وعود بخريف دافئ ..عودة النبض إلى شريان الحياة بين الأشقاء
رئيس الحكومة الاردنية يستقبل وفداً وزارياً سورياً، رفيعاً!!
هل نقف أمام مرحلة جديدة بعواملها المحركة الذاتية؟ أم استجابة لوميض ضوء أخضر، أتانا من بعيد؟
حتى الآن، يجري البحث والتنفيذ في عناوين؛
فتح الحدود، والنقل البري والجوي، والكهرباء، والمياه، والتجارة والزراعة والصناعة، وسبق ذلك زيارة وزير الدفاع السوري إلى عمان.. لكن هل يمكن أن يتحقق هذا “المسار” دون غطاء سياسي في خلف الصورة؟ وهل أصبح من الممكن قريبا، رؤية إجراءات لرفع مستوى الزيارات السياسية، والعلاقات الدبلوماسية بين الطرفين ؟!
لن أتحدث هنا عن العقبات التي ما تزال ماثلة أمام الجميع لعرقلة مثل هذا “الإنفتاح”، والتشويش عليه وتعطيله.. سيما وأننا نعلم بوجود تيارات سورية وأردنية وازنة معادية بشدة للنظام السوري، وقلقة من هذا التحول، وتنتقد حاليا السياسة الأردنية بشدة على هذا الانفتاح.
هذه التيارات نفسها هي التي كانت تدعوا خلال عشر سنوات ونصف، لتأبيد القطيعة بين القطرين الشقيقين، وتؤيد كل الأعمال والإجراءات التي عملت على حصار سورية، وإدامة الأعمال المسلحة ضد الجيش السوري.
هذه الأطراف قلقة بشدة من هذا التقارب، وما يحمله من دلالات هامة؛ بأن رهاناتهم التي علقوها على قدرة “الثورة السورية” على إسقاط سورية والنظام قد فشل، وأن القرار السوري السيادي، يعود للحكومة السورية وحدها، وأن المزاعم عن التواجد لدور إيراني حاسم في جنوب سورية، قد سقطت.
آن الأوان لهذه الأطراف أن تقرأ التغيرات الإقليمية والدولية جيدا، وأن تجري مراجعة لمواقفها.
وبغض النظر عن حرية هذا التيارات في الإحتفاظ بوجهة نظرها حول طبيعة النظام السوري، إلا أن المصلحة العليا حاليا، لشعوبنا وكياناتنا الوطنية، وأمننا القومي، يكون بالإنفتاح الكامل، وإعادة النبض وتدفق الدماء إلى جسد العلاقة السورية الأردنية، والتي كانت يوما مثالا يحتذى على صعيد العلاقات العربية البينية، قبل بدء الأحداث.
وبالمقابل يبرز أيضا، أطراف أردنية وسورية، كانت ترفض تكريس القطيعة مع دمشق منذ بدء العدوان المتعدد الأوجه على سورية، وعبرت عن تخوفهاتها من تحول الصراع المسلح على الأرض السورية، إلى أداة وحشية لتدمير سورية ككيان، وسيادة وطنية، وإنتماء قومي، ومقدرات شعبية.. هذه الأطراف أعلنت رفضها مبكرا للقطيعة بين القطرين الشقيقين، وحذرت من التداعيات الخطيرة لتردي العلاقات البينية بينهما، والتي لا تخدم إلا أجندات خارجية معادية، وتلحق أكبر الضرر بمصالح الشعبين الجارين.
لا نعلم بعد إلى أي مدى سنسير في هذا الإتجاه، ولا حجم التحول السياسي في العلاقات، وهو تحول لا يتم لولا وجود ضوء اخضر دولي أميركي، ورعاية روسية، وتغيرات في الموقف الأوروبي، وإنفراج في الحالة السورية الداخلية، وتحسن في مواقع المحور الذي تشارك به سورية.. ولكننا نلمس، صدق الرغبة العارمة عند الشعبين بإعادة الأوضاع لطبيعتها.. وقد أصاب العنوان السياسي الرسمي الأردني بإلتقاط الظرف واللحظة، والقدرة على ترجمة كل ذلك إلى خطوات ملموسة في الميدان.
يجب أن ندفع جميعا، وبقوة بإتجاه الإنفتاح، وتصحيح العلاقات، وخلق وقائع وتداعيات على الأرض تقود إلى علاقات طبيعية وثابتة على كافة الصعد الإقتصادية والشعبية والسياسية، منطلقين بذلك من سيادة وإرادة وطنية واعية، وتحديد أهدافنا وحقوقنا بوضوح، والتوقف عن لعب دور الأداة، وسفك دماء أبنائنا، في صراعات مصالح القوى الإستعمارية، فوق أرضنا الوطنية والقومية.