقيادة والانضباط الحزبي، في ظل أزمات عربية تزداد عمقًا كل يوم، من شأنه أن يُحدث التغيير المطلوب، ويضع شعوبنا ودولنا على السكة الصحيحة.
وأعتقد أن تعزيز الشفافية والنزاهة، والحزم في مواجهة الظواهر الانتهازية، والربط بين النضال الوطني والقومي، هو الأساس للنهوض، إذ بات في حكم المؤكد أن الحديث عن إنجاز إصلاحات ديمقراطية في ظل الارتباط مع القوى الإمبريالية والكيان الصهيوني، وهمٌ ثم وهم.
في هذه اللحظات، تتكالب كل القوى الاستعمارية والصهيونية والقوى العميلة من أجل القضاء على المقاومة وتجريدها من عناصر قوتها، لأنها تُشكّل السدّ الصلب الذي يقف في وجه الأعداء والمتخاذلين.
لذا، يُصبح على كل الأحزاب التقدمية واجب وعي الدور ومبرر الوجود، بخلق أقوى تحالف مع قوى المقاومة. هذا هو السبيل إلى ذلك.
والأحزاب مطلوب منها ثورة في داخلها ضد ما تراكم فيها من ظواهر سلبية عطّلت دورها وفعلها، وإلا ستبقى هذه الأحزاب تخوض في الماء.
وللحديث بقية…