وزارة الثقافة والحضور المرتبك / حسين ياسين
قد لا يبدو الدخول في تعريف الثقافة مهمة شاقة؛ أستطيع أن أعرفها وفق ما رأيت وسمعت وقرأت بأنها جملة المعتقدات والعادات والفنون، وما إلى ذلك من فضاءات تتحرك فيهاالمجتمعات لتشكيل هوياتها، في مكان أو وقت معينين.
إنها أيضا؛ طريقة تفكير أو تصرف أو عمل موجود في مكان أو منظمة (مثل الأعمال)، تفصح عن التميز الذي يحظى به شخص أو مجتمع، منهمك بما يعتبر متقدما في الوعي والمعرفة عبر الفنون والخطابات والآداب والملاحقات العلمية، وما إلى ذلك.
هذه التعريفات السابقة؛ قابلة للتطبيق، لكن التعريف الأخير، يشير إلى شيء مختلف: انه التميز
فلماذا نحتاجه في الثقافة؟
أين نجد الثقافة؟ تعيش الثقافة في المحادثات التي يجريها الناس في العمل؛ حول العمل، حول بعضهم، حول الإدارة العليا، حول ما هو ممكن في مسارهم الوظيفي، لتشكل البيئة والمزاج، بالإضافة إلى الدساتير والطلبيات الملموسة وغير الملموسة.
معظم عمليات الاندماج والاستحواذ؛ تتغاضى عن خطوة حاسمة في التنفيذ. بالإضافة إلى جميع العمليات والتكامل الهيكلي، من المهم دراسة الثقافتين وإنشاء واحدة جديدة تركز على اهتمامات المنظومة الثقافية.
الخطوة الأولى؛ لتغيير الثقافة، هي تحديد الثقافة الموجودة. ما لا يمكنك رؤيته، لا يمكنك التأثير. ماذا يقول الناس بالفعل عن كيفية التميز الفردي لمؤسسات ثقافية عن اخرى ميتة؟ ما هي القواعد غير المكتوبة؟ ما هي المحرمات؟ كيف تتقدم في العمل؟ ما الذي يعوقك أو يقتل حياتك المهنية؟
السؤال ما يقوله الناس حول كيفية “انعاش الميت” في العمل، سيبدأ باستجواب ما هي الثقافة، وإذا كان يمثل مخاوفك؛ بعد ذلك، يمكنك اختيار كلماتك للتعبير عن التزاماتك واهتماماتك الحقيقية.
ما تقوله يمكنه خلق أو تدمير فرص ومهن وسمع ونمو ونجاح.
تغيير الثقافة: كيف أبدأ؟ ابدأ مع نفسك. ماذا تقول في وعن العمل؟ ماذا يقول هذا عن الثقافة؟ هل هو مطابق لمخاوفك؟
وزارة الثقافة ذات الحضور المرتبك في بلدنا، وذات الميزانية “المريضة بنزيف رواتب العاملين فيها، بالكاد تسمع عنها أو حتى عن وزرائها، ولا أقصد أحدا، وأعني صفته فقط، شخصية يقصد أن لا تملك قرارها حتى بميزانيتها الضئيلة التى قد تكون مكتبة واحدة من مكتبات عمان الخاصة أعلى منها، واذا تشجع أحدهم وحاول إحداث فرق ما؛ فيواجه بأن القرار يجب دراسته “من فوق”.
لن أجلد احدا، فقط مقدمة لتصورات اضعها بين ايدي المسؤولين والغيورين على ما هو اهم شيء، واساس في حياة الشعوب الاخرى، فتولي الثقافة الميزانية الأعلى عند الكيان الصهيوني لم يأت من فراغ، وأن تكون ميزانية المسرح في لبنان الدولة الصغيرة أعلى من ميزانية وزارة الثقافة في الاردن، شيء يستحق التوقف عنده طويلا.
المطلوب:
وضع استراتيجية مندمجة للتنمية الثقافية؛ بقصد رفع المستوى الثقافي ، والقيام بالدراسات والأبحاث والتحريات اللازمة للتعريف بالعناصر القائم عليها التراث الثقافي واتخاذ التدابير الملائمة للمحافظة عليها وإبراز قيمتها.
كما هو مطلوب السهر على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالمحافظة على التراث الثقافي وحمايته، والنهوض بالإبداع الفني بجميع أشكاله ودعمه، وإعداد التدابير الرامية للنهوض بالكتاب وطبعه ونشره وترويجه ودعم وتنميته، وتقديم الاقتراحات المتعلقة بإعداد سياسة شاملة للنهوض به.
كذلك؛ دعم المؤسسات الفاعلة للاستثمار في ميدان إنتاج الكتاب ونشره وترويجه؛ وتنظيم معارض للكتاب على المستوى الوطني والدولي، والمشاركة في تظاهرات نشر الكتاب وترويجه في الخارج؛ وتنظيم ندوات ولقاءات ومناظرات وطنية ودولية حول الحرف المرتبطة بالكتاب؛
وتشجيع جميع التظاهرات التي من شأنها الإسهام بإطلاق إشعاع الكتاب وتنمية الإبداع الأدبي، بمنح جوائز ومساعدات وإعانات مالية للكتاب وكتبهم.
أيضا لا بد من تتبع أعمال النشر، والنهوض بالقراءة بإحداث مراكز للمطالعة وحملات للتوعية بواسطة حافلات/ مكتبات ومكتبات متنقلة، ودعم وتشجيع النشر باقتناء كتب لفائدة المكتبات العامة؛ واقتراح نصوص تشريعية وتنظيمية لإنجاز كل ذلك، كما ويجب ترجمة الإبداعات الثقافية، ووضع سياسة عامة خاصة بالكتاب والقراءة.
الثقافة؛ جزء من مشروع تنموي ان بقي منغلقا على وزارة هزيلة، فإنه سيشكل خسارة كبيرة للاقتصاد الوطني