ورقة موقف حول تعديلات قانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي المعروضة على مجلس النواب.. صادرة عن مجموعة من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والناشطين الحقوقيين

لقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي خصوصية تميزهما عن غيرهما من التشريعات كونهما من التشريعات التي ترتبط بمعيشة شريحة واسعة من الناس وأسرهم، وتتناول علاقة بين طرفين لهما مصالح متباينة، ما يتطلب أن يراعى عدم طرح أي توجه لإجراء أي تعديل على أي منها إلا بعد حوار اجتماعي مسبق ودراسة شاملة، وأن تبنى على أساس دراسات شاملة لكامل التشريع، وحوار اجتماعي على قاعدة المساواة، وليس على أساس وجهات نظر تراعي مصالح طرف دون آخر.
ومن المستغرب أن يأتي وضع مسودة التعديلات الحالية على القانونين خلال ما يقرب من عام واحد بعد تعديلات واسعة تمت في عام 2023، الأمر الذي يخل بمصداقية الإجراء التشريعي، خاصة وأن ليس فيها أي مبرر أو دافع للاستعجال أو طرحها دون السير بالإجراءات اللازمة لوضع مسودتها.
لا يمكن إنكار إيجابية عدد من التعديلات التي وردت ضمن مسودة القانون المعدل لكل منها، فقد عالجت بعضها عدد من الاختلالات في صياغة مواد قانون العمل في تعديلات 2019، كما اشتملت على تعزيز بعض الحمايات الاجتماعية مثل زيادة إجازة الأمومة إلى 90 يوما واستحداث إجازة وفاة أحد الأقارب، فضلا عن توسيع نطاق الحماية المقدمة للمرأة العاملة من خلال حظر فصلها أثناء الحمل.
إلا أن التعديلات الأخرى التي تتعلق بموضوع إنهاء الخدمة تمثل مساسا خطيرا بحقوق العاملين، إذ تسهل إنهاء الخدمات على نطاق واسع دون رقابة، مما سيؤدي إلى زعزعة استقرار علاقات العمل وتأجيج التوتر بين أطراف العمل والمساس بالأمن الاجتماعي، وكذلك في زيادة معدلات البطالة وانتشار العمالة غير الرسمية.
فالتعديل على المادة 31 يسمح لأصحاب العمل بإنهاء خدمات 15% من العاملين سنويا دون آليات رقابية ودون إشراف آليات الحماية القضائية، وهو أمر لا يمكن القبول به، ومن المستغرب أن تطرحه الحكومة كتعديل في الوقت الذي يفترض فيه أن يكون دورها ضامنا وحاميا لاستقرار علاقات العمل وتعزيز العدالة الاجتماعية، وقد أحسنت لجنة العمل النيابية برفضها الحاسم لهذا التعديل الذي يترك العاملين في مواجهة قرارات تعسفية تفضي إلى فقدان آلاف الوظائف دون مبررات اقتصادية أو فنية حقيقية.
كما أن التعديل المقترح على المادة 108 والذي رفضته لجنة العمل أيضا كان من شأنه أن يضعف من حماية ممثلي النقابات العمالية بإلغاء كافة الحمايات من الفصل من العمل لممثلي العمال، ما يشكل تهديدا لاستقرار العلاقات العمالية ولضمان قدرة العمال على الدفاع عن حقوقهم، وفي هذا السياق، نثمن تراجع الحكومة عن تعديل المادة 25 والذي كان يستهدف منح مجلس الوزراء صلاحية تحديد حالات الفصل التعسفي، بما يؤدي إلى تقييد صلاحيات القضاء في تحديد حالات التعسف بناء على معايير موضوعية تضمن حماية حقوق العمال دون تدخل سلطة تنفيذية قد تتأثر بمصالح متغيرة.
أما فيما يتعلق بتعديلات قانون الضمان الاجتماعي، فإن التحول من نظام تأمين ادخاري إلى نظام تكافلي لتأمين التعطل عن العمل ورغم أنه يعد توجها إيجابيا من حيث المبدأ، ومتماشيا مع معايير العمل الدولية، إلا أنه يتطلب إعادة النظر في موارد صندوق التعطل، فمن غير المقبول أن يتحمل العامل نسبة اشتراك مرتفعة تبلغ 1% من أجره مقابل 0.5% فقط من صاحب العمل؛ إذ أن هذا التفاوت يعد غير عادل في ظل تحول التأمين إلى نظام تكافلي لا يتيح للعامل استرداد ما يدفعه كمدخرات عند انتهاء الخدمة، كما أن تخفيض قيمة راتب التعطل بنسبة 5% شهريا غير مبرر وغير عادل، و سيؤدي إلى وصول الراتب في الشهر الثالث وما بعد إلى نسبة 40% من آخر أجر، وهو أمر لا يفي بالحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة، خاصةً بالنسبة للعاملين ذوي الدخول المحدودة، ونحن نرى بأن من المفروض أن تبقى النسب الحالية كما هي، وعلى أن لا يقل راتب التعطل في جميع الأحوال عن الحد الأدنى للأجور.
كما أن ترك تفاصيل شمول العمل المرن وأنماط العمل غير التقليدية لنظام الضمان إلى نظام تصدره السلطة التنفيذية دون تحديد معايير واضحة في نص القانون نفسه يخل بتحقيق الاستقرار القانوني والتشريعي، إذ ينبغي أن تحدد الخطوط العريضة التي تلتزم بها السلطة التنفيذية عند إصدار الأنظمة لضمان شمول كافة الفئات بصورة عادلة ومستدامة.
وفيما يخص إلزام أصحاب العمل دفع الاشتراكات عن المرأة العاملة خلال إجازة الأمومة، فإننا نرى أن من الأفضل أن يتحمل صندوق تأمين الأمومة هذه الاشتراكات لضمان عدم تأثيرها سلبا على فرص توظيف المرأة واستقرارها الوظيفي وعدم استخدامها كحجة لتقليل فرص تشغيلها.
ندعو مجلس النواب عند مناقشة هذه التشريعات تحت القبة إلى تبني توصيات لجنة العمل النيابية بخصوص قانون العمل، وضمان إجراء حوار اجتماعي شامل وشفاف يستند إلى أسس موضوعية، كما ندعو لجنة العمل النيابية أن تأخذ بعين الاعتبار في مناقشتها للتعديلات المقترحة على قانون الضمان الاجتماعي تبني مبادئ الحماية الاجتماعية والعدالة الاجتماعية ومراعاة ما تم الإشارة إليه أعلاه بشأنها، وأن يؤخذ بعين الاعتبار أن عملية تطوير تشريعات العمل والضمان الاجتماعي يجب أن تكون عملية شاملة تستند إلى دراسة معمقة وحوار متكامل يشارك فيه جميع أصحاب المصلحة لضمان استقرار العلاقات العمالية وتحقيق تنمية مستدامة تخدم مصالح الجميع.
الموقعين:
- حزب الوحدة الشعبية.
- الحزب الشيوعي الأردني.
- حزب الشعب الديمقراطي / حشد.
- حزب جبهة العمل الإسلامي.
- الحزب المدني الديمقراطي.
- الحزب الديمقراطي الاجتماعي الأردني.
- الحزب الوطني الإسلامي.
- حزب العمال
- اتحاد النقابات العمالية المستقلة الاردني.
- الحملة الوطنية للدفاع عن عمال الأردن (صوت العمال)
- مركز الفنيق للدراسات.
- الراصد النقابي لعمال الاردن(رنان)
- المركز الأردني لحقوق العمل.
- النقابة المستقلة لعمال الصناعات الدوائية.
- جمعية معهد تضامن النساء.
- الدائرة العمالية لحزب الوحدة الشعبية.
- نقابة العاملين في مستودعات الأدوية.
- مؤسسة صداقة لبيئة عمل صديقة للمرأة.
- الحملة الوطنية لنظام الهجرة البديل.
- مركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان.
- نهى محريز/ رئيسة جمعية تضامن النساء.
- النقابة المستقلة للعاملين والمتقاعدين من أمانة عمان الكبرى.
- الحملة الوطنية من أجل العدالة في الرعاية الصحية (صحتنا حق)
- النقابة المستقلة للمعطلين عن العمل.
- شبكة المرأة لدعم المرأة.
- مركز عمان لدراسات حقوق الإنسان.
- جمعية رؤى النسائية.
- مركز البديل للدراسات والأبحاث.
- جمعية أنا إنسان لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
- الأستاذ حمادة أبو لجمة/ أمين عام وزارة العمل سابقا.
- الإعلامي موسى الصبيحي/ خبير تأمينات وحماية اجتماعية.
- الدكتور أيمن هلسة/ أستاذ القانون الدولي.
- حسام عايش/ خبير اقتصادي.
- المحامية هالة عاهد/ مدافعة عن حقوق الانسان
- المحامي عامر الدميري/ متخصص في القضايا العمالية.
- الدكتور المحامي عمر العرايشي/ أستاذ جامعي.
- ماجد اللوانسة/ نقابي عمالي.
- المحامي عمرو أبو نزال/ متخصص في القضايا العمالية.
- م. سمير عويس، نائب سابق.
- م. عدنان السواعير، نائب سابق.
- حاتم محسن/ اعلامي ورئيس جمعية المذيعين الأردنيين.
- د. نهاية البرقاوي / رابطة المرأة الأردنية – رما.
- د. محمد البشير / رئيس جمعية مدققي الحسابات سابقاً.
- د. عبدالفتاح الكيلاني / نقيب البيطريين السابق.
- د. سليمان الصويص / ناشط حقوقي
- المحامي نقولا أبو حنك
- الدكتور ماجد عبد العزيز الخواجا / مدير إدارة سابقا وأكاديمي وكاتب صحفي
- الاستاذ الصحافي نبيل غيشان / نائب سابق