لآخر المستجدات تابعنا على قناة تلغرام

تابعنا
ثقافة وأدب

وصية العزيز الراحل

بينما كنت أُزيل الغُبار عن رفوف المكتب الخاص بالمرحوم جدي، وجدت ورقةً بعنوان “متطلباتي”، كانت ممتلئة بالكلمات لم يكن الخط واضحاً، فهو لم يكن يُجيد الكتابةَ بشكلٍ كبير، ذهبت إلى جدتي مسرعةً وأنا أقول : أُنظري ماذا وجدت! هل بإمكانك قراءتُها لي؟ أخذت الورقة مني، طال تحديقُها بها قالت: مكتوبٌ هُنا بخط العزيز الراحل، كان يُدون احتياجاته ليكون شهيد، فقد كانت خارطة لأجل الطريق الصحيح، سلاحٌ للدفاع عن النفس، ذخيرةٌ من أجل الصمود لوقتٍ أطول، شجاعته للوقوف بوجه أعدائه، دَعَواتي لمساعدته، إيمانه باللّٰه، و يقينه التام بأنه سينتصر، أتعلمين يا صغيرتي؟ لقد كشفتي أحد أسراري، فلم يَعد بإمكاني إخفاء ما تبقى! بدأت أتساءل يا تُرى ماذا تُخفي؟ بدأنا نسير سوياً بإتجاه المكتب بخطواتٍ ثابتة، كنت على يقين أنني سأجد الإجابةَ هناك، قالت جدتي: إجلسي، سأبوح لكِ بأسراري، أو بقولٍ أصح بأسرار عائِلَتِنا، وإذ بها تُخرج ورقةً أُخرى من دُرج جدي و تقول: هذه وصيته فلتقرَئيها و لتتمَعني بقوةِ ما أراد أن نفعله، أخذتُها والفضول يتَمَلَكُني لأعلم ما بِها، كانت موجهةٌ لجدتي فقد بدأ كلامه قائِلاً ” يا أُم أطفالي الذين سيُصبحون رجالاً على يديكي، رَحلت مبكراً وتركت حملاً كبيراً، لكنك على مقدرةٍ منه، أوصيكي أن تكوني حلقةَ وصلٍ بينهم، فإذا تفرقوا الأبناء؛ ذهبت البلاد، دعيهم يخرجوا للعمل، يُحارِبوا من أجل رغيف الخبز يُناضلوا لإطعام أحفادي الذين لم أتمكن من رؤيتهم، أخبريهم عني، إروي لهم القصص التي كنت أُحِبُها! أخبريهُم عن القدرالذي كنت سأُحبهم به، إجلسي معهم، لاعِبيهم، غني لهم بصوتكِ العذب، أخبريهم إلى أين ذهبت. أنا على يقين أن من تركتهم أطفالً صغار، أصبحوا رجالاً يستطيعون حمل المسؤولية، تركت لأكبرهم بندقيتي الأُخرى فهو سيأتي لِيُحارب ليعلم بماذا قُمت، و ماذا فعلت، أخبريهم بأنني “أحببتُهم وبأنني أُحبك!”.

بواسطة
الطالبة رمال العامري
اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى