وزارة حرب ترامب والحلم بجائزة نوبل

جاء إلى الإدارة الأمريكية بوعود لا يمكن وصفها إلا بالكذب؛ وعود بإرساء دعائم السلام عبر حلّ المشكلات الدولية. وقد سيطر عليه وهمٌ وحلم الحصول على جائزة نوبل للسلام، تلك الجائزة التي رُشِّح لها المطلوب للجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين: المجرم نتنياهو.
ترامب الباحث عن نوبل للسلام هو نفسه من أعطى الضوء الأخضر للكيان الصهيوني لاحتلال غزة وتهجير أهلها، حتى يتمكّن من تحويلها إلى منتجعات سياحية واستثمارات غربية، وفقًا لاقتراحات كوشنير وتوني بلير.
لكن ما يثير الانتباه هو قراره بتحويل البنتاغون من “وزارة دفاع” إلى “وزارة حرب”.
رغم قناعتي بأن الإمبريالية تتسم بطابعها العدواني وسعيها الدائم للسيطرة على الشعوب ونهب خيراتها، أي أن بنيتها في الأصل عدوانية تستهدف إخضاع الآخرين، فإنني أرى أن تغيير الاسم ليس شكليًا بقدر ما هو انعكاس لمرحلة جديدة تتسم بالتوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين ومعظم دول العالم، كنتيجة للحرب الاقتصادية التي يشنّها ترامب على العالم، والتهديد بضمّ دول ومحاولة خلق امتيازات له في الممرات المائية. وكأنه يريد القول: نحن في حرب مفتوحة.
لقد أصبح الوجه العدواني البشع أكثر سفورًا، وأضحى واضحًا أن إطلاق اسم “الدفاع” لم يكن إلا نوعًا من التضليل لإضفاء طابع أخلاقي أو شرعي على الحروب الأمريكية الماضية، كغزو العراق وأفغانستان مثلًا.
الولايات المتحدة الأمريكية باتت تدرك أنها لم تعد وحيدة في العالم، وهذا يفسّر حالة الإرباك التي تعيشها الإدارة وخسارتها ثقة معظم دول العالم. ويكفي التأمل في العرض العسكري الصيني وما تضمّنه من أسلحة متطورة، وما يحمله من رسائل دفعت ترامب لإعادة حساباته. فقد باتت الهيمنة الأمريكية المطلقة أمرًا من الماضي، وأصبح العالم يسعى نحو نظام دولي يتوفر فيه قدر أكبر من العدالة، وعدم التدخل في شؤون الدول.