وزير الإعلام الأسبق الخصاونة لـ نداء الوطن: إعلام النفط العربي يهدف لتغيير الأولويات لدى المواطن العربي
نستضيف في هذا العدد الدكتور هاني الخصاونة الوزير السابق وأحد مؤسسي الملتقى الوطني للأحزاب والنقابات المهنية والشخصيات الوطنية، وحديث حول الإعلام والإصلاح في الأردن وقانون الانتخاب، إضافة إلى حديث حول الأزمة السورية والموقف الأردني منها.
من هو الدكتور هاني الخصاونة :
_ مواليد عام 1940 في قرية ايدون في إربد مسقط رأسه.
_ أكمل المرحلة الثانوية في كلية الحسين في عمان.
_ التحق بجامعة دمشق لدراسة المحاماة، ثم ترك دمشق والتحق بجامعة بغداد وعلى اثر ثورة الشواف، انتقل إلى جامعة القاهرة، حيث تخرج من جامعة القاهرة بشهادة ليسانس الحقوق.
_ حصل على الدبلوم في القانون المدني الخاص.
_ يحمل شهادة الدكتوراة من جامعة بوخاريست
_ نائب المندوب الدائم للأردن في الأمم المتحدة في نيويورك.
_ مدير دئرة المطبوعات والنشر سابقاً.
_ سفير للأردن في أكثر من دولة أوروبية وآسيوية وسفيراً للأردن لدى اليونسكو.
_ وزير الشباب في حكومة أحمد عبيدات ووزير الإعلام في حكومة زيد الرفاعي
_ أحد مؤسسي الملتقى الوطني للأحزاب والنقابات المهنية والشخصيات الوطنية.
وزير الإعلام الأسبق الخصاونة لـ نداء الوطن: إعلام النفط العربي يهدف لتغيير الأولويات لدى المواطن العربي
القبضة الأمنية والحكومية على الإعلام
نداء الوطن: نبدأ حديثنا حول الإعلام في الأردن، هل ترى بأن قانوني الجرائم الإلكترونية، والمطبوعات والنشر، أرجعانا لعهد الأحكام العرفية، وخاصة ما يتعلق بحبس الصحفيين؟
د. الخصاونة: أنظر إلى هذا الموضوع من عدة زوايا، النقطة الأولى، أنه لا يوجد في أي قطاع من قطاعات العمل العام حرية مطلقة. يطلق المثقفون على الإعلام اسم السلطة الرابعة، ولكن هذه السلطة لا بد أن تكون لها أوسع نطاق من الحرية المسؤولة.
عزائي بالأردن، أن المواقع الإلكترونية بشكل عام في الأردن كانت مسؤولة، وإن كانت هنالك بعض الخروقات من بعض المواقع التي اتهمت بأنها تتقاضى نوعاً من (الخاوة والابتزاز) مقابل النشر.
نداء الوطن: هل ترى بأن هذا القانون سهّل عملية حبس الصحفيين، وأصبح بالإمكان رفع قضية على أي صحفي لتعليق هنا أو تقرير هناك؟
د. الخصاونة: لا أنظر للأمر من هذه الزاوية، نحن ننتسب إلى العالم الثالث، وبلدنا لا يزال الأولوية للتحكم فيه لأجهزة الأمن، ولأجهزة السلطة التنفيذية، والرغبة الجامحة لدى كل من يكون في السلطة التنفيذية بأن يكون مسيطراً ولا يتحمل النقد، ولهذا السبب المسألة ليست مسألة أن القانون رجعي أو غير رجعي، الإشكالية تكمن في المناخ العام في وطننا العربي ومن ضمنه الأردن، الذي لا تزال تسيطر فيه السلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية على باقي السلطات.
نداء الوطن: وهل ترى أن إلغاء وزارة الإعلام كان له أثر إيجابي من ناحية الحرية الصحفية والإعلام، أم أن المسألة تتعلق باستحقاقات خارجية؟
د. الخصاونة: في الحقيقة هذه المقولة هي أقرب إلى النكتة منها إلى موضوع بحث ومناقشة، عندما أُلغيت وزارة الإعلام لم يتغير أي أمر جوهري في مسيرة الإعلام الأردني، سواء الإعلام الحكومي أو الإعلام الخاص. وأيضاً سواءً على صعيد الأداء وصعيد المضمون، وبقي التدخل في شؤون الإعلام.
نفوذ النفط على الإعلام العربي
نداء الوطن: ما هو رأيك في القنوات الفضائية العربية وأدائها؟
د. الخصاونة: الإعلام العربي مختص في التهليل للحكام أصحاب السلطان، سواء كانوا ملوكاً أو أمراء أو رؤساء جمهوريات، والتهليل لأدوارهم، ودخلت على الإعلام العربي كارثة النفوذ النفطي، التي حطمت الإعلام العربي ولم يعد كل الإعلام العربي بشكل عام مقبولاً، باستثناء بضعة محطات تتناول القضايا الجادة للمواطن العربي، وتتعرض للقضايا الأساسية التي تعاني منها الأمة العربية. باستثناء ذلك، باقي المحطات تشعر بأن الهدف من برامجها تغيير الأولويات لدى المواطن العربي وتخدير العقل العربي.
نداء الوطن: ما تطرحه مهم جداً، قصة تغيير أولويات المواطن العربي، هل هذا يأتي بطريقة عفوية؟
د. الخصاونة: لا هذا يأتي بطريقة مرتبة، أعداء الأمة العربية يريدون وهم يعرفون أهمية سلاح الثقافة والإعلام، يريدون أن يُقنعوا المواطن العربي بأن الأمة العربية لا تتعرض لمؤامرةـ، ويهزؤون من الذين يتحدثون عن التآمر الصهيوني والاستعماري والإمبريالي ضد الأمة العربية، وهم أي الحركة الصهيونية والقوى الإمبريالية التي تستغل النفط العربي وخيرات الوطن العربي، ويحرصون على استمرار تجزئة الأقطار العربية ويستغلون وجود سنة وشيعة وتعدديات متنوعة لإثارة نزعات فاتت عليها مئات السنين من الزمن.
خدعة الربيع العربي وعدم استهداف الدول الأكثر فساداً
نداء الوطن: فيما يتعلق بما يسمى بالربيع العربي، كيف تنظر له، هل ترى بأن ما حدث هو تحركات شعبية عفوية، أم أن هنالك كان خطة محكمة ومدبرة مسبقاً وبالتنسيق ما بين القوى الإمبريالية وقوى إسلامية لإحداث هذا التغيير لإعادة تشكيل الأنظمة العربية بما يتناسب والرؤية الأمريكية الجديدة للمنطقة؟
د. الخصاونة: أفرّق بين أمرين، الأمر الأول أن شعوب الأمة العربية هي شعوب أصيلة وتواقة إلى الحرية والاستقلال والوحدة وإلى تحرير فلسطين، وبين ما أطلق عليه اسم الربيع العربي وما جرى في بلداننا العربية من استغلال لكراهية الشعوب العربية لبعض أو لمعظم أنظمة الحكم العربية، استغلال هذه الكراهية للوصول إلى وضع أسوأ من الوضع السابق، وهو ما جرى أمام أعيننا، من حيث، وعندما نتساءل من الذي أيّد الربيع العربي؟ من أيّده هي كافة الإذاعات والدوائر الإمبريالية وأدواتها ومواليها، وانتهينا فيه إلى انقسام وحالة ذهول في المجتمع العربي وحالة لا جدوى وانقسام بين أطراف حركة النهضة العربية.
ما حصل فيما يسمى بالربيع العربي، أنه لم يتعرض للأنظمة الموغلة في الفساد والموغلة باستغلال الثروة العربية والموغلة بتخريب الوطن العربي والموغلة بالترف والبذخ، فلم تجري فيها مظاهرة، ولم تُسمع فيها كلمة تتحدث عن الديمقراطية والحرية، وإنما جاء التركيز بالذات على سورية.
سوريا ليست معصومة من الأخطاء، وقبيل الأزمة كان عنصر شيوع الفساد فيها أمراً يؤذي النفس العربية ويؤذي محبي سورية، قبل أي جهة أخرى، ولكن سورية كانت بلا ديون وإنجاز اقتصادي هائل، جيش يتألف من 400 ألف عنصراً، دعم للمقاومة اللبنانية المقاتلة لإسرائيل والتي هزمتها في عام 2006، وانتهينا بالربيع العربي بأن كل هذه القوى المعادية في تركيبتها البنيوية للأمة العربية، كتركيا وحلفائها، يصطفون في مواجهة سورية.
نداء الوطن: قمت بانتقاد الموقف الأردني من الأزمة السورية، بعد مرور خمس سنوات على الأزمة السورية، كيف تقيم الذي جرى في سورية، وهل أضر الموقف الأردني الرسمي بمصالحنا؟
د. خصاونة: لا يمكن لأي عربي شريف أن يكون في صف تأييد ما يجري من جريمة بحق الشعب السوري، الذي يجري بحق سورية إجرام، خمس سنوات برفع شعارات تريد تغيير النظام، بالرغم من أنف الشعب السوري، وتوجه إلى سوريا حرباً إعلامية لم يعرفها التاريخ الإنساني، حرباً إعلامية استبيح فيها كل شيء، ثم مليارات الدولارات تصرف لنقل معدات جيوش كاملة، واستقدام عشرات الآلاف من شتى أنحاء الأرض لتدمير سورية وتدمير البنية التحتية وضرب المواقع العسكرية وضرب مؤسسات الدفاع الجوي السورية وإنهاك الشعب السوري وفرض عقوبات اقتصادية، كل ذلك لطلب تغيير النظام في سوريا، الأمر الذي أعلن بأنهم عرضوا على سورية أن يعينوا لها رئيساً علويّاً المهم أن يتغير بشار الأسد.
أنا من الناس الذين كنت ولا أزال وسأستمر أعتقد بأن لا مصلحة للأردن إلا بأن يتمنى الخير لسورية، وإذا طلب منه أي دور، أن يكون دوره التشجيع على الحل السياسي الذي يستهدف المحافظة على وحدة الدولة السورية وعلى سلامة الأراضي السورية وعلى استقلال سورية ومكانتها، ونحن الآن نعاني من إغلاق الحدود، حيث أننا لا نستطيع تصدير منتجاتنا الزراعية إلى السوق السوري الذي كان يستوعب قدراً كبيراً من هذه المنتجات.
تراجع دور الملتقى الوطني وتمزيق الأمة
نداء الوطن: أنت أحد مؤسسي الملتقى الوطني للأحزاب والنقابات المهنية والشخصيات الوطنية، الذي كان له حضوره الواضح لغاية 2011. إلى ماذا توعز تراجع دور الملتقى الوطني ؟
د. الخصاونة: الملتقى الوطني كان تجربة واعدة ورائدة، لأنه كان يضم القوميين والإسلاميين والشيوعيين، والقوى التقدمية المستقلة، وهي العناصر الثلاث في حركة النهضة العربية، وجماهيرها تنتسب لأمتنا، ولكن مع تفاوت في الوعي والكفاءة، وجزء من المؤامرة الاستعمارية على الأمة العربية كانت ضرب أطراف حركة النهضة العربية وإثارة الفتنة بينها، وخلق فجوة بين هذه القوى التي كانت مجمعة على أن بوصلتها فلسطين، أن من مع فلسطين نحن معه، أن من يؤيد ويحارب من أجل فلسطين نحن معه، عندما وقعت الوقيعة وأنا أسميها النكبة (الذي يجرى بين أطراف حركة النهضة العربية) ولذلك امتنعت في السنتين الأخيرتين عن ممارسة أي نشاط عام، لكي لا أكون في وضع أتعرض فيه لطرف من أطراف حركة النهضة العربية بما يزيد الشق والفجوة، لأنني عشت مأساة انقسام أطراف حركة النهضة العربية، عشتها في العراق في عام 1958 عندما انقسم الصف الوطني، الشيوعيين في جانب مع عبدالكريم قاسم، والقوميين والإسلاميين في جانب الرئيس جمال عبدالناصر، ثم عشتها في مصر عندما انقسم التيار القومي ضد الاخوان المسلمين، وهذا لا يُعفي ولا يمنع من أن في التيار القومي والتيار الإسلامي والتقدمي قد تكون تسرّبت عناصر معادية مرتبطة بأجهزة أجنبية تمارس التخريب بدون إطلاع الآخرين عليها، إنما تمت عملية شق للصف والملتقى الوطني، ولهذا السبب صار الإنسان أمام حالة خطرة من اللاجدوى، لا أستطيع أن أقف علانية لا سمح الله وأتعرض للتيار التقدمي بالطعن أو بالتيار الإسلامي بالتخوين أو بالتيار القومي بالتخوين، كما يجري حالياً، ولهذا السبب هذه المشاعر ليست قاصرة على فرد مثلي، إنما باعتقادي أن ما يعاني منها ملايين من المخلصين سواء في التيار القومي أو الإسلامي أو التقدمي. سبب آخر لتراجع دور الملتقى الوطني يتمثل بوجود عناصر معادية مرتبطة بأجهزة أجنبية تسربت إلى هذه القوى لتمارس التخريب بدون إطلاع الآخرين عليها، إنما تمت عملية شق للصف والملتقى الوطني.
نداء الوطن: باعتقادك كيف يمكن إعادة إحياء الملتقى؟
د. الخصاونة: سيُحيي نفسه، في منطق التاريخ في الجدلية التاريخية سيُحيي نفسه، هذه الأمة لا يمكن أن تموت، والدليل على ذلك حجم التآمر عليها، منذ الحسين بن علي عام 1916 حتى الآن، ولا همّ للقوى الاستعمارية إلا التآمر على الأمة العربية.
البرلمان وتغوّل الحكومة على صلاحيات النواب
نداء الوطن: فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية القادمة، هل تعتقد بأن قانون الانتخاب قادر على تطوير الحياة السياسية وخلق حضور أكبر للأحزاب في البرلمان، وهل ترى أن الحكومة جادة في تطوير الحياة السياسية؟
د. الخصاونة: منذ العام 1989 وحتى الآن، صدرت عدة قوانين تتعلق بالانتخابات، ولكن المشكلة الرئيسية كيف تضمن المشاركة الشعبية في صناعة سياسة الدولة والقرارات الحكومية. هنالك فجوة لا تزال موجودة، لم يحلّها قانون الانتخاب ولن يحلّها. هذه الفجوة كبيرة بين حق المواطنين في ممارسة الحكم وفي صناعة القرارات الكبرى السياسية والأساسية التي تتعلق بتوجه البلد السياسي والاقتصادي، وبين حقيقة ما يجري، هنالك انفراد وتركيز للسلطة بيد السلطة التنفيذية، تركيز قوي ويزداد يوماً بعد يوم، ولهذا السبب كل هذه الأمور في نهاية المطاف لا تترك للممثلين الذين يأتون عبر الانتخاب، كائناً ما يكون القانون، سوى التحدث في المسائل الثانوية، وعدم الاقتراب من المسائل الجوهرية والنوعية التي تهم الشعب وتشغله انشغالاً حقيقياً وصادقاً. في دستورنا الذي أُعدم للأسف، نظام الحكم نيابي، أي أن النائب والمجلس النيابي يشرف ويمارس الحكم وصناعة القرار، وهذا أمر لم يتحقق.
نداء الوطن: هل ترى قانون الانتخاب الحالي أفضل من السابق؟
د. الخصاونة: طبعاً، ولكن الأهم أنه لن ينتج مجلس نيابي يشارك في الحكم، لأن هنالك خللاً في الفصل بين السلطات، فقد أصبح هنالك تركيز بيد السلطة التنفيذية في أمور بالأساس هي يجب أن تكون بيد السلطة التشريعية.